الموصل - أ ف ب - سجل تصاعد جديد في الهجمات ضد الطائفة المسيحية في مدينة الموصل، التي اعتبرها مسؤول أمني عمليات منظمة تقوم بها جماعات ذات دوافع سياسية. ووقع آخر هذه الحوادث أمس حيث قتل طالب جامعي مسيحي برصاص مسلح مجهول وأصيب آخر في مدينة الموصل، ما يرفع عدد المسيحيين الذين قتلوا الى ثلاثة في ثلاث هجمات متفرقة منذ الأحد الماضي. وأعلن مصدر في الشرطة ان «مسلحاً خرج من سيارة في شمال الموصل وأطلق النار من سلاح رشاش على طالبين في جامعة الموصل متوجهين الى جامعتهما ما أسفر عن مقتل احدهما على الفور واصابة الآخر بجروح». وقال المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه ان «المسلح لاذ بالفرار». وأوضحت الشرطة ان «الضحية يدعى زيا توما (21 عاما) وهو طالب سرياني في كلية الهندسة في جامعة الموصل فيما يدعى الطالب الجريح رامسن شمائيل (22 عاما) وهو طالب سرياني ايضا في كلية الصيدلة». ويأتي هذا الحادث غداة مقتل تاجرين مسيحيين في العقد الرابع من عمرهما بالرصاص في الموصل. واوضحت الشرطة ان منير فتوخي، وهو تاجر خضار سرياني كاثوليكي قتل الاثنين عندما اطلق مسلحون مجهولون في سيارة النار عليه داخل متجره في حي الصحابة غرب الموصل. واضافت الشرطة ان تاجر مأكولات آخر يدعى ريان سالم الياس وهو كلداني قتل الاحد في منزله في شرق الموصل. وقال رائد في الشرطة رفض الكشف عن اسمه في موقع مقتل الطالب ان «استهداف المسيحيين يأتي ضمن عمليات منظمة، تجري بين فترة وأخرى، تقف وراءها دوافع سياسية خصوصا ونحن مقبلون على انتخابات». واضاف: «هذا ليس جديداً علينا اذ ان استهداف العراقيين بشكل عام والمسيحيين بشكل خاص تكرر قبل كل انتخابات». وتابع ان «جميع التقارير التي أصدرتها القوات الاميركية كانت تنذر بزيادة اعمال العنف قبيل الانتخابات وهذا ما تشهده المدينة حالياً». وأكد الضابط الذي بدأ تحقيقاً في الحادث ان «الجماعات المسلحة بدأت تعزف على وتر الفتنة الطائفية وتسعى الى الاخلال بالامن والنظام، من أجل تقويض المكاسب التي حققتها الاجهزة الامنية في المدينة». بدوره، قال جميل جرجيس (53 عاما) وهو استاذ في اللغة الانكليزية في جامعة الموصل ان «ما يتعرض له ابناؤنا المسحيون هو جزء مما تمر به المدينة»، مؤكداً ان «الغاية منه تخويفنا وتهجيرنا ومنعنا من المشاركة في الانتخابات البرلمانية». في الاطار ذاته، قال الشماس في كنسية مار بهنام باسل عبدالنور: «لا نريد انتخابات ولا من يمثلنا ولا نريد حقوقنا، نريد فقط ان نبقى احياء ونحافظ على ارواح ابنائنا واخواننا». واضاف: «يكفينا قتلاً وتهجيراً، وما تعرضنا له في هذه السنوات اصبح كابوساً يلحق بنا طول السنين». وانتقد اداء الاجهزة الامنية وحمّلها المسؤولية، قائلاً: «كفى الاجهزة الامنية تفرجاً على حالنا، ونحمّلها المسؤولية كونها المسؤولة عن حمايتنا وحماية كل العراقيين». وقال حازم جرجس وهو شماس سرياني ارثوذكسي في كنيسة القديس افرام في حي الشرطة وسط الموصل ان «الاقلية المسيحية اصبحت رهاناً في الانتخابات، وهذا الامر يحصل دوماً قبل الانتخابات. لقد قتل مسيحيان منذ انطلاق الحملة الانتخابية» الجمعة. واضاف: «نحن خائفون. انهم يقتلوننا لافراغ الموصل من مكونها الرئيسي، وقوات الامن عاجزة عن ضمان امننا». من جانبه استنكر عضو مجلس محافظة نينوى يحيى عبد محسوب مسؤول لجنة حقوق الانسان في المجلس «الحملة المنهجية المنظمة ضد المسيحيين». ودعا «الحكومتين المحلية والمركزية الى اخذ كافة الاحتياطات الامنية لضمان حماية المسيحيين والحفاظ على حياتهم ليتمتعوا بالامان ويساهموا في بناء العراق». وأكد ان «معظم الاستهدافات في نينوى سياسية تقف خلفها اجندات خارجية تسعى لتقسيم المدينة». وكانت منظمة «هيومن رايتس ووتش» للدفاع عن حقوق الانسان اكدت في تقرير في تشرين الثاني (نوفمبر) ان ابناء الاقليات في شمال العراق ولا سيما المسيحية منها هم ضحايا النزاع الدائر بين العرب والاكراد للسيطرة على تلك المنطقة، وينبغي بالتالي توفير الحماية لهم. وأبرز الاقليات المستهدفة بالهجمات والضغوط في شمال العراق هم المسيحيون (550 الفا) واليزيديون (220 الفا) والشبك (60 الفا). وأواخر 2008 قتل اربعون مسيحياً في موجة جرائم وهجمات استهدفت ابناء الطائفة ما أدى الى نزوح 12 الف مسيحي من الموصل.