أغلب الظن أن تصوغ إفريقيا نموذجاً خاصاً بها للنمو الاقتصادي والتنمية، وأن تستمر عليه. وفي وسعها الاعتبار بتجارب الآخرين. فالنموذج الصيني ناجح، وركنه الاستثمار في القطاع الزراعي بغية إنتاج قيمة مضافة، ثم توجيه الاقتصاد نحو التصدير. ونموذج النمو الاقتصادي الهندي ملفت، وركنه تطوير قطاع الخدمات والنموذج الثالث الذي يسع افريقيا الاحتذاء به هو نموذج الاتحاد الاوروبي. ولعل أبرز التحديات التي تمتحن افريقيا تواضع حجم الاسواق الافريقية، وضيق دوائر التصريف ومجلاته. وقد تُذلل المشكلة من طريق تعزيز التكامل الاقتصادي الاقليمي. وفي بعض الدول الافريقية ارتفعت معدلات الدخل ارتفاعاً خجولاً. وتتصدر هذه الدول بوتسوانا وجزر موريس، وتليهما رواندا وأوغندا وتنزانيا وموزمبيق ومالي وبوركينا فاسو. ويفترض بروز طبقة وسطى في الدول الافريقية بلوغ متوسط الدخل اليومي الفردي عتبة ال10 دولار في اليوم، على أضعف تقدير. وهذا بعيد من واقع الحال. وتنصب جهود البنك الدولي على رفع الدخل الفردي الى دولارين يومياً. وإذا ارتفع متوسط الدخل الفردي اليومي، مهد هذا الطريق الى نشوء مصانع محلية تتولى حركة العرض في الاسواق المحلية وتستجيب حركة الطلب. وثمة وجه حسن من الأزمة العالمية. فبعض الشركات الصينية تخطط لنقل مصانع أساسية الى افريقيا. وأعلمني مسؤول حزبي اقليمي صيني أنهم يدرسون الانسحاب من أسواق تصنيع الاحذية والألعاب وهدايا الأعياد، والارتقاء في سلم التصنيع، ونقل الصناعة «البدائية» أو الاساسية الى افريقيا. ونتعاون مع الصين على إنشاء منطقة صناعية في اثيوبيا. وتجارب الأوروبيين والغرب في تنمية الموارد مؤسفة وغير موفقة. ولكن قد تفلح الصين في تنمية الموارد تنمية ايجابية، وتوفر، تالياً، فرص عمل. ويدرك الصينيون أن مشروعهم قد يتعثر أو ينتكس. ويبدي الصينيون التفهم عندما أعرض عليهم هذه المشكلات، ويعرضون التعاون معنا. وغالباً ما أدعو السفير الصيني الى اجتماعات أعقدها في الدول النامية. ولا يحول تواضع حجم الثروات الطبيعية في عدد من الدول الافريقية دون نمو اقتصاداتها. فعلى سبيل المثال، لم تتوقف عجلة النمو الاقتصادي في رواندا عن الدوران، على رغم أن البلد غير مطل على محيط أو بحر. فالحكومة وجهت الاقتصاد نحو تنمية قطاع الصناعة السياحية. وفي وسع اقتصاد بلد مثل مالاوي الازدهار إذا انتهجت سياسات زراعية مناسبة. وأعتقد أن اقتصادات افريقيا مرشحة الى النمو والازدهار، شأن الصين والهند. وخروج الدول الافريقية من الازمة هو رهن توفير دعم مالي يرسي اسس نمو حركة طلب محلية. * مدير البنك الدولي، عن «نيوزويك» الاميركية، 15/2/2010، إعداد م. ن.