قضت المحكمة الابتدائية في مدينة جربة في الجنوب التونسي أخيراً بالحكم ببراءة المدون مهيب التومي الذي حوكم بتهمة التطاول على رئيس الجمهورية والتحريض ضد رجال الأمن من خلال تدوينات على الفايسبوك يعود بعضها لعام 2012. هذه القضية أثارت استهجان الرأي العام في تونس اذ أعادت إلى الأذهان ممارسات عهد نظام بن علي المتمثلة في التضييق على حرية التعبير ومصادرة الآراء والمواقف السياسية المناهضة للأحزاب الحاكمة. كما عرفت تدخل عدد كبير من الجمعيات وممثلي المجتمع المدني الذين طالبوا بالحكم بعدم سماع الدعوى لمصلحة المدون وعدم تكرار هذه الممارسات القمعية التي تهدف إلى الحط من معنويات الناشطين عبر تهديدهم بمصادرة آرائهم وإمكان سجنهم بسببها. وتحدث المدون التومي إثر صدور الحكم بعدم سماع الدعوى إلى عدد من وسائل الإعلام فأكد استغرابه الشديد من إصرار الجهات الأمنية على محاسبته على تدوينات كتبها مند ثلاث سنوات على صفحته على فايسبوك ومحاولتهم التلاعب بصيغتها لتحويلها من تدوينات ناقدة لأداء رئيس الجمهورية وأعوان الأمن إلى اتهامات بالتحريض والقدح والشتم. كما قال المدوّن إنّ التحقيق معه في مراكز الأمن أخذ منحى خطيراً حيث تم استجوابه حول علاقته بالتنظيم الإرهابي «داعش» وإمكان دعمه لهذا التنظيم في حال دخوله إلى تونس. وانتقد المدوّن الشاب عودة الرقابة الأمنية على الإنترنت مؤكّداً أن محاكمته تعكس رغبة الأجهزة الأمنية والحكومة الجديدة في خنق صوت الشباب التونسي الثائر على الظلم والفساد على المواقع الاجتماعية التي تعتبر المتنفس الوحيد للتعبير الحر. وفي حديث مع «الحياة» أكدت المدونة والصحافية التونسية هندة الشناوي أن «إجراءات التحقيق حول تدوينات مهيب التومي حوّلت القضيّة من مجرد متابعة لآراء ثورية لمدون شاب إلى محاولات لكشف علاقة المدون بتنظيمات إرهابية. هذا المسار الذي تم اعتماده في التحقيق يكشف شروع السلطات الأمنية في تنفيذ برنامج الرقابة على الإنترنت بحجة محاربة الإرهاب، استناداً إلى مشاريع قانون تمت مناقشتها أخيراً في البرلمان كقانون مكافحة الإرهاب والتي من شأنها أن تمكن الوحدات الأمنية من حق النفاذ إلى الحسابات الخاصة للتونسيين على المواقع الاجتماعية بغاية حفظ الأمن. وكانت وزارة الداخلية التونسية شرعت، على خلفية الأحداث الإرهابية التي عرفتها البلاد، في مكافحة المجموعات الإرهابية الناشطة على الإنترنت والتي تتخذ غالبيتها من شتم وتحقير المؤسستين الأمنية والعسكرية والتحريض عليهما وسيلة لتجنيد الشبان التونسيين والتأثير فيهم. وكانت نقابة الصحافيين حذرت في بيان من إمكان استغلال أجهزة الدولة حجة مكافحة الإهاب من أجل التضييق على حرية التعبير لدى الناشطين والمدونين والصحافيين ومنعهم من التعبير عن آرائهم الناقدة لآداء الحكومة وبقية أجهزة الدولة ومن بينها الأجهزة الأمنية.