ما زال الارتباك والانقسام سيدي الموقف لدى الأوروبيين ازاء تدفق عشرات آلاف اللاجئين الهائمين على طرقاتهم، بينما أقرّ البرلمان الأوروبي أمس، الإجراءات العاجلة التي اقترحها رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر لتحسين توزيع استقبال اللاجئين على الدول الأعضاء واقتراحه انشاء آلية توزيع دائمة. ودعا النواب الأوروبيون إلى عقد مؤتمر دولي يجمع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدةوالولاياتالمتحدة ودولاً عربية لمحاولة إنهاء أخطر أزمة تواجه القارة العجوز منذ الحرب العالمية الثانية. وصوّت البرلمان الأوروبي لمصلحة اقتراحات يونكر باستقبال 160 ألف طاب لجوء سيتم نقلهم من اليونان وهنغاريا وإيطاليا، اضافةً إلى آلية توزيع دائمة وملزمة للتعامل مع حالات الطوارئ في المستقبل. وتمت الموافقة على القرار غير الملزم بغالبية 432 صوتاً في مقابل 142 رافضاً، فيما امتنع 57 عن التصويت. وفي مؤشر إلى وصول تبعات هذه الأزمة إلى أبعد من أوروبا، أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري أول من أمس، أن بلاده تدرس استقبال المزيد من اللاجئين السوريين. ووعدت الخارجية الأميركية باستضافة 5000 إلى 8000 لاجئ سوري في الولاياتالمتحدة مع حلول خريف عام 2016 فيما كانت تكتفي باستقبال 1500 منذ عام 2011. في غضون ذلك، أعلن ناطق باسم الشرطة الهنغارية أن حوالى 3700 شخص تدفقوا على النمسا عبر حدود هنغاريا أمس، ما يمثل زيادة كبيرة في أعداد المهاجرين تزيد من الضغوط على السلطات النمسوية التي تحاول ترتيب وسائل لنقلهم إلى ألمانيا. وأضاف الناطق أن موجة المهاجرين الجديدة التي عبرت الحدود بدأت عند منتصف الليل تقريباً، قائلاً إنه يتوقع المزيد. كذلك وصل 5 آلاف مهاجر بينهم لاجئون فارون من النزاعات في الشرق الأوسط خلال الساعات ال 24 الماضية إلى الحدود بين صربيا وهنغاريا، وهو رقم قياسي وفق التلفزيون الصربي. إلى ذلك، أعلنت شركة سكك الحديد الدنماركية أمس، أن رحلات القطارات إلى ألمانيا استُؤنِفت أمس، غداة تعليقها من قبل الشرطة بسبب تدفق اللاجئين. وكانت الشرطة الدنماركية أمرت بوقف هذه الرحلات على الخطوط الأساسية مع ألمانيا بعدما رفض مئات المهاجرين القادمين من ألمانيا في طريقهم إلى السويد النزول من القطار عند وصولهم الى الدنمارك. وذكرت شركة سكك الحديد أن الخدمات في اتجاه ألمانيا استسؤنِفت في شكل طبيعي أمس، من طريق الحدود البرية في بادبورغ أقصى جنوب الدنمارك، لكنها أوضحت أن العبّارات ستبقى مغلقة في وجه القطارات «بسبب مهمة الشرطة على الحدود». وأعلنت «سكانلاينز» الشركة المشغّلة للعبّارات أن المسافرين في سيارات فقط سيُقبَلون في الرحلات بين رودبي وبوتغاردن في ألمانيا. من جهة أخرى، أعلن سيغمار غابريال نائب المستشارة الألمانية أنغيلا مركل أمام البرلمان أمس، أن 450 الف لاجئ وصلوا إلى ألمانيا منذ بداية العام، بينهم 37 ألفاً في الأيام ال 8 الأولى من أيلول (سبتمبر) الجاري. وقال غابريال إن «أكثر من مئة ألف آخرين سيسجَلون في أيلول». وأضاف: «هذا يثبت بصراحة أن تقاسم عبء 160 ألف لاجئ في أوروبا ليس سوى خطوة أولى»، مضيفاً: «يمكننا القول أيضاً إنه نقطة في بحر». هذا وأجرى الجيش الهنغاري مناورات عسكرية في جنوب البلاد استعداداً لاحتمال تكليفه بمهمة مراقبة الحدود ما إن تدخل القوانين الجديدة لمكافحة الهجرة حيّز التنفيذ. وأفادت بيانات على الموقع الرسمي للشرطة الهنغارية بأنها احتجزت عدداً قياسياً من المهاجرين أول من أمس، بلغ 3321 شخصاً وهو أكبر عدد تحتجزه من طالبي اللجوء في يوم واحد هذا العام علاوة على 3313 مهاجرا اعتقلتهم الخميس الماضي. وبلغ عدد الوافدين إلى هنغاريا هذا الشهر حوالى 22 ألفاً. في المقابل، أعلنت إرلندا أمس، إنها ستستقبل مزيداً من اللاجئين مع تفاقم أزمة المهاجرين التي تواجهها أوروبا ليرتفع بذلك عدد الوافدين المتوقع أن تستقبلهم إلى نحو 4 آلاف. وذكر وزير العدل فرانسيس فيتزجيرالد أن دبلن وافقت على استقبال عدد أكبر من المهاجرين يصل إلى 2900 عن العدد المحدد سلفاً. وكانت تعهدت بالفعل باستقبال 600 شخص ويجري حالياً اعادة توطين 520 آخرين. وقال فيتزجيرالد: «نشعر جميعاً بالصدمة والانزعاج من المشاهد في جنوب ووسط أوروبا والمشاهد المؤلمة خلال عمليات الإنقاذ في البحر المتوسط. الشيء الصائب الوحيد هو أن نفعل كل ما في وسعنا كدولة لتقديم المساعدة». و قالت رئيسة وزراء بولندا إيفا كوباتش أمس، إنه ليس بوسع بلادها استقبال مهاجرين لأسباب اقتصادية، لكن من واجبها قبول اللاجئين الفارين من الحروب. وذكرت كوباتش: «من واجبنا قبول اللاجئين الفارين من أجل إنقاذ أرواحهم». وأضافت أنه يجب على بولندا أن تتقاسم مسؤولية اللاجئين مع بقية أوروبا إذ قد تواجه تدفق لاجئين من أوكرانيا إذا ما اشتد الصراع في المناطق الشرقية هناك. في سياق متصل، اقترحت النروج استضافة مؤتمر دولي للمانحين لمساعدة ملايين السوريين الذين شردهم النزاع الدائر في بلادهم منذ عام 2011.