كانت قناة «كردسات» ثاني فضائية كردية تطل على العالم من أرض كردستان في اليوم الأول من الألفية الثالثة من مدينة السليمانية، العاصمة الثقافية للإقليم الكردي العراقي. وهي كغالبية الفضائيات الكردية تخصص مساحة للبرامج العربية على شاشتها يتولى إدارتها المذيع فاضل صحبت الذي يقر في حديث إلى «الحياة» بضعف وسائل الإعلام الكردية المرئية في مخاطبة القوميات الحاكمة في الدول المتقاسمة كردستان (تركيا وإيران والعراق وسورية). فهل المعضلة هنا تكمن في غياب التخطيط أم في ضعف الكوادر أم في شح الإمكانات المادية؟ يجيب: «صحيح أن الفضائيات الكردية وخصوصاً في إقليم كردستان لم يمض عليها سوى 11 عاماً، لكنها تعاني من عدم التنظيم والتخطيط الجيد. لذلك هي تتسم بالتقوقع بدلاً من إيصال رسالة إعلامية في شكل هادف الى القوميات الأخرى التي وبحكم التاريخ والموقع الجغرافي، نعيش معها أو بجوارها. وهذا ما يجعلني أقولها وبصراحة نعم هناك ضعف في أداء الإعلام الكردي في مخاطبة الآخر بانفتاح وبروحية عصرية وحضارية بعيداً من التطرف والانعزال». وهل تلبي الحريات الإعلامية في كردستان طموح صحبت الإعلامي، يجيب: «لا شك في أن ثمة مساحة معينة من الحرية في كردستان. لكن كل ذلك يحتاج الى قانون ينظم العمل الصحافي في الإقليم، ويعطي مساحة أوسع للعمل الصحافي ليكون بإمكان الصحافة لعب دورها في الرقابة. لذلك نجد أن هناك شيئاً من الشد والجذب بين الإعلام الحر والسلطة، وفي كل الأحوال يحتاج الإعلام إلى مساحة أوسع من الحريات». وفيما إقليم كردستان ينعم بالأمان والاستقرار، لا يخفي صحبت الألم الذي يشعر به حين يسمع أخبار الموت في باقي أنحاء العراق ويقول: «ينتابني بطبيعة الحال حزن شديد وقلبي يعتصر ألماً عندما أقرأ خبراً عن انفجار عبوة في أي بقعة من العراق وسقوط ضحايا من المدنيين الأبرياء. ولا شك في أن تمتع الإقليم بالأمن والاستقرار لا يعني أننا بعيدون عن معاناة إخوتنا في بقية العراق فنحن نشاطرهم أحزانهم ونتمنى أن تزول آفة الإرهاب وينعم جميع العراقيين بالأمن والسلام والازدهار كبقية شعوب العالم». لكن كيف يفسر ضعف الإعلام المستقل غير الحزبي في إقليم كردستان؟ وما هي مقومات توسع مثل هذا الإعلام وتطوره؟ يجيب: «إن ضعف الإعلام المستقل في كردستان له أسبابه الموضوعية والذاتية إذ أن الكثير من القائمين على وسائل الإعلام المستقلة لا يمتلكون المهارة والكفاءة والخبرة الكافية بما يمكنهم من الارتقاء بالإعلام، وربما يعاب عليهم أن أساليبهم غير حديثة وتفتقر الى المهنية والصدقية وتعاني مؤسساتهم من قلة الموارد والدعم الحكومي الكافي. ثم إن صناعة الإعلام وسوق الإعلان عندنا لا تمكنان أي وسيلة إعلامية من الاعتماد كلياً على أموال الإعلانات التجارية للشركات أو المؤسسات أو الأشخاص المهتمين بهذا الشأن، لذا فإن الإعلام المستقل يحتاج الى إدارة مقتدرة تعتمد المهنية ونقل الخبر كما هو وكشف الحقائق من دون مساومة وعدم اللجوء الى إحداث الفتن والتحريض على العنف والتفرقة القومية والعنصرية والدينية، ناهيك بالبحث عن موارد مالية بصورة مشروعة من منظمات المجتمع المدني والجمعيات التي تدعم الإعلام المستقل والاستفادة من نشر الإعلانات التجارية وإقامة المشاريع الاستثمارية ولو كانت صغيرة». وعن تجربة القنوات الكردية في البث بالعربية ومدى نجاحها في تكريس لغة تخاطب وتفاهم إعلامية بين شريكي الوطن العراقي، العرب والأكراد، وما يميز القسم العربي في قناة «كردسات»، يقول صحبت: «ربما يكون المحتوى العربي في القنوات الكردية محكوماً بالتجاذبات التي أفرزها المشهد السياسي العراقي. وبصراحة الإعلام الكردي لم يستطع شد انتباه المواطن العراقي والعربي على رغم أن هذه القنوات تركز في جانب منها على المشتركات ونقاط الالتقاء بين مكونات الشعب العراقي بما يضمن بناء بلد على أساس المساواة والعدل». ويضيف: «على رغم ضآلة مساحة القسم العربي في «كردسات»، فإن إدارة القناة شعرت بأهمية وجود هذا القسم لإيصال رسالتها إلى الشريك العربي في الوطن العراقي. من هنا نتناول الأحداث التي تشهدها الساحة العراقية على مختلف الصعد والمشاكل والخلافات التي قد تعيق المسيرة الديموقراطية وتهدد مستقبل البلاد إلى جانب مشاريع الإعمار والبناء التي تنفذ هنا وهناك. ونهتم بأخبار الوزارات في الحكومة الاتحادية وكل الدوائر والمؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني. ونتعامل مع الحدث سواء في كردستان أم في عموم العراق كقصة خبرية بحسب أهميته وتأثيره بعيداً من التحيز والانتقائية».