بين مزايا السينما المغربية أنها أصبحت في السنوات الأخيرة تثير كثيراً من التساؤلات حولها سواء على المستوى الإعلامي المكتوب أو السمعي أو المرئي. وهي ظاهرة ثقافية وفنية صحية. ذلك أن هذه السينما التي أصبحت تنتج سنوياً حوالى 15 فيلماً طويلاً كما الحال عام 2009، إضافة إلى مجموعة مهمة من الأفلام القصيرة، استطاعت أن تشكل في كثير من الحالات ظاهرة ثقافية واجتماعية جديرة بالمتابعة والنقاش، خصوصاً في ما يتعلق بالمستوى الفكري أو الفني الذي تقدمه وبالمواضيع الاجتماعية التي تناقشها أو تطرحها للنقاش. وقد كانت مناسبة عقد الدورة الحادية عشرة لمهرجان الفيلم الوطني المغربي في مدينة طنجة اخيراً فرصة جديدة لإعادة مساءلة هذه السينما المغربية من جديد وتقديم مجموعة من التساؤلات حولها. هكذا خصص برنامج «مباشرة معكم» الذي يقدمه الإعلامي جامع كلحسن على القناة التلفزيونية الثانية «دوزيم» حلقة خاصة عن السينما المغربية. واستضاف الكاتب العام للمركز السينمائي المغربي مصطفى ستيتو، والمنتج السينمائي صارم الفاسي الفهري ورئيس الغرفة المغربية لأصحاب القاعات السينمائية عبدالحميد المراكشي، والمخرج السينمائي نور الدين لخماري والممثلة بشرى ايجورك والناقد السينمائي حسن نرايس، لمناقشة قضايا السينما المغربية، كل من موقعه وبحسب قناعاته. أثيرت في هذه الحلقة مجموعة من القضايا التي تناولت مسألة الإنتاج السينمائي والعلاقة القائمة بين الكم والكيف في مسألة تعددية الأفلام السينمائية المقدمة والتي تنتج من سنة الى أخرى... إضافة إلى علاقة الإنتاج السينمائي بالتوزيع وبقلة القاعات السينمائية، ومدى مساهمة النقد السينمائي في التعريف بهذه السينما والدعوة إلى عملية تطويرها، ومتابعة دقيقة للأفلام التي تقدمها. كما تطرقت الحلقة الى مسألة القرصنة ومدى تأثيرها في مشاهدة الأفلام السينمائية المغربية ومتابعتها في القاعات السينمائية. وكما هي العادة، اختلفت الآراء حول هذه القضايا بين من يشيد بتطور السينما المغربية وبتزايد وتيرة الإنتاج السينمائي فيها مركزاً على أن مسألة الكم بالضرورة سيتولد عنها الكيف، وستكون داعمة للتطوير السينمائي... وبين من قال: وإن كان التزايد الكمي مقبولاً، فإن عملية تطوير السينما المغربية يجب أن يُنظر إليها بعيداً منه. فالجودة تتحقق بالرغبة في عملية انجازها ولا تأتي بالضرورة من توافر الكم العددي للأفلام. واعتبر بعضهم أن السينما المغربية، وهي تعرف هذا الحضور القوي الآن هي في أمس الحاجة الى قاعات سينمائية كثيرة تواكب هذا التطور الذي تشهده وتدعمه، حتى يتمكن المشاهد في مختلف مناطق المغرب من متابعتها كما يجب، لا سيما أن هذا المشاهد كما بينت غالبية الحالات محب لإنتاجه السينمائي الفني الوطني ومتابع له. والدليل على ذلك النجاح الذي عرفه بعض الأفلام المغربية كما هو الحال مع فيلم «كازانيكرا» مثلاً. تناولت الحلقة أيضاً العلاقة القائمة بين الأطراف المشاركة في المجال السينمائي، مع التوقف عند ضرورة الاهتمام بالممثل المغربي وفسح المجال له لإثبات حضوره في الشكل المطلوب. باختصار، عرضت الحلقة تقريباً معظم القضايا المرتبطة بالمجال السينمائي المغربي، واتسمت في كثير من القضايا التي نوقشت باختلاف في الرؤى حيناً، وبتكاملها حيناً آخر. وهو أمر محمود، لأنه يفتح المجال أمام تقديم وجهات نظر تحيط بكل الجوانب المادية والفنية المتعلقة بهذا المجال. كما كان الإعلامي جامع كلحسن، مقدم البرنامج، متميزاً فيها وهو يسعى الى فسح المجال أمام كل هؤلاء المتدخلين لتقديم وجهات نظرهم.