انتقل النقاش الدائر حول شبهات ضلوع إسرائيل في عملية اغتيال القيادي في حركة «حماس» محمود المبحوح في إمارة دبي الشهر الماضي، إلى أروقة الكنيست الإسرائيلي حين رفضت رئاسته طلباً للنائب العربي طلب الصانع بطرح «قضية الجوازات المزورة» على جدول أعمال هيئته العامة. واحتج الصانع أمام «لجنة الكنيست» على رفض طلبه، فتحول النقاش عاصفاً اعتبر خلاله أحد نواب اليمين اغتيال المبحوح «فرضاً دينياً». وتساءل الصانع في بداية حديثه عن دوافع رفض طلبه، وقال: «لماذا لا تجري الهيئة العامة للكنيست بحثاً حول الموضوع؟ ماذا وراء الرفض؟ هل رئيس الموساد مئير داغان هو من يقرر المسائل التي يبحث الكنيست فيها؟». وأضاف أن سلوك دولة إسرائيل «مثل سلوك المافيا ... ما جرى هنا جريمة وفقاً للقانون الدولي. كل عملية الاغتيال ضبطت وصورت ويجب التحقيق في الموضوع ... هذه المسألة تعني الجمهور العام، ما يحتم على الكنيست البحث فيها». وتابع: «هل تعتبرون تنفيذ الاغتيال على أراض دولة أخرى انتصاراً؟ هذا عمل إرهابي. ومثلما كان الحال لدى محاولة الموساد اغتيال (رئيس المكتب السياسي لحركة حماس) خالد مشعل في الأردن عام 1997، أيضاً هذه المرة ضُبط العملاء في عيبهم، في كل حركة قاموا بها، حتى في النظارات التي وضعوها، ومن قام بذلك يجب تقديمه للمحاكمة ... في دولة ذات نظام سليم، يدفع رئيس الحكومة الثمن ويستقيل، ولا تتفاجأوا إذا انتظرت أوامر اعتقال (خارج إسرائيل) رئيس الموساد مئير دغان». وأثارت هذه الأقوال حنق أعضاء اللجنة من اليمين الذين حولوا الجلسة إلى هجوم كلامي منفلت على الصانع والنواب العرب. وخلال النقاش الساخن، اعتبر النائب من حزب «ليكود» الحاكم كرمل شما تصفية المبحوح «فَرْضاً (دينياً)!». وقال متباهياً: «إذا كان جواز سفري يساعد في تصفية المبحوح فأنا مستعد لأن أتبرع به ... أنا مستعد أن أتبرع بجوازي سفري العادي والديبلوماسي لاغتيال المبحوح أو أي إرهابي آخر». وتابع: «خسارة أنه لم تتم تصفية المبحوح من قبل ... إسرائيل لا تعترف بأنها نفذت الاغتيال، لكنني سأنزعج جداً في حال تبين أنها ليست هي التي أدت هذا الفرض». وزاد أن مئير دغان «يقوم بعمل جيد في هدوء ... إنه عزيز إسرائيل، حفظه الله». ورد النائب الدكتور أحمد الطيبي على النائب اليميني بالقول إن «البطل الحقيقي ليس دغان، إنما قائد شرطة دبي الذي فضح أمركم وضبطكم عراة». من جهته، أضاف النائب يريف ليفين موجهاً كلامه للصانع: «وهل تعتبر إطلاق الصواريخ (القسام) على الأطفال بطولة؟ كيف لك أن تجلس هنا وتهددنا؟». وفي غضون ذلك، أبدت محافل إسرائيلية ديبلوماسية مخاوفها من أن يتسبب اغتيال المبحوح إلى فتور في العلاقات بين إسرائيل ودول الاتحاد الاوروبي على خلفية تزوير جوازات سفر مواطنين أوروبيين من أجل تنفيذ العملية. وتناولت صحيفة «يديعوت أحرونوت» مشاركة وزير الخارجية الإسرائيلية أفيغدور ليبرمان في اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسيل أول من أمس، وقالت إنه استُقبل «بوجوه متجهمة». ونقلت عن مجلة «دير شبيغل» الألمانية تهديد أعضاء في البرلمان الأوروبي بتجميد المحادثات بين الاتحاد وإسرائيل حول رفع مستوى العلاقات بين الطرفين، وهو ما تسعى إليه تل أبيب منذ سنوات نظراً للفائدة الاقتصادية المتوقع أن تجنيها من مثل هذه الخطوة. وكان من المفترض الاتفاق على رفع مستوى العلاقات العام الماضي، إلا أن الاتحاد أرجأ قراره احتجاجاً على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. ونقلت «دير شبيغل» عن مسؤولين في الاتحاد الأوروبي أن التقارير المتواترة عن ضلوع إسرائيل في اغتيال المبحوح لن تساعد الدولة العبرية في دفع علاقاتها السياسية والديبلوماسية مع الاتحاد. وقال عضو البرلمان الأوروبي مارتين شولتس للصحيفة إن «رغبة إسرائيل في رفع مستوى علاقاتها مع الاتحاد تلقت ضربة شديدة في أعقاب عملية القتل في دبي، وأخشى أن تكون لهذه القضية انعكاسات سلبية على العلاقات معنا». إلى ذلك، أضافت المجلة الألمانية أن مسؤولين حكوميين في ألمانيا يطالبون بأن تكف الحكومة الألمانية عن التعامل «بقفازات من حرير» مع الدولة العبرية في قضية اغتيال المبحوح، وتطالب بإجراء تحقيق معمق وجاد خصوصاً في مسألة تزوير جوازات سفر أوروبية.