بدأت أمس محكمة أمن الدولة العليا (طوارئ) في القاهرة النظر في محاكمة 25 أصولياً تتهمهم السلطات الأمنية باعتناق فكر «التكفير والجهاد» وتشكيل سرية ل«الولاء والبراء» وتنفيذ هجوم مسلح على متجر لبيع الحلي يملكه قبطي في منطقة الزيتون (شرق القاهرة)، وذلك في ما عرف في وسائل الإعلام المصرية ب «خلية الزيتون». جاء ذلك فيما أرجات المحكمة ذاتها (أمن الدولة العليا) إلى غد الثلثاء، النظر في إعادة محاكمة قائد الجناح العسكري في الجماعة الإسلامية في صعيد مصر، عبد الحميد عثمان الشهير ب«أبو عقرب»، والذي سلم نفسة في حزيران (يونيو) عام 2007 بعد هروب دام 15 عاماً من تنفيذ حكمين أصدرتهما المحكمة العسكرية بإعدامه في تسعينات القرن الماضي. ووسط إجراءات أمنية ووجود إعلامي، أرجات محكمة أمن الدولة العليا (طوارئ) في ضاحية التجمع الخامس (شمال شرقي القاهرة) النظر أمس في محاكمة عناصر خلية «التكفير والجهاد»، والتي تضم 25 متهماً بينهم فلسطينيان، إلى 20 آذار (مارس) المقبل، وذلك بعدما تلا ممثل الادعاء لائحة الاتهامات. وأثبتت المحكمة حضور 35 محامياً يمثلون هيئة الدفاع. وفيما اتهم عناصر الخلية أجهزة الأمن بتعذيبهم وتلفيق أفعال لم يرتكبوها، طالبت نيابة أمن الدولة بإعدام المتهمين شنقاً. واقتيد المتهمون بزيهم الأبيض صباح أمس داخل المحكمة وسط حراسة أمنية مشددة وإجراءات أمنية اعتادت قوى الأمن اتباعها في مثل تلك القضايا. وسمحت أجهزة الأمن بدخول أحد أفراد عائلة كل متهم، فيما وقف عشرات الأهالي خارج ساحة المحكمة. وفور إيداع عناصر الخلية، والتي أحالها النائب العام في مصر عبد المجيد محمود على المحاكمة قفص الاتهامات، تعالت صيحاتهم داخل ساحة المحكمة، مؤكدين براءتهم من الاتهامات المنسوبة إليهم كافة. وأشاروا أمام كاميرات الفضائيات التي تدافعت لتصويرهم إلى تعرضهم للتعذيب من أجل إكراههم على الإدلاء باعترافات لوقائع لم يقدموا على ارتكابها وتلفيق الاتهامات لهم. وعلى مدار عشر دقائق، تلا المستشار طاهر الخولي المحامي العام لنيابة أمن الدولة العليا قرار الاتهام الصادر ضد المتهمين، وطالب في ختامه بتوقيع أقصى العقوبات المقررة قانوناً على المتهمين، والتي تصل إلى الإعدام شنقاً. ونسبت النيابة في قرار الاتهام إلى المتهم الأول وقائد الخلية محمد فهيم، قيامه بإنشاء وإدارة وتولي زعامة جماعة أسست خلافاً للقانون، الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين، ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها، والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين، وذلك بأن أنشأ وأدار وتولى زعامة جماعة (سرية الولاء والبراء) التي تدعو إلى تكفير الحاكم وإباحة الخروج عليه وتغيير نظام الحكم بالقوة والاعتداء على أفراد الشرطة والسياح الأجانب والأقباط واستحلال أموالهم وممتلكاتهم، واستهداف المنشآت العامة والبترولية والمجرى الملاحي لقناة السويس والسفن المارة بها بهدف الإخلال بالنظام العام وتعريض سلام المجتمع وأمنه للخطر وكان الإرهاب من الوسائل التي تستخدمها الجماعة في تحقيق أغراضها. كما نسبت إلى المتهمين محمد خميس السيد وأحمد السيد الشعراوي ومحمد صلاح عبد الفتاح وخالد عادل حسين وأحمد عادل حسين أنهم تولوا قيادة الجماعة المذكورة، عبر عضويتهم لمجلس شورى سرية الولاء والبراء. ونسبت النيابة إلى المتهمين المذكورين وثمانية متهمين آخرين من الخلية أنهم أمدوا «سرية الولاء والبراء» بأموال ومعدات تتمثل في سيارات وأدوات غطس وأجهزة إلكترونية وأجهزة توجيه من بعد (جي بي إس) لتحديد المواقع والأماكن من خلال إحداثيات عبر الأقمار الاصطناعية ودوائر إلكترونية وكهربائية متطورة من بينها تصميمات لسيارات يمكن تسييرها من بعد دون قائد وتتصل بهواتف محمولة للتحكم بها، وأيضاً تصاميم لمحركات نفاثة تعمل بالوقود والهواء وتصميم لقنبلة طائرة التي تعرف أيضاً بالصاروخ (في ون) الذي استخدم في الحرب العالمية الثانية، وإدخال تعديلات عليه وتوجيهه وإطلاقه بواسطة محرك يعمل بالوقود والهواء ووسيلة إشعال كهربائية، مع علمهم بأهداف الجماعة وما تدعو إليه من أغراض. واتهمت النيابة عناصر وأفراد الخلية بقتل صاحب أحد محال الصاغة والمشغولات الذهبية في منطقة الزيتون ويدعى مكرم عازر (مسيحي) وثلاثة من العاملين لديه عمداً مع سبق الإصرار والترصد لتمويل عملياتهم الإرهابية، وذلك بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتل العاملين في المحل وسرقة ما به من مصوغات ومشغولات ذهبية وأموال، وأعدوا لهذا الغرض أسلحة نارية تتمثل في مسدسات وفرد خرطوش. وأشارت إلى أن المتهمين محمد رضوان حماد وتامر محمد موسى ومحمد حسن عبد العاطي، تسللوا داخل البلاد وخارجها مرات من خلال قطاع غزة في طريق غير مشروع من خلال أحد الأنفاق. وطالب دفاع المتهمين، بالسماح لهم بالحصول على نسخة من ملف التحقيقات المقدم إلى المحكمة، مشيرين إلى أن النسخة التي حصلوا عليها من نيابة أمن الدولة تنقصها 106 ورقة كاملة، وإعطائهم أجلاً مناسباً حتى يتمكنوا من الاطلاع على ملف القضية الذي يربو على 3600 ورقة. وفي غضون ذلك، أرجات محكمة جنايات أمن الدولة العليا «طوارئ» في القاهرة أمس إلى جلسة الغد «الثلثاء» النظر في إعادة محاكمة عبد الحميد عثمان الشهير ب«أبو عقرب» أحد أعضاء تنظيم «الجماعة الإسلامية» المحظور في مصر والذي نسبت إليه نيابة أمن الدولة العليا التخطيط والاشتراك في استهداف قيادات قوات الأمن في محافظة أسيوط في صعيد مصر في تسعينات القرن الماضي. وسبق أن صدر بحق «أبو عقرب» حكمان بالإعدام «غيابياً»، لقيادته إحدى الخلايا الإرهابية التابعة ل«تنظيم الجماعة الإسلامية»، إذ نُسب إليه ارتكاب ثماني عمليات إرهابية في محافظة أسيوط (جنوبالقاهرة). وجاء قرار المحكمة بالتأجيل للاستماع إلى إفادة طبيب أمراض العيون بمصلحة الطب الشرعي ومناقشته في شأن تشخيصه لما يعانيه «أبو عقرب» من مرض في عينيه، وإعادة عرضه على الطب الشرعي لتشخيص وضعه الطبي. واستمعت المحكمة أمس إلى شهادة المقدم حسن سيد عبد الجواد الرئيس السابق لمباحث أبو تيج في محافظة أسيوط، والذي أكد للمحكمة أن تحرياته ومصادره السرية أكدتا أن «أبو عقرب» أشرف بنفسه على التخطيط وارتكاب عملية اغتيال اللواء محمد عبد اللطيف الشيمي مساعد مدير أمن محافظة أسيوط، وعدد من القيادات الأمنية وقتئذ. من جهتها، نفت هيئة الدفاع عن «أبو عقرب» ارتكابه الجرائم المنسوبة إليه، ودفعت ببراءته استناداً إلى عدم قدرته على القيادة أو الضلوع في أي عمليات إرهابية، نظراً لوضعه الصحي السيء منذ صغره، وما يعانيه من ضعف حاد في البصر منذ ولادته تصل إلى درجة تصنيفه على أنه كفيف. وكانت نيابة أمن الدولة العليا اتهمت «أبو عقرب» بالوقوف وراء سلسلة هجمات إرهابية واغتيالات طالت قيادات أمنية كبيرة في وزارة الداخلية المصرية. وأضافت النيابة أن «أبو عقرب» الذي ظل هارباً لأكثر من 15 عاماً في محافظة المنيا في صعيد مصر، انضم إلى تنظيم الجماعة الإسلامية الذي ينتهج العنف، ويهدف إلى تعطيل السلم العام والخروج على الحاكم وتكفيره من خلال القيام ببعض الأعمال الإرهابية داخل البلاد، إذ خطط واتفق مع بقية عناصر الخلية الإرهابية التابعة له على قتل قائد قوات أمن محافظة أسيوط العميد شرين محمد فهمي وأمين الشرطة حسن سعد أثناء محاولاتهما وقف أعماله الإرهابية داخل البلاد.