ضَمَنَت إدارة الرئيس باراك أوباما أمس، 34 صوتاً تحتاج إليها لمنع إجهاض الكونغرس الاتفاق النووي المُبرم بين إيران والدول الست، والذي اعتبر وزير الخارجية جون كيري أن إسقاطه سيشكّل «تدميراً ذاتياً لصدقية» واشنطن، سيكبّدها «ثمناً يتعذر احتسابه». وقبل أسبوعين على التصويت على الاتفاق في الكونغرس، نجح أوباما في انتزاع الأصوات ال34 التي تتيح له إحباط جهود الجمهوريين لعرقلة الصفقة في مجلس الشيوخ، بعد إعلان السيناتور باربرا ماكيلسوكي تأييدها الاتفاق، قبل تقاعدها العام المقبل. كما انضم السيناتوران بوب كايسي وكريس كونز الى المؤيدين، علماً أنهما من صقور الديموقراطيين ومقرَبان من إسرائيل. وعلى رغم معارضة معظم المشرعين الأميركيين الاتفاق، لم يعودوا قادرين على عرقلته، ففي حال رفضه الكونغرس خلال تصويت مرتقب في 17 الشهر الجاري، سيستخدم أوباما ال «فيتو»، ولإسقاط ال «فيتو» على المعارضين نيل أصوات ثلثَي أعضاء الكونغرس (67 من 100)، وهذا لم يعد ممكناً حسابياً، بعدما أعلن 34 عضواً ديموقراطياً تأييدهم الاتفاق. وأقرّ ميتش ماكونيل، زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، بأن أوباما «قد يكون قادراً على الحفاظ على حق النقض (فيتو)، من خلال دعم فاتر ومقيّد وحزبي». واستدرك أن مجلس الشيوخ سيجري الأسبوع المقبل نقاشاً «جدياً»، مشدداً على الحاجة الى دعم في الكونغرس، من الحزبين الجمهوري والديموقراطي، من أجل «تعزيز دفاعاتنا في الخليج ومواجهة انتهاكات إيرانية حتمية للاتفاق». وعلّق ناطق باسم الرئيس الجمهوري لمجلس النواب جون باينر: «قد يكون البيت الأبيض أقنع عدداً من الديموقراطيين يكفي لدعم اتفاق، مُضفياً شرعية على البرنامج النووي الإيراني». واستدرك أن النتيجة لن تشكّل «فوزاً بالنسبة إلى الرئيس أوباما». وبعد نصف ساعة على تأمين الإدارة «الرقم الذهبي» في الكونغرس، ألقى كيري خطاباً في فيلادلفيا ورد فيه أن «إيران تحوّلت دولة على عتبة نووية، وإدارة أوباما كانت تدرك ذلك»، لافتاً إلى أن القدرات الذرية لطهران «تمكّنها من صنع قنبلة خلال شهرين فقط»، لكن الاتفاق مدد هذه المهلة «فباتت سنة». وأضاف أن إيران أوفت بكل شروط الاتفاق النووي مع الغرب، مشيراً إلى أنه ينصّ على خفض عدد أجهزة الطرد المركزي المُستخدمة في تخصيب اليورانيوم، إلى الثلثين خلال 10 سنين، «ووقف مفاعل آراك الذي يعمل بماء ثقيل، والذي كان قادراً على صنع قنبلة نووية أو اثنتين». وتابع: «العقوبات التي فرضناها على إيران لم تمنعها من امتلاك قدرات نووية، بل أخّرت امتلاكها سلاحاً ذرياً، وأحضرتها إلى طاولة التفاوض، لا أكثر». كيري في خطابه أمام «مركز الدستور الوطني الأميركي»، والذي بثّه التلفزيون الإيراني مباشرة، شدد على أن الاتفاق سيتيح «صدّ مسار إيراني سري (محتمل) لامتلاك قنبلة، من خلال مراقبة دورية للمنشآت الإيرانية طيلة ربع قرن على الأقل»، محذراً من أن انتهاكها الصفقة «سيدفعنا الى فرض عقوبات مجدداً». وتابع: «ما نفعله يعتمد على خبرة علماء كثيرين عملوا في مجال الأمن القومي. يحظى الاتفاق بدعم دولي، في استثناء دولٍ اتخذت موقفاً مسبقاً منه، كما بموافقة مجلس الأمن، ما يثبت جدواه». ونبّه الى أن «رفض الاتفاق سيوجّه رسالة محيّرة، بحيث أن معظم الناس في العالم سيجدون استحالة في فهمها»، مضيفاً: «يصعب تصوّر ضربة أسرع أو أكثر تدميراً ذاتياً لصدقية أمّتنا وقيادتها، ليس فقط في ما يتعلق بهذه القضية، ولكن في كل المجالات، اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، وحتى أخلاقياً. وسندفع ثمناً يتعذر احتسابه لهذا التراجع الأحادي». وشدد كيري على أن إدارة أوباما ستضمن للحلفاء العرب للولايات المتحدة، ولإسرائيل، «دعماً سياسياً وعسكرياً يحتاجون إليه» لحماية أنفسهم من تهديد إيران. وكان الوزير الأميركي وجّه رسائل الى جميع أعضاء الكونغرس، وصف فيها أمن إسرائيل بأنه «مقدّس»، مذكّراً ببلايين الدولارات التي منحتها واشنطن لتل أبيب من أجل تزويدها أنظمة دفاع صاروخي ومساعدات أمنية أخرى.