تصاعدت أمس حدة الحملة الانتخابية للمرشحين في الانتخابات العامة في السودان، المقرر اجراؤها في نيسان (أبريل) المقبل، إذ تعهد مرشح الحزب الحاكم الرئيس عمر البشير الانسحاب من السلطة «في هدوء» اذا لم يكسب السباق الانتخابي، وانتقد في شدة القوى الغربية، واتهمها بعرقلة السلام في دارفور ومحاصرة حكومته. ودعا البشير خلال تدشين حملته الانتخابية في ملعب رياضي في أم درمان الأحزاب السياسية ومنافسيه في الانتخابات الى الابتعاد عن المهاترات وأسلوب الشتائم، والمنافسة في إطار انتخابات حرة ونزيهة خالية من التزوير والتدليس. وقال: «لن نتقرب إلى الله بالتزوير والتدليس». وأضاف: «لم نعوّد الشعب على الكذب، وننفذ ما نؤمن به، والآن نقدم أنفسنا بعد مسيرة 20 عاماً لم تكن سهلة ... جئنا ورفعنا الشعارات التحررية، وواجهنا ضغوطاً وحصاراً سياسياً واقتصادياً ومؤامرات». وأكد أن السلام في دارفور سيأتي بإرادة السودانيين «على رغم أنف المحرضين»، وقال إن الدم السوداني أغلى من كل أموال الدنيا، و«لا نعمل من أجل فوز في انتخابات». وحمل في شدة على القوى الغربية، واتهمها بالوقوف وراء فشل عملية السلام في دارفور. واستنكر البشير صمت المجتمع الدولي عمّا لمح إليه من جرائم ارتكبت في نيجيريا، معتبراً أن الصمت تجاه ما جرى في هذا البلد لا يفسر إلا بكون الضحايا مسلمين. وأنكر مجدداً أن يكون إقليم دارفور شهد أي جرائم حرب أو إبادة جماعية. وسخر من مدعي المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينيو أوكامبو الذي يسعى لتسليمه بعدما كسب العام الماضي مذكرة اعتقال بحق البشير بدعوى ارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور. وقال البشير إنه مستعد لعقد سلام في إقليم دارفور منذ سبع سنوات مع أي شخص هناك لديه الرغبة في التوقيع على اتفاق. ووعد بالإصلاح الاقتصادي وإصلاح التعليم، وتحدث عمّا وصفه بالاقتصاد الخرب الذي ورثته حكومته عندما تولى السلطة في انقلاب ابيض عام 1989. وقال إن الوقود كان محدداً بنسب للمواطنين ولم يكن لدى الجيش سلاح ولا ذخيرة، ولم يكن الناس يجدون الخبز، وكان التعليم رفاهية للأغنياء. وقال إنه سيواصل تطبيق برنامجه الرامي إلى تحويل السودان إلى دولة صناعية ودولة زراعية. وأكد أن أحداً لم يجبره على إجراء هذه الانتخابات. وأكد أنه يريد انتخابات نزيهة ونظيفة. وانتقد حكومة رئيس الوزراء السابق الصادق المهدي التي أطاح بها عبر انقلاب عسكري عام 1989، وقال إنها أورثت البلاد الفقر والغلاء والندرة وتردي الأمن، مشيراً الى أنه وجد في خزينة الدولة لدى تسلمه السلطة مئة ألف دولار وقمح يكفي البلاد ثلاثة أيام. كما دشنت «الحركة الشعبية لتحرير السودان» عصر أمس حملتها في الخرطوم، وتبنى مرشحها للرئاسة ياسر عرمان شعار «الأمل والتغيير»، وحمل في شدة على حكم البشير واتهمه بقهر مواطنيه واستعبادهم وإذلالهم، وتعهد بناء «سودان جديد»، وتغيير البلاد من الشمولية والفساد والظلم الى الحرية والعدالة والشفافية. وقال إنه سيجعل السودان «وطناً جاذباً لا طارداً»، مشيراً الى أن الوطن صار على حافة الانهيار «ولولا نفط الجنوب لانهار السودان». وأضاف عرمان أن سياسة حزب «المؤتمر الوطني» الحاكم تدفع جنوب السودان إلى الانفصال والخروج من خريطته الجغرافية. واتهم الحزب الحاكم بالتراجع عن اتفاق السلام، وقال إنه مرشح باسم «العدالة والكرامة والسلام العادل والحريات». ووعد بتحرير المرأة وإعادة المفصولين من الخدمة المدنية واستعادة «الدولة المخطوفة». الى ذلك، عقد مجلس الجامعة العربية اجتماعاً استثنائياً في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وأكد الأمين العام للجامعة عمرو موسى لدى مخاطبته أعمال المجلس تحسن الأوضاع الأمنية والإنسانية في دارفور. وقال إن الموقف في الإقليم انتقل من حال الاضطرابات الى الاستقرار. كما أن العملية السياسية أصحبت تسير بخطى سريعة، معرباً عن أمله بأن تتوصل مفاوضات الدوحة الى إنهاء حالة العداوة وسوء الظن بين السودانيين. واعتبر اجتماع الجامعة العربية في الفاشر رسالة واضحة للتضامن العربي مع الجهود الرامية لاستقرار السودان. وقال إن العمل العربي في دارفور وصل الى مستوى لا بأس به، مؤكداً استكمال عملية الإعمار في الإقليم لبناء مزيد من المدارس والمستشفيات. ووصف موسى الانتخابات المقبلة في السودان بأنها بداية عملية ديموقراطية غير مسبوقة. وقال إن الأمر يعود الى الناخب السوداني لانتخاب قيادته ومؤسساته. وأعلن ترحيبه بالتقارب السوداني - التشادي. ودعا الخرطوم ونجامينا الى العمل المستمر والتعاون الكامل. وأعلن مجلس الجامعة العربية في ختام اجتماعاته تأييده الجهود العربية والأفريقية لحل أزمة دارفور عبر مفاوضات الدوحة. ودعا «اعلان الفاشر» الحركات الدارفورية الى توحيد مواقفها التفاوضية لتحقيق تسوية سلمية في أسرع ما يمكن لاستقرار الأوضاع في دارفور. كما طالب الإعلان الآلية المشتركة للجامعة العربية والسودان بمواصلة عملها لتقديم الحاجات اللازمة لبرنامج العودة الطوعية للنازحين واللاجئين. وطلب من الأمانة العامة للجامعة تقديم تقرير عن الجهود العربية في دارفور الى القمة العربية المقبلة المقرر عقدها في ليبيا في آذار (مارس) المقبل. وأكد الإعلان رفض الجامعة العربية قرار الدائرة التمهيدية في المحكمة الجنائية الدولية توجيه تهمة الإبادة الجماعية الى الرئيس عمر البشير. وكانت الطائرة التي تقل الأمين العام للجامعة العربية والوفد المرافق له هبطت اضطرارياً في مدينة الأبيض في وسط السودان بسبب مشكلات فنية في مطار الخرطوم، وذلك في طريق عودتهم من دارفور ليل السبت. وأمضى الوفد ليلته في الأبيض قبل أن يتوجه الى الفاشر صباح أمس.