عاود السفير الأميركي في لبنان ديفيد هيل تحركه بعيداً من الأضواء في محاولة لاسترضاء رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي العماد ميشال عون من خلال ترقية ضباط من رتبة عميد إلى لواء بينهم قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز، لتقديره أنه لا بد من إعطائه ثمناً مقابل تفعيل الحكومة من جهة ولخفض منسوب الحراك الشعبي عبر إيجاد حل موقت لأزمة النفايات، من جهة ثانية، من دون أن يأخذ على عاتقه أن تقنع ترقية الضباط عون بعدم مقاطعة جلسات مجلس الوزراء. ويلاقي هيل في منتصف الطريق وزير الصحة وائل أبو فاعور الذي عاود تحركه بطلب من رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط بحثاً عن حل متوازن للنفايات وعن صيغة لترقية روكز. وتردد أن أبو فاعور التقى الأخير ليل أول من أمس، في أعقاب زيارة وزير التربية الياس بوصعب رئيس الحكومة تمام سلام ناقلاً إليه اقتراح عون (مكتوباً) حول ترقية الضباط وفيه انه يطالب بجمع «أفواج النخبة» في الجيش تحت إمرة روكز بعد ترقيته إلى لواء. لكن هذا الاقتراح قوبل برفض من سلام وأطراف عدة مشاركين في الحكومة إضافة إلى جنبلاط وهيل وقائد الجيش العماد جان قهوجي «لأنه يضعف صلاحية الأخير في الإمرة العسكرية ويخلق إرباكاً في إدارة قطعات واسعة من المؤسسة العسكرية لأنه اقتراح يعطي لروكز القدرة على أن يصبح بمثابة قائد عملاني للجيش من دون تعيين، فيما يتحول القائد الحالي إلى مدير إدارة». وقالت مصادر وزارية ل «الحياة» إن ترقية عمداء في الجيش إلى رتبة لواء لا تحتاج إلى تعديل في قانون الدفاع الوطني ويكفي أن يوافق عليها مجلس الوزراء بطلب من وزير الدفاع سمير مقبل بعد أن يستأنس برأي العماد قهوجي حول ما إذا كانت هناك حاجة لهذه الترقيات ولن يكون لها تأثير سلبي على الهيكلية التنظيمية للمؤسسة العسكرية. لكن المصادر نفسها لفتت إلى أن إسناد الإمرة لروكز بعد ترقيته إلى لواء على أفواج «النخبة» في الجيش يحتاج إلى تعديل في قانون الدفاع لأنه يتعلق باستحداث وظائف جديدة في المؤسسة العسكرية، خصوصاً إذا جاءت التعديلات المقترحة على قياس أشخاص بدلاً من أن تأتي تلبية لاحتياجات المؤسسة. وأكدت المصادر الوزارية أن رفض معظم الأطراف اقتراح عون هذا يعود إلى أنه يؤدي إلى التضارب في الصلاحيات المناطة بالعماد قهوجي والأخرى المستحدثة لروكز. وقالت إن الاقتراح عرض على تيار «المستقبل»، بما فيه ترقية الضباط فكان واضحاً في جوابه لجهة إحالتهم على العماد قهوجي لأنه الأدرى من غيره بشؤون المؤسسة العسكرية. ورأت المصادر نفسها أن سحب اقتراح عون من التداول لم يقفل الباب أمام البحث عن آلية لترقية عمداء في الجيش إلى رتبة لواء، مع مراعاة التوازن الطائفي في المؤسسة التي يشرف على أوضاعها مباشرة مجلس عسكري برئاسة قهوجي وعضوية 5 ضباط برتبة لواء وهؤلاء ينتمون إلى الطوائف الست الأساسية في لبنان. واعتبرت أن التوافق على ترقية ضباط لإعادة تشكيل المجلس العسكري سيطرح في المقابل إعادة تشكيل مجلس قيادة قوى الأمن الفاقد للنصاب حالياً، نظراً إلى ضرورة التلازم بين تشكيل هذين المجلسين. وسألت المصادر: «هل إن إعادة الاعتبار إلى الحكومة تتوقف على ترقية الضباط وإيجاد حل متوازن لطمر النفايات، أم أن بعض الأطراف ليسوا على استعداد لتقديم «هدية» سياسية لتفعيل الحكومة من دون ثمن سياسي يقترب من حدود انتزاع اعتراف من فريق «14 آذار» وآخرين في مجلس الوزراء يقضي بمقايضتها بأمور ذات صلة مباشرة بإعادة تأسيس النظام اللبناني وتغيير الصيغة اللبنانية؟ كما سألت عما إذا كان عون مستعداً في حال إعطائه ثمناً ما للتنازل عن ترشحه لرئاسة الجمهورية أم انه يتبع مع خصومه سياسة خذ وطالب وهذا ما لقي تفهماً من هيل الذي أيد فكرة أن لا بد من إعطائه ثمناً ما؟ ويؤكد أحد الوزراء أن أزمة النفايات سترمي بثقلها على طاولة الحوار اليوم وأن سلام «سيقول كلمته ولن يكون لقمة سائغة وسيضع النقاط على الحروف كونه حارس الهيكل في ظل تعذر انتخاب الرئيس. لكن هناك من يصر على أن يصادر منه موقعه ويتصرف كأننا في مرحلة تأسيسية وليست انتقالية تنتهي مع الإسراع في انتخاب الرئيس». وكان وزير الزراعة أكرم شهيب أنهى أمس مشاوراته مع مكونات في الحكومة في شأن خريطة الطريق التي أعدها بالتعاون مع اختصاصيين بيئيين، لجمع النفايات وطمرها في إطار خطة مرحلية موقتة لسنة ونصف السنة ريثما يتم استدراج عروض لتلزيم النفايات وجمعها وإنشاء محارق. وقال شهيب ل «الحياة»، إن الخطة «باتت مكتملة وسأعرضها على الرئيس سلام (التقاه مساء أمس) لاتخاذ القرار النهائي، مع أن البدء بتنفيذها لا يستدعي انعقاد مجلس الوزراء لإقرارها طالما أنها لا تلحظ إجراء مناقصات الآن». وأكد شهيب أنه تواصل مع جميع الأطراف في الحكومة والتقى أمس رئيس حزب «الطاشناق» النائب هاغوب بقرادونيان، والمعاون السياسي لرئيس البرلمان وزير المال علي حسن خليل، إضافة الى تواصله مع «ح\زب الله» من خلال الوزير حسين الحاج حسن، وقال إن لا مشكلة مع الأخير في الخطة ونطلب مساعدته للبحث عن مواقع في البقاع لطمر النفايات. وقال إنه ينتظر جواباً نهائياً من «الطاشناق» حول إعادة فتح مطمر برج حمود، مع أن العرض الذي قدمه في هذا الخصوص يستوفي جميع الشروط البيئية والصحية. وإذ رفض شهيب تحديد المواقع التي أدرجها ضمن الخطة لطمر النفايات قال: «انتظروا منا مفاجأة، وأنا قمت بواجبي على أكمل وجه، وليتحمل كل طرف مسؤوليته، ولن أدخل في سجال مع أحد وحرصت على أن تكون الخطة متوازنة».