ثمانية عقود هي تاريخ العلاقات السعودية - الأميركية، بدأت على يد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن، الذي اشتهر ببعد نظره الاستراتيجي، إلا أن العلاقة بين البلدين لم تقف عند نقطة معينة، إذ أخذت تتصاعد وتتنامى، بما يحقّق التكامل في المصالح الداخلية والخارجية للبلدين، من دون المساس بثوابت المملكة وقيمها، التي تقوم على أسس الشريعة الإسلامية. وتأتي زيارة الملك سلمان إلى أميركا، بدعوة من الرئيس باراك أوباما، لتعزيز ما أثمرت عنه العقود الثمانية من تطابق في وجهات النظر السعودية - الأميركية، تجاه دعم العلاقات الثنائية بين البلدين، وتحقيق المصالح المشتركة بينهما، إضافة إلى معالجة ملفات اقليمية ودولية عدة. وعبر الملك سلمان، قبل هذه الزيارة - بحسب تقرير لوكالة الأنباء السعودية - عن اهتمامه البالغ بدفع التعاون الاستراتيجي السعودي - الأميركي إلى الأمام في قضايا عدة، حين ما وافق على مشاركة المملكة في قمة كامب ديفيد بولاية ميرلاند، التي دعا إليها الرئيس الأميركي باراك أوباما في 13 أيار (مايو) الماضي، بمشاركة قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، على رغم انعقادها بعد عاصفة الحزم العسكرية التي جاءت لإنقاذ الشرعية في اليمن. وقبيل انطلاق أعمال قمّة كامب ديفيد، دشن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، في الرياض «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية» الذي يعبر عن حرصه على إعادة الأمن والسلام لليمن، وإعانة شعبه المظلوم بالمساعدات الإغاثية والإنسانية التي تكفل له الحياة الكريمة، بعد أن دمرت ميليشيات الحوثي والمخلوع علي صالح البنية التحتية لليمن وأهلكت شعبه. وأناب خادم الحرمين الشريفين ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، لرئاسة وفد المملكة في أعمال قمة كامب ديفيد، لتخرج القمة بتفاهمات عدة تتعلق باتفاقات تدريب عسكري مشترك بين دول مجلس التعاون الخليجي وأميركا، والعمل على تطوير منظومة الدفاع الصاروخي والقدرات الصاروخية البالستية لدول الخليج العربية، ونظم الإنذار المبكر، وحماية الملاحة ومكافحة الهجمات السيبرانية، والتصدي لوقف تدفق المقاتلين الأجانب إلى تنظيم «داعش» الإرهابي و«القاعدة»، وغيرهما من المنظمات الإرهابية. محطات مهمة في تاريخ العلاقة برز في تاريخ العلاقات السعودية - الأميركية محطات مهمة، رآها المراقبون مرتكزاً أساسياً في دعم مسيرة العلاقات بين البلدين، بينها الزيارة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في 11 نيسان (أبريل) 2012 إلى أميركا، عندما كان ولياً للعهد وزيراً للدفاع بدعوةٍ من وزير الدفاع الأميركي السابق ليون بانيتا، التقى خلالها الرئيس الأميركي باراك أوباما، وبحث معه تعزيز العلاقات بين البلدين، خصوصاً في المجال العسكري والاستراتيجي المشترك. وفي 27 كانون الثاني (يناير) من عام 2015، قام الرئيس الأميركي باراك أوباما، برفقة وفد رفيع المستوى بزيارة قصيرة إلى المملكة، للتعزية في وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله، وأجرى خلال الزيارة محادثات مع الملك سلمان، تناولت العلاقات الثنائية بين البلدين وتطورات الأحداث في المنطقة. أما تاريخ لقاءات قيادات المملكة وأميركا فإنه يعود إلى 1943، حينما لم يتمكن الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن طيب الله ثراه من زيارة أميركا تلبية للدعوة الرسمية من الرئيس الأميركي فرانكلين دي روزفلت، فأناب نجليه الأمير فيصل بن عبدالعزيز، والأمير خالد بن عبدالعزيز (الملكان في ما بعد) رحمهما الله، لبحث مستقبل العلاقات الثنائية بين البلدين. وزار الملك سعود بن عبدالعزيز رحمه الله أميركا بدعوة من الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور، في 29 كانون الثاني (يناير) عام 1957، ليكون أول الملوك السعوديين الذين زاروا أميركا. وفي شهر حزيران (يونيو) من 1945، زار الملك فيصل بن عبدالعزيز أميركا في عهد والده الملك عبدالعزيز بوصفه ممثلاً للملك عبدالعزيز، لحضور تأسيس منظمة الأممالمتحدة في مدينة سان فرنسيسكو، والتوقيع على اتفاق انضمام المملكة إلى المنظمة، لتصبح الدولة ال45 المنضمة إليها. وفي عام 1951 تغير اسم الشركة الأميركية المنقبة عن النفط في المملكة من (شركة كاليفورنيا أربيان ستاندرد أويل) إلى (الشركة العربية الأميركية للنفط)، التي عرفت الآن بشركة (أرامكو السعودية)، وفي العام نفسه وقع البلدان الدفاع المشترك بينهما. أول رئيس أميركي يزور المملكة من الجانب الأميركي كان الرئيس ريتشارد نيكسون، أول رئيس أميركي يزور المملكة عام 1974، واجتمع خلال زيارته مع الملك فيصل بن عبدالعزيز. وزار الملك خالد بن عبدالعزيز أميركا في شهر تشرين الأول (أكتوبر) 1978، وفي العام ذاته زار الرئيس الأميركي جيمي كارتر الرياض، واجتمع مع الملك خالد بن عبدالعزيز، وبحثا إلى جانب العلاقات الثنائية ما عرف بمشروع الرئيس كارتر لتحريك عملية السلام بين العرب وإسرائيل. وفي 1985 زار خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله أميركا، والتقى الرئيس رونالد ريغان في واشنطن، فيما زار الرئيس الأميركي جورج بوش (الأب) المملكة ثلاث مرات، الأولى عام 1990، تلتها زيارة 1991، ثم عام 1992، وفي كل هذه الزيارات كان الملك فهد بن عبدالعزيز على رأس مستقبليه، أما في 1994 فزار الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون المملكة، والتقى الملك فهد بن عبدالعزيز في حفر الباطن، وبحثا العلاقات بين البلدين. وكرّر الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله حينما كان ولياً للعهد زيارته لأميركا مرات عدّة، ففي 17 تشرين الأول (أكتوبر) 1987، زار أميركا وقابل في هذه الزيارة الرئيس جورج بوش (الأب)، وفي 1998 زار واشنطن، ثم أتبعها بزيارة أخرى عام 2000. واعتبر المتابعون زيارات الملك عبدالله بن عبدالعزيز أميركا 1998 و2002 و2005، بين المحطات المهمة في دفع العلاقات بين البلدين إلى مستوى أفضل.