انطلقت الدفعة الثالثة (130 متضرراً) من متضرري كارثة السيول أمس من مقر إدارة الدفاع المدني في محافظة جدة إلى منازلهم وأسرهم لبدء رحلة البناء والترميم، تمهيداً للعودة إلى حياتهم الطبيعية بعد تسلمهم شيكات التعويضات التي أمر بصرفها خادم الحرمين الشريفين عبر لجنة شكلتها وزارة المالية لهذا الغرض. وانقسمت مشاعر المتضررين في ثالث أيام عملية صرف تعويضات السيول التي اجتاحت مدينة جدة قبل نحو ثلاثة أشهر، بين مغادر «مستبشر» لمقر اللجنة يحمل «شيكاً» مجزياً مسح عنه عناء الشتات، وبين آخر «حزين» كست محياه ملامح الخيبة لأنه لم يجد اسمه بين قوائم لجنة التعويضات، أو عجز عن توفير متطلباتها. ومن داخل الصالة المخصصة لصرف التعويضات في «مدني جدة» خرج المواطن المتضرر أحمد الصحفي ( 48 عاماً) سعيداً بالمبلغ المالي الذي تسلمه من اللجنة كتعويض لأضرار طاولت الطابق الأرضي والمحال التجارية في منزله، الذي يقع خلف شارع «جاك» في حي قويزة. وذكر الصحفي ل«الحياة» أنه سعيد جداً بالمبلغ الذي تسلمه من اللجنة (رفض أن يفصح عن مقداره)، مشيداً في الوقت ذاته بالخدمات التي قدمها «الدفاع المدني» ولجان وزارة المالية. وأضاف أن الحكومة وقفت مع المتضررين في هذه المحنة، مشدداً على أن المبالغ المالية «تكفي وزيادة»، إذ أرضت المتضررين وأثلجت صدورهم وأزالت عنهم تبعات الكارثة. ويؤكد المتضرر أحمد محمد (عسكري) على كلام سابقه، إذ قدّم شكره للقيادة التي شدد على أنها «تقف مع الشعب في كل صغيرة وكبيرة». وقال ل «الحياة»: «وجدنا من يمسح دموعنا ويلم شتاتنا، ويعوضنا عن مصابنا، فالشكر قليل في حق هذه القيادة الرشيدة، التي وضعت المواطن نصب أعينها، وحرصت على دعمه بشتى الوسائل بشكل متواصل». وحفلت صالة صرف التعويضات بقصص شتى لمتضررين نكّلت بهم السيول وطبّبت المبالغ المصروفة لهم جراحاً نكأها «الأربعاء الأسود»، وتحكي أم عبدالرحمن قصتها ل «الحياة» قائلة: «غرق منزلنا الذي يقع في قويزة في السيول، وتجمعت المياه داخله وغرق الأثاث بأكمله». وفيما تؤكد أنها أم لثلاثة أطفال يعمل والدهم في المدينةالمنورة ويزور أسرته بين الفينة والأخرى، أضافت: «بعد الكارثة أصبحت جميع المنازل غير مؤهلة للسكن واضطررنا لمغادرتها وتم نقلنا للشقق المفروشة وبعد كشف الدفاع المدني على منزلنا صرفت لنا إعانات كانت على ثلاث دفعات، إذ صرف لنا أولاً مبلغ يقارب 2000 ريال وبعدها تسلمنا 5000 ريال، ثم صرف لنا مبلغ 7000 ريال، وكانت الجهات الحكومية متعاونة مع المتضررين على رغم المشكلات التي كانت تحدث ومطالب البعض بصرف إعانات لهم على رغم عدم حاجتهم لها». ولفتت أم عبدالرحمن إلى أن آخر إعانة لهم كانت مع الدفعة الثالثة وذلك لأن منزلها قابل للسكن ولكن يحتاج لأثاث حتى يستطيعوا العيش في المنزل. وفي الجانب الحزين من المشهد داخل الصالات، وقفت سارة بخش أم لأربعة أطفال (30 عاماً) لتقول ل«الحياة»: «أصيب زوجي في عاموده الفقري ما اضطره للبقاء في المنزل قبل الكارثة بفترة وجيزة، وبعدما هطلت الأمطار لتأخذ معها جميع الأجهزة وأبواب المنزل». واستدركت: «لا يستطيع أبنائي الذهاب معي إلى كل مكان أذهب إليه حتى أسال عن الإعانات ولليوم لم يصرف لنا أي مبلغ، كما أننا بتنا لا نستطيع المكوث في الشقة التي كنا نسكنها بعد حدوث الكارثة أكثر من ذلك، ونحن لا نملك المال أو أي مصدر رزق حتى نستطيع أن نستأجر منزلاً، ونظراً إلى أن زوجي عاجز عن العمل تماماً (كما أسلفت) اضطررنا على الإقامة في منزل أخي يوماً وعند خالي يوماً آخر».