ازداد الانقسام في تركيا حول أزمة الحرب بين القضاة، إثر قيام الهيئة العليا للقضاة بعزل قاضي التحقيق أرزروم عثمان شانال ومساعديه الثلاثة بتهمة تجاوز صلاحياتهم، بعد أن أمر باعتقال مدعي التحقيق في محكمة ارزنجان الهان جيهانر بتهمة الانتماء إلى تنظيم «أرغينيكون» الانقلابي الذي يحاكم أعضاؤه في اسطنبول. وفي حين تحتج الحكومة على قرار الهيئة العليا للقضاة وتعتبره تدخلاً سافراً في مسار قضية أرغينيكون، قد يؤدي إلى التستر على مسؤولين مهمين متعاونين مع التنظيم، تشكك المعارضة والجيش في نزاهة قاضي تحقيق أرزروم ومساعديه، ويعتقدان بأنهم على علاقة بتنظيمات إسلامية وإن هدفهم كان الانتقام من القاضي جيهانر الذي كان يحقق في قضية ضد جماعة إسماعيل آغا النقشبندية، واتهمها بالسعى إلى إقامة نظام حكم إسلامي في تركيا. ويشتد الانقسام بسبب احتمال تورط قائد الجيش الثالث الجنرال صالدراي بيرك الذي يخدم في أرزنجان أيضاً والمشتبه بقربه وتعاونه مع قاضي التحقيق جيهانر المعتقل في قضية أرغينيكون، أي إن القضاء يبدو منقسماً على نفسه وبقوة بين مؤيد لنظرية الحكومة بوجود عصابات انقلابية تسعى للإطاحة بها ومتجذرة داخل أجهزة الدولة وفي الجيش خصوصاً، وبين المعارضة والجيش اللذين يعتبران قضية أرغينيكون ستاراً لتصفية صلاحيات العسكر على الساحة السياسية وترويض الجيش والقضاء والإعلام لخدمة الحكومة ومشاريعها، من خلال تلفيق اتهامات لم تثبت بعد حول سعي هؤلاء للإعداد لانقلاب عسكري. وقد زاد الانقسام والتوتر بعد تسريب جهات مجهولة لتسجيل صوتي لقائد الأركان الجنرال ألكر باشبوغ، خلال لقاء خاص ساخن مع قادة جيشه عقد قبل أيام في بروكسيل، على هامش اجتماعات حلف الأطلسي. ويتطرق باشبوغ في التسجيل إلى الخروقات الأمنية في المؤسسة العسكرية التي تؤدي إلى تسريب وثائقه ومستنداته السرية إلى الإعلام. ويسأل عن خلفية ما حدث من سجال داخل مؤسسة القضاء. وكأن من سرّب التسجيل يريد أن يقول لقائد الأركان أنه يستطيع أن يتجسس عليه ويتابع أخباره حتى لو كان خارج تركيا. ويقول مسؤولو حزب الشعب الجمهوري إن الحكومة تسعى من خلال هذه الأزمة مع القضاء إلى ترويضه وزرع رجالها بين صفوفه، خصوصاً أنها تعدّ لتعديل دستوري يحدّ من صلاحيات الهيئة العليا للقضاة التي تتمتع باستقلالية كبيرة وإخضاعها لأوامر وتعليمات الحكومة من خلال ربطها بوزارة العدل مباشرة، وربط صلاحياتها بصلاحيات وزير العدل. وتأتي هذه الخطوة بالتزامن مع استعداد الرئيس عبدالله غل المقرب من الحزب الحاكم لتغيير تركيبة قضاة المحكمة الدستورية العليا، بعد تقاعد بعض قضاتها وتعيينه قضاة يثق بهم ويؤيدون نهج حكومة رجب طيب أردوغان. وتشير المعارضة أيضاً إلى سيطرة رجال الأعمال المقربين من أردوغان على أكثر من 60 في المئة من وسائل الإعلام بعد حملة شراء مكثفة لمؤسساتها، وإخضاع الباقية منها لعقوبات مالية قاسية بحجة التهرب من الضرائب. واعتبر دنيز بايكال زعيم المعارضة البرلمانية أن حزب العدالة والتنمية يقود تركيا نحو ديكتاتورية الحزب الواحد، وأن حكومة أردوغان ببطء تنفذ انقلاباً أبيض.