أمير الشرقية يستقبل الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير محمية الملك عبدالعزيز الملكية    الموافقة على الإطار العام الوطني والمبادئ التوجيهية للاستثمار الخارجي المباشر    أمريكا تختار الرئيس ال47.. ترمب أم هاريس؟    مقتل 37 فلسطينياً.. مجزرة إسرائيلية في قطاع غزة    الاستخبارات الأمريكية تكثف تحذيراتها بشأن التدخل الأجنبي في الانتخابات    بدء الاقتراع الرئاسي في نيوهامبشر بالولايات المتحدة    الأكبر في الشرق الأوسط.. مقر عالمي للتايكوندو في الدمام    رابطة محترفان التنس..سابالينكا تحجز مقعداً في نصف النهائي.. ومنافسات الغد تشهد قمةً بين إيغا وجوف    منتدى "بوابة الخليج 2024" يختتم أعماله بإعلانات وصفقات تفوق قيمتها 12 مليار دولار    كيف يعود ترمب إلى البيت الأبيض؟    محافظ الخرج يستقبل مدير عام فرع هيئة الأمر بالمعروف بالرياض    انعقاد مؤتمر الأمراض المناعية في تجمع عالمي وطبي    أمين عام رابطة العالم الإسلامي يرأّس اجتماع المؤسسة الثقافية الإسلامية بجنيف    أطفال اليمن يتألقون بتراثهم الأصيل في حديقة السويدي    "الصناعة والثروة المعدنية" تعلن فوز 11 شركة محلية وعالمية برخص الكشف في 6 مواقع تعدينية    الطائرة الإغاثية السعودية ال19 تصل إلى لبنان    المملكة تثري الثقافة العربية بانطلاق أعمال مبادرتها "الأسبوع العربي في اليونسكو" في باريس    توقعات بهطول الأمطار الرعدية على 5 مناطق    مركز مشاريع البنية التحتية بالرياض يشارك في المنتدى الحضري العالمي الثاني عشر بالقاهرة    أرباح «أرامكو» تتجاوز التوقعات رغم تراجعها إلى 27.56 مليار دولار    إشكالية نقد الصحوة    الاتفاق يواجه القادسية الكويتي في دوري أبطال الخليج للأندية    الاختبارات.. ضوابط وتسهيلات    الهلال يمزق شباك الاستقلال الإيراني بثلاثية في نخبة آسيا    المملكة تستحوذ على المركز الأول عالمياً في تصدير وإنتاج التمور    تركيا: نستهدف رفع حجم التجارة مع السعودية إلى 30 مليار دولار    «جاهز للعرض» يستقطب فناني الشرقية    «التعليم»: 5 حالات تتيح للطلاب التغيب عن أداء الاختبارات    الأسمري ل«عكاظ»: 720 مصلحاً ومصلحة أصدروا 372 ألف وثيقة    سلوكيات خاطئة في السينما    إعادة نشر !    «DNA» آخر في الأهلي    المحميات وأهمية الهوية السياحية المتفردة لكل محمية    العلاج في الخارج.. حاجة أم عادة؟    للتميُّز..عنوان    لماذا رسوم المدارس العالمية تفوق المدارس المحلية؟    غيبوبة توقف ذاكرة ستيني عند عام 1980    " المعاناة التي تنتظر الهلال"    في الجولة الرابعة من دوري أبطال أوروبا.. قمة بين ريال مدريد وميلان.. وألونسو يعود إلى ليفربول    تنوع تراثي    الأمير تركي بن طلال يستقبل أمير منطقة الجوف    الأمير عبدالعزيز بن سعود يتابع سير العمل في قيادة القوات الخاصة للأمن والحماية    نحتاج هيئة لمكافحة الفوضى    في شهر ديسمبر المقبل.. مهرجان شتاء طنطورة يعود للعلا    زرًعِية الشبحة القمح العضوي    كلمات تُعيد الروح    قصص من العُمرة    ربط الرحلات بالذكاء الاصطناعي في «خرائط جوجل»    مسلسل حفريات الشوارع    الاستقلالية المطلقة    تشخيص حالات نقص افراز الغدة الدرقيه خلال الحمل    النظام الغذائي المحاكي للصيام يحسن صحة الكلى    «تطوير المدينة» تستعرض التنمية المستدامة في القاهرة    سعود بن بندر يهنئ مدير فرع التجارة بالشرقية    السعودية تؤكد دعمها لجهود التنوع الأحيائي وتدعو لمؤتمر مكافحة التصحر بالرياض    أمير تبوك يستقبل القنصل البنجلاديشي لدى المملكة        مقال ذو نوافذ مُطِلَّة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عادل عبدالمهدي ل «الحياة»: خطر الانقلاب يبقى قائماً بوجود 4 فرق عسكرية وفرقتين للشرطة في بغداد
نشر في الحياة يوم 19 - 02 - 2010

يندر وجود سياسيين هادئين في العراق، فالتصعيد مرادف للوضع العراقي، والخطابية تشغل حيزاً واسعاً من رؤية السياسي وتكوينه، لكن نائب رئيس الجمهورية العراقي والرجل الثاني في «المجلس الإسلامي الأعلى» عادل عبد المهدي يصنف عراقياً من بين رجال السياسة الأكثر هدوءاً، وربما كان لخلفياته وتنقلاته الفكرية المتنوعة أثر في ذلك.
في مقابلة مع «الحياة» يعتقد عبد المهدي ان الوسط السياسي العراقي لم يبرهن انه بمستوى الطاقة العراقية، والإمكانات الهائلة التي يختزنها أساء استخدامها. ويقول انه قدم استقالته مرة من منصب نائب الرئيس وأخرى من منصب القيادي في «المجلس» بسبب التضارب بين المنصبين، ويؤكد ان حالة «انفصام» حدثت بين «المجلس الأعلى» وجمهوره بسبب تأرجحه في «عقلية المعارضة». ويعترف ب «تعويم» مشروع «فيديرالية الجنوب» بعد انتخابات المحافظات، ويقول ان حلفاء «المجلس» في الائتلاف تخلوا عنه بعدما كانوا وقّعوا على مشروع الفيديرالية.
عبدالمهدي الذي يعتقد ان جوهر الصراع في العراق هو بين قوى الانطلاق وقوى العرقلة، يرى ان الحديث عن احتمال حدوث انقلابات عسكرية في العراق له مبرراته بوجود 4 فرق عسكرية في بغداد وفرقتين للشرطة مبدياً قلقه من عمليات العسكرة والتجييش واحتمالات الارتداد عن الديموقراطية في العراق.
وهنا نص المقابلة:
 ما رأيكم بإجراءات «الاجتثاث» التي شملت قرابة 500 مرشح، وهل يستحق هؤلاء المنع من خوض الانتخابات؟
- الدستور يفرض علينا أمرين متلازمين، الأول حظر «البعث الصدامي» المنحل وما رافق ذلك من قوانين «الاجتثاث» ثم «المساءلة»، والثاني أن مجرد العضوية في حزب البعث المنحل لا تعد اساساً كافياً للإحالة الى المحاكم ويتمتع العضو بالمساواة امام القانون وبالحماية ما لم يكن مشمولاً بأحكام الاجتثاث. وواجبنا ان نحترم الأمرين لأنهما متلازمان وهما جزء من بناء النظام الجديد. يجب ألا نسمح بأن تستغل الحريات العامة والمؤسسات الديموقراطية لعودة من يشمله القانون الى المؤسسات والوزارات الأمنية والخارجية والمالية او الى مجلس النواب او مجالس المحافظات او أي موقع اشترط فيه الدستور او القانون منع المشمولين بالإجراءات من المشاركة من دون الاعتداء على حقوقهم الأخرى.
صرحنا بأن تطبيق ذلك يجب ان يتم من دون تسييس او انتقائية والعامل الأهم في إرباك هذه العملية هو التأخر في تشكيل هيئة المساءلة والعدالة التي اقر قانونها في بداية عام 2008، ما لا يترك أمامنا الوقت لمعالجة هذا الأمر إلا بتوافق مجموع المؤسسات للوصول الى حل يضمن العدالة من حيث حق كل المواطنين من الذين تتوافر فيهم الشروط القانونية للمشاركة في الانتخابات وعدم عودة حزب دمر البلاد وقتل العباد.
بعض النواب من المجلس الأعلى وجه اتهامات لاذعة الى هيئة الرئاسة وأنتم جزء منها، كيف تقومون هذا الموقف؟
- هذا كلام فيه كثير من الصحة فأنا لا امثل المجلس الأعلى في رئاسة الجمهورية، بل أسعى لأن امثل كل العراقيين، على رغم ان المجلس الأعلى هو الذي رشحني لهذا المنصب وساهم في رسم سياساته. التقاطع غالباً ما يحصل والأولوية هي للموقع الرسمي. ضرورات الموقع غير ضرورات الانتماء السياسي.
فموقف المسؤول مطلوب بعينه، بينما موقف السياسي يمثله التنظيم الذي يمتلك بدائل عدة. كما ان إعطاء الأولوية للموقع ليس لأن موقفه بالضرورة اصح من موقف التنظيم، بل لأن التوازنات تختلف في الموقع عما هي عليه في التنظيم. وأحياناً يقف المسؤول حائراً بين ضميره وصدقيته... ما قادني الى تقديم استقالتي مرة من موقعي كنائب رئيس الجمهورية ومرة من المجلس الأعلى.
دعمتم في «المجلس الأعلى» تخفيض رواتب النواب وأعضاء مجلسي الوزراء والرئاسة ومخصصاتهم... لماذا تبنيتم هذا التوجه قبل شهر فقط من الانتخابات؟
- المجلس الأعلى خصوصاً رئيسه الراحل سماحة السيد عبدالعزيز الحكيم من المطالبين بشدة بتخفيض الرواتب، والموقف ليس بالجديد ابداً... وفي رئاسة الجمهورية كنا من المعترضين على قانون منح مجلس النواب بعض الحقوق والامتيازات لأعضائه على الأقل في قانونين، الأول حول الرواتب والجوازات والثاني حول الحمايات.
ماذا عن تصريحكم حول المنافع الاجتماعية لمنصب نائب الرئيس التي بلغت 11 مليون دولار عام 2009؟
- لست مدافعاً قوياً عن بقاء هذه المنافع بيد رئاسة الجمهورية لأنها تسبب من الضغوطات والمطالبات الشيء الكثير على رغم انني اعتقد انه من دون هذه المخصصات لما استفادت الكثير من الحالات الطارئة او الحالات التي لم تغطها موازنة الدولة.
اعترض رئيس الوزراء السابق وحليفكم في الائتلاف الوطني ابراهيم الجعفري في تصريحات «الحياة» بشدة على طرح المجلس الأعلى عبر الشيخ همام حمودي أسماء مرشحين لرئاسة الحكومة قبل ظهور نتائج الانتخابات، فما تعليقكم؟
- لم اقرأ تعليق الأخ الدكتور الجعفري، لكن تصريح سماحة الشيخ حمودي حول الموضوع يجب ان يفهم من باب المثال وليس الترشيح لأي اسم، مثلما يقول البعض ان المرشحين المحتملين هم فلان وفلان، فهذه كلها تقديرات واحتمالات وليست ترشيحات بالمعنى الحقيقي والرسمي للكلمة، علماً ان الموضوع لم يناقش بعد في المجلس الأعلى ولا في الائتلاف الوطني.
يجب أن يفوز الائتلاف اولاً في الانتخابات لكي يناقش موضوع رئيس الوزراء علناً من دون ان يمنع ذلك إمكانية مناقشة الأمر في شكل داخلي في المجلس الأعلى او الائتلاف.
لكن، هناك اعتراض آخر من حلفائكم في «الائتلاف» حول سعي المجلس الى تشكيل جبهة سياسية لقيادة الحكومة ما بعد الانتخابات اعتبره البعض حراكاً انفرادياً؟
- لا اعرف أي انفراد؟... التنسيق وتبادل المعلومات قائمان بين المجلس وأطراف الائتلاف. علماً ان الائتلاف لا يعني ان الأحزاب المختلفة تفقد مبادراتها وطروحاتها. فنحن فعلاً نؤيد قيام جبهة وندعو الى ذلك علناً ونشرح لحلفائنا أهميتها... لكننا لن نذهب إليها من دونهم. فالائتلاف هو اليوم إطار عمل مهم للمجلس ويحتل أولوية في عمله.
هل يوفر الدستور غطاء لإنتاج آليات لصوغ القرار السياسي في معزل عن التفرد بالسلطة؟
- اعتقد ان مشكلة البلاد تكمن في موضوعة الدولة... الدول تدار اما بنظام ديموقراطي او بنظام شمولي إيديولوجي او فردي، نظام صدام حسين كان نظاماً فردياً وشمولياً، لذلك أسس دولة قهرت الشعب.
الأزمة التي أمامنا اليوم هي أننا ان لم ننجح في بناء نظام ديموقراطي، وتعثرنا او فشلنا يعني ان العراق سيتجه نحو الفردية والشمولية شئنا ذلك ام أبينا. أما باسم من ستُسمى التجربة فقد تكون باسم هتلر او موسوليني او ستالين او صدام حسين او أي اسم آخر.
الدستور يوفر فرصة لبناء النظام الديموقراطي. وكان الإمام السيستاني عبقرياً عندما أصر على الدستور لأنه يعلم جيداً انه من دون النظام الديموقراطي فإن البلاد ستنحرف نحو الشمولية والفردية والاستبداد من جديد وستضيع الحقوق كل الحقوق. الديموقراطية تؤسس ولا تجدها حاضرة. وإذا لم تبن فإن الفراغ ستملأه قوى الاستبداد والفردية التي هي قوى نزعاتية، عنيفة، كالأفعى تظهر اللين وهي قاتلة، ومباشرة، وسريعة، ومتلونة، وكاذبة، وغشاشة، وغرائزية، ونفعية، وسيتلبسها وجه قبيح او جميل لتعطيه ما يسمى بالكاريزما المطلوبة لهذه المهمة. فكاريزما المصلحين او المستبدين لا تولد مع الشخص فقط بل تولد اساساً من الجمهور او على الأغلب شرائح منه ومطالبها الجدية والحقيقية او إرهاصاتها السلبية والأنانية لن تحتاج الا الوجه الذي تتلبس به. وهذه تحصل بموجب معادلات اقرب الى الكيمياء منها الى الفيزيولوجيا.. وللأسف الشديد فإن القوى السياسية الكبيرة في البلاد سواء الوضعية او الإسلامية انشغلت اما بهموم الطائفة او بهموم القومية، لذلك تلكأ دورها في بناء الدولة. والدولة كما قلنا تبنى وتدار ديموقراطياً، فإن لم تنجح في ذلك فستغزوها نزعات الاستبداد والشمولية.
لكن ما هي مصادر هذه النزعة؟
- قد تأتي من عملية ديموقراطية أجهضت وهو ما قد نواجهه الآن في العراق، او تأتي من مؤسسة الجيش... او من زعامة عشائرية او قومية او من حزب او ميليشيا او غير ذلك او خليط من ذلك كله. فإذا ما وضعت اليد على الدولة، خصوصاً تلك الدول المقتدرة (كما في حالتنا كدولة ريعية نفطية)، فإنها سرعان ما ستعسكر نفسها وبالتالي ستجيش المجتمع وتستولي على كل شيء. والحصانات في حالة كالعراق هي اضعف من الثقافة والموروث الذي يشجع مثل هذه التوجهات. وستمتلك الدولة (ومن يمسك بآلتها) القدرة وستتمكن من ان تسحق أي فرد او حزب او مؤسسة. وستنكفئ القوى التي تعارضها اما نحو طوائفها او قومياتها، وهو ما سيولد المشهد الذي عاشه العراق طوال القرن العشرين.
النقطة المحورية في سؤالكم هي: هل ستنجح القوى الإسلامية والوطنية التي أسقطت صدام حسين في إنتاج الديموقراطية لتحكم بها البلاد، ام ستنشغل في مشاغلها المحلية او الذاتية فتكون مسؤولة عن إنتاج الديكتاتورية والاستبداد من جديد؟ ولا فرق في ذلك إن قام بهذه المهمة «المجلس الأعلى» او «الدعوة» او «الكردستاني» او «الوفاق الوطني» او «الشيوعي» او «المؤتمر» او «الإسلامي» او غيرها...
هل أقرت مراجعات «المجلس الأعلى» السياسية لبرامجه وآلياته بعد انتخابات المحافظات بسوء فهم لمزاج الشارع العراقي؟ لم نسمع ان الحراك داخل المجلس قد شمل تغيير قيادات حزبية؟
- بل كانت بسبب انفصام (أرجو ان يكون مؤقتاً) حدث بينه (المجلس) وبين جمهوره والجمهور العريض الواسع. كادره الذي قاده بنجاح في فترة المعارضة والفترة الأولى للحكم سرعان ما تقولب على نفسه وبقي متأرجحاً عند عقل المعارضة من دون ان يحسم أمره نهائياً ويرتقي الى عقل الدولة والجمهور الواسع العريض.. لم نتخلص تماماً من عقد او مخاوف الماضي والتي قد تكون أغلقت أعيننا عن حقائق جديدة لم نعايشها... بقينا (او بعضنا على الأقل) نرى النجاح بمدى حصولنا على الموقع وليس بتحقيق الأهداف والمطامح العليا. بقينا (او عدد غير قليل منا) نمثل قوى شد الى عقل الأقلية ولم نرتق الى عقل الغالبية والمبادرة والانفتاح الى الآفاق المستقبلية الجديدة لنستوعبها ونفهمها. ولأن «المجلس الأعلى» هو من اكبر القوى، لذلك فإن ما يحدث في داخله سرعان ما ينعكس خارجه، وهذا ما حصل.
لكن هذه الرؤية الصريحة قد تكون مفاجئة حتى داخل المجلس؟
- اعلم ان بعض إخواني في المجلس سيرون هذا الحديث نوعاً من الجلد الذاتي. فالمجلس يعتقد عن حق انه قدم اكثر مما اخذ، على رغم ذلك يتم الكلام عن أزمته. وأنا أوضح ان الكيانات الحية هي التي تشعر بأزماتها. امر صحي ان يحس المجلس أزمته ويسعى الى معالجتها وهذا طريق التطور... في حين أن هناك كيانات لا تمثل سوى هياكل لأنها فقدت الإحساس بأزمتها فتحولت الى ركام ليس إلا.
اعتقد ان المجلس يعي اليوم هذه الحقائق او على الأقل ان نقاشاً واسعاً قد فتح حول هذه القضايا وغيرها. والمجلس يمتلك جمهوراً واسعاً قد لا يملكه أي حزب آخر، كما ان الحراك في قياداته وكوادره جارٍ وأن صعود قيادة السيد عمار الحكيم هو مؤشر مهم لعملية إصلاح واسعة أفقية وعمودية تجرى في مؤسسات المجلس الأعلى. عملية تجرى ببطء، اعترف بذلك... لكنها تشق طريقها، فلننتظر التطورات لنحكم على الأمور.
يقول البعض ان خطابكم حول «فيديرالية الوسط والجنوب» تلقى ضربة بعد انتخابات المحافظات؟
- هذا صحيح... فمشروع كبير كهذا يحتاج الى شركاء لأنه لن يقر من دون استفتاء الشعب. والمجلس يشعر ان شركاءه في الائتلاف العراقي الموحد الذين تعاهدوا على المشروع، ووقعوا على وثيقته، تخلوا عنه... وعندما اصبح وحيداً في هذا الطرح سكت عنه. فهو غير قادر على طرحه لأنه يحتاج الى ما يشبه الإجماع في ساحة انشقت الى حد ما على نفسها... كما انه مطلب دستوري وحقيقة عراقية ترتبط بتطور النظام العراقي واتجاهات تطوره. هل سيتخذ مساراً مركزياً ام مساراً لا مركزياً اتحادياً؟ المسار المركزي سيولد ازمة نظام متجددة عاشها العراق وتعرف الى نتاجاتها المأسوية. والمسار الاتحادي المطبق جزئياً والذي لن يعطي كامل ثماره ان لم يتكامل، ما زال يثير المخاوف لدى البعض شأنه شأن النظام الدستوري والديموقراطي. وقد بدا لفترة من الوقت ان المسار المركزي حقق نجاحاً وهو ما حاول البعض استنتاجه من نتائج انتخابات مجالس المحافظات، لكننا نلاحظ اليوم نزعات محلية ترفع صوتها ما قد يبرهن مجدداً ان الواقع العراقي بحاجة الى حكومات محلية توازن الدور المركزي للحكومة في بغداد. فعندما يتأرجح التاريخ في موضوعة ما، فإن القوة السياسية التي تحمل الموضوعة تتأرجح ايضاً.
إيران هي الرابحة في علاقتها مع العراق وتستخدم آليات مختلفة لتحقيق علاقة غير ندية وغير متكافئة بين البلدين، ما رأيك؟
- لا، انا مع تطور متزايد في العلاقة مع إيران وإزالة كل المشاكل وعوامل الخوف والقلق المتبادل... انني من انصار نظرية ان العراق بحاجة الى انفتاح وتعاون اوسع مع دول الجوار الاسلامية والعربية. ولا ارى العراق محوراً مع أي طرف بل اراه نقطة لقاء الاطراف وجسراً بين خصوم اليوم شركاء الغد إن شاء الله. الدول الاسلامية والعربية ليست خارج عراقي، انها (فضائياً) داخل عراقي... كذلك هو حال العراق في علاقته بجواره العربي والإسلامي. هذا هو الوضع الذي أتمناه وهو الذي قد يجلب السعادة لشعبي ولشعوب المنطقة.
هل تعتقد ان لطهران دوراً في تحديد رئيس الوزراء العراقي القادم؟
- لا توجد عاصمة اقليمية او عالمية رئيسة لا تلاحق بدقة عملية اختيار رئيس الوزراء القادم في العراق... وإيران ليست استثناءً، إن لم تكن أكثرهم اهتماماً بذلك.
«الولايات المتحدة ستدعم رئيس حكومة هو حلقة وصل مع ايران وليس عدواً لها»... هل توافق على هذه الرؤية؟
- اوافق على هذه الرؤية من باب «مجبر اخاك لا بطل»... لكن اذا برزت في العراق ظروف تسمح بمجيء رئيس وزراء مخاصم او مشاكس لإيران وتقبله الواقع العراقي، فإن الولايات المتحدة ستشجع ذلك.
هل ما زلتم متمسكين بموقف رافض لطبيعة الاتهامات التي سيقت لسورية حول موضوع التفجيرات في بغداد؟
- لا اعتقد ان لسورية علاقة بالتفجيرات. قد تكون لعناصر موجودة في سورية علاقة بهذه التفجيرات، وهذان أمران مختلفان، نحن نطالب الاخوة في سورية بمنع نشاط هؤلاء وقد تحققت بعض الخطوات ونحتاج الى مزيد من التعاون لحل هذه الإشكالات. التصريحات السلبية من طرفنا او من الطرف السوري تغذي بعضها بعضاً، والقطيعة لا تنفع إلا في تعقيد الأوضاع وتدهورها.
كيف ترى الموقف العربي من العراق... هل ينظر العرب بجدية الى خطورة المتغيرات العراقية؟
- تعددية الشعب العراقي تمثل امتداداً او تواصلاً مع كل شعوب الجوار العراقي وبلدانه، والاستفادة من الصراع هي الانتحار الذاتي وسيعني نقل الصراع الى الداخل العراقي والعكس صحيح ايضاً.
لم يجرب العراق بعد 2003 لعبة المحاور، لكنه جرب هذه اللعبة قبل ذلك، وقد رأينا النتائج المدمرة. وعليه من الأفضل ان يعمل العراق على ان يكون جسراً ونقطة لقاء بدل ان يكون محوراً تقدمياً ضد محاور رجعية او بوابة شرقية ضد عدو فارسي او جبهة ثورية ضد جبهة محافظة. اما العرب فهم لا يمتلكون استراتيجية في قضايا اقل من العراق، فكيف في حالة العراق المعقدة. النظام العربي كله بحاجة الى مراجعة وقد ذكرت ذلك عندما مثلت العراق في مؤتمر قمة دمشق الأخير في الجلسة الخاصة للقادة العرب.
أهناك بالفعل ما يدعم الحديث المتواتر عن انقلابات عسكرية متوقعة في العراق؟ يقال ان بعض السياسيين العراقيين لمسوا تهديداً أميركياً بذلك؟
- نعم له ما يدعمه. فعندما يصبح الذين يحملون السلاح حوالى المليون نسمة وعندما يكون في العاصمة أربع فرق عسكرية وفرقتان من الشرطة وتكون البلاد في أزمة، فإنك لا تعرف ما يدور في خلد بعض الرجال، خصوصاً في بلد تمرس على الانقلابات كالعراق.
لكن ان يفكر البعض بهذا الأسلوب شيء وأن تنجح الانقلابات شيء آخر. فإذا عزز العراق شرعيته الديموقراطية وأفسح في المجال لأوسع المشاركات الانتخابية والسياسية وعمل على منع حزب البعث المنحل وعقليته من العودة واستطاع بث روح التسامح والتعالي التي تصلح النفوس من دون ان تهدد المصالح العليا، فإن أي انقلاب سيدفن وهو في مهده ولن يجد أي قبول محلي او خارجي. اما التهديدات الأميركية فلم اسمع بها.
هل تتوقعون تزوير الانتخابات؟ ما هي اقرب الآليات التي يمكن من خلالها تزوير الانتخابات المقبلة؟
- أشكال التزوير كثيرة تبدأ من استغلال أسماء وهمية في سجل الناخبين الى رمي أوراق في صناديق الاقتراع الى تزوير أرقام النتائج الى إبطال أوراق الناخبين الخصوم بوضع إشارات أخرى تعطلها الى استغلال الأميين لتزوير إرادتهم... الى أمور كثيرة أخرى.
هل تعتقدون ان المجلس الأعلى تجاوز الى غير رجعة مرحلة حمل السلاح؟ ومتى يمكن ان يحمل المجلس السلاح مرة أخرى؟
- نعم المجلس الأعلى لا يفكر بحمل السلاح. لكنه، والشعب كله، قد يضطر الى حمل السلاح اذا تعرضت البلاد لانقلاب عسكري او غزو خارجي او عودة اركان النظام القديم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.