في دوري يلو .. الصفا يتغلب على أحد بثلاثية    عروض المناطيد المضيئة تتلألأ في سماء "شتاء جازان 25"    برعاية نائب أمير منطقة مكة المكرمة.. انطلاق مؤتمر طب العيون 2024    النصر يتغلّب على الرياض بهدف في دوري روشن للمحترفين    القبض على شخص بمنطقة الجوف لترويجه مادة الحشيش المخدر    المملكة تختتم مشاركتها في المنتدى الحضري العالمي wuf12 بالقاهرة    فان نيستلروي فخور بمسيرته كمدرب مؤقت مع يونايتد ويتمنى الاستمرار    مدرب الأخضر يضم محمد القحطاني ويستبعد سالم الدوسري وعبدالإله المالكي    حائل: القبض على شخص لترويجه أقراصاً خاضعة لتنظيم التداول الطبي    ميتروفيتش يبتعد عن بنزيما ورونالدو    المملكة تؤكد التزامها بالحفاظ على التراث الثقافي    ممثل رئيس إندونيسيا يصل الرياض    انطلاق أعمال ملتقى الترجمة الدولي 2024 في الرياض    زلزال بقوة 6.2 درجات يضرب جنوبي تشيلي    جمعية الدعوة في العالية تنفذ برنامج العمرة    ترقية بدر آل سالم إلى المرتبة الثامنة بأمانة جازان    «سدايا» تفتح باب التسجيل في معسكر هندسة البيانات    الأسهم الاسيوية تتراجع مع تحول التركيز إلى التحفيز الصيني    انطلاق «ملتقى القلب» في الرياض.. والصحة: جودة خدمات المرضى عالية    تقرير أممي يفضح إسرائيل: ما يحدث في غزة حرب إبادة    فرع هيئة الهلال الأحمر بعسير في زيارة ل"بر أبها"    خطيب المسجد النبوي: الغيبة ذكُر أخاك بما يَشِينه وتَعِيبه بما فيه    أمانة الطائف تجهز أكثر من 200 حديقة عامة لاستقبال الزوار في الإجازة    رفع الإيقاف عن 50 مليون متر مربع من أراضي شمال الرياض ومشروع تطوير المربع الجديد    المودة عضواً مراقباً في موتمر COP16 بالرياض    خطيب المسجد الحرام: من صفات أولي الألباب الحميدة صلة الأرحام والإحسان إليهم    في أول قرار لترمب.. المرأة الحديدية تقود موظفي البيت الأبيض    دراسة صينية: علاقة بين الارتجاع المريئي وضغط الدم    حسم «الصراعات» وعقد «الصفقات»    «مهاجمون حُراس»    محافظ محايل يبحث تطوير الخدمات المقدمة للمواطنين    شرعيّة الأرض الفلسطينيّة    جديّة طرح أم كسب نقاط؟    الموسيقى.. عقيدة الشعر    في شعرية المقدمات الروائية    مهجورة سهواً.. أم حنين للماضي؟    لحظات ماتعة    حديقة ثلجية    متى تدخل الرقابة الذكية إلى مساجدنا؟    لصوص الثواني !    محمد آل صبيح ل«عكاظ»: جمعية الثقافة ذاكرة كبرى للإبداع السعودي    فراشة القص.. وأغاني المواويل الشجية لنبتة مريم    فصل الشتاء.. هل يؤثّر على الساعة البيولوجية وجودة النوم؟    منجم الفيتامينات    قوائم مخصصة في WhatsApp لتنظيم المحادثات    أُمّي لا تُشبه إلا نفسها    أنماط شراء وعادات تسوق تواكب الرقمنة    الأزرق في حضن نيمار    رحلة طموح    الحرّات البركانية في المدينة.. معالم جيولوجية ولوحات طبيعية    الناس يتحدثون عن الماضي أكثر من المستقبل    من توثيق الذكريات إلى القصص اليومية    أمير الباحة يستقبل مساعد مدير الجوازات للموارد البشرية و عدد من القيادات    أمير تبوك يبحث الموضوعات المشتركة مع السفير الإندونيسي    التعاطي مع الواقع    ليل عروس الشمال    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني وفريق عملية زراعة القلب بالروبوت    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسلسلان عن الملكة نازلي... لا عجب ولكن
نشر في الحياة يوم 23 - 02 - 2010

لم يستهوِ نجيب محفوظ أيٌّ من كتاب ومخرجي وصناع الدراما والسينما في مصر، لإنجاز مسلسل أو فيلم عنه، على رغم قيمته الأدبية، وعالمية منجزه الروائي، وتنوع محطات حياته طوال نحو 88 سنة. ويعود السبب إلى أن حياة الكاتب العربي الوحيد الذي نال جائزة نوبل في الآداب تخلو من أي دراما، أي من أي إشكالات أو صراعات أو توترات أو انعطافات خاصة. وتخلو أيضاً من أي تجارب إنسانية أو سياسية مثيرة، باستثناء تعرضه لمحاولة اغتيال بضربة سكين، أقدم عليها شاب لم يقرأ له حرفا. عاش محفوظ موظفاً لسنوات، ثم تقاعد، وظلّ يكتب وينشر روايات، وكان يقضي أوقاته بين الكتابة والمقام في المنزل وتصفح الجرائد ولقاء أصدقائه في المقهى، وكل هذه «التفاصيل» ربما تكفيها ساعة تلفزيونية، أغلب الظن أنها لن تكون جذابة جماهيرياً.
يأتي إلى البال أن حياة محفوظ لم تستثر أهل السينما والتلفزيون، هو الذي كسبت الشاشتان عشرات الأعمال من أعماله، بمناسبة أخبار تتوالى عن مسلسلين يتم الإعداد لهما، وقد يعرضان في موسم رمضان المقبل، عن حياة الملكة نازلي، والدة الملك فاروق. يتردد أن اللبنانية نيكول سابا (أو وفاء عامر) والنجمة ناديا الجندي ستكونان بطلتيهما. وما زال في البال أن الملكة حضرت في مسلسل الملك فاروق، وتبينت لمشاهديه مقادير ليست قليلة من التوتر كانت عليها حياتها، منذ اقترنت بالملك فؤاد صغيرة، حتى رحيلها عن مصر إلى أميركا قبل ثماني سنوات من خلع عرش نجلها، مروراً بمحطات صاخبة في علاقتها به، وصلة الحب، وربما الزواج السري الذي أقامته مع حسنين باشا، أحد أهم شخصيات القصر الملكي في أولى سنوات الأربعينات، قبل وفاته في حادث سير.
لم يكن مسلسل لميس جابر وحاتم علي مشغولاً بالملكة نازلي، حتى يشخّص وقائع شديدة الدرامية لاحقة في حياة هذه المرأة التي لم تتواصل مع ابنها، حتى في بقية عمره في المنفى في إيطاليا، واكتفت تالياً بحضور جنازته في 1965. عاشت في الولايات المتحدة 30 سنة، منذ 1946 حتى وفاتها في 1978، وهناك تبددت ثروتها وأعلن إفلاسها، وبيعت مجوهراتها الملكية في مزاد علني. وختمت حياتها مرتدية جلباباً بسيطاً في حي فقير في لوس أنجليس. وقيل إنها ارتدّت عن الإسلام واعتنقت المسيحية، كما ابنتها الصغرى الأميرة فتحية التي كانت معها وقتلها زوجها هناك، ورافقتها في سنوات غربتها أيضاً إلى مطالع السبعينات ابنتها الأخرى الأميرة رقية. كل هذه الوقائع، الشديدة الإيجاز هنا، (وغيرها طبعاً)، تتوافر على كل ما هو شهيّ لصناعة مسلسل درامي شائق، فيه الغنى الفاحش يليه الإفلاس المدقع، الرغد في القصور ثم الوحشة في المنفى، الحب والصراع والقتل والتوتر. باختصار، تيسّر حياة الملكة نازلي مادة لمسلسل رائق، وربما ممتع ومفيد، من ثلاثين حلقة جذابة قصصياً وإنسانياً، لا سيما إذا تهيأت له كتابة علمية موثقة، أمينة للتاريخ، مضيئة للبيئات السياسية والثقافية والاجتماعية في نحو ثمانية عقود عاشتها الملكة... وإذا ما تهيأ له الإتقان الفني اللازم في الإخراج وإجادة الأداء في التمثيل والتشخيص والتعبير، خصوصاً أن آلاماً نفسية ومناخات كثيرة من تحولات الذات البشرية وقلقها واضطراباتها، مرت بها نازلي وأسرتها وبناتها.
قراءة سيرة الملكة المصرية الراحلة لا تبعث على الإعجاب بها وبشخصيتها، لا سيما أنها لم تقدّم في حياتها منجزاً إنسانياً أو وطنياً لافتاً لبلدها ولمواطنيها. ربما تتسرب مقادير من التعاطف معها، خصوصاً في بعض محطات حياتها الأولى، وقد عاشت في أجواء من الضغط وشيء من العسف أثناء زواجها من الملك فؤاد، على رغم أنها ثاني زوجتيه، وأنجبت له ولي العهد. وإلى خلو هذه السيرة من أي مآثر عامة، فإن قارئها في غير كتاب يكاد لا يقع على مزايا شخصية محببة، كانت عليها تلك الملكة الحائرة والمضطربة. ولذلك، سيكون أي مسلسل عن حياتها مشوقاً، على صعيد حكايته ومسار حدوتته وتحولات قصته الطويلة، غير أنه لا ينبغي أن تُضعفه رغبة صناعه بأن يُحدِثوا لدى مشاهديه تعاطفاً غامراً وحباً وفيراً وإعجاباً كثيراً تجاه الملكة نازلي.
وإذ يكون مسوغاً انتظار مسلسلين في موسم رمضاني واحد عن شخصية واحدة، سيكون متوقعاً أن تنعقد المقارنات بينهما، على مستويات الإجادة في الكتابة والتمثيل والإخراج، وأغلب الظن أن النص كلما قلّت فيه مقادير التعاطف والحنو والإعجاب تجاه والدة الملك فاروق أثناء مُقامها في مصر وجولاتها وإقاماتها المتقطعة في رحلات إلى سويسرا وهنغاريا وفلسطين، ثم في مكوثها الدرامي المديد في أميركا، كان أكثر متانة، وإخلاصاً للحقيقة، وأمانة أمام المشاهدين... بالتالي أكثر جاذبية وإفادة وإمتاعاً، ونحن في انتظار أن نشاهد هذا كله في العملين التلفزيونيين، ليكون التنافس بينهما في محله، وليس في مطارح أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.