يحيي لبنان اليوم الذكرى الخامسة لاغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري في حشد شعبي كبير، كما في كل عام في 14 شباط (فبراير)، منذ العام 2005، توقع منظموه في الأمانة العامة ل «قوى 14 آذار» أن يكون مفاجئاً في حجمه، في ساحة الحرية (الشهداء). وحرصت قوى سياسية في المعارضة على إعطاء الذكرى بعداً وطنياً، خصوصاً حركة «أمل» و «حزب الله»، فوضع وفد نيابي – إداري بتكليف من رئيس البرلمان نبيه بري إكليلاً من الورد على ضريح الحريري وسط بيروت، فيما زار نجله رئيس الحكومة سعد الحريري وفد من «حزب الله» مساء أمس للمناسبة. وظللت المناسبة شعارات عدة من قوى 14 آذار، مع صور الشهداء الذين سقطوا بين عام 2005 و2008 من نواب وسياسيين وصحافيين وعسكريين وأبرز هذه الشعارات: «مستمرون. مستمرون». و «كرمالك وكرمال لبنان سننزل» و «كرمال الذي حققناه سننزل». وكان رئيس الحكومة استنهض اللبنانيين للمشاركة في الحشد الشعبي اليوم وأعلن مواقف مدروسة في شأن الملفات السياسية الآنية المطروحة لا تخرج عن مواقفه المعلنة، معتمداً لهجة إيجابية تجاه العلاقات اللبنانية – السورية وإزالة الاحتقان المذهبي. وفيما استبعد الحريري حرباً على لبنان على رغم التهديدات، فإنه شدد على أهمية الإصلاحات التي يجرى درسها لقانون الانتخابات البلدية، وأكد أن التعيينات في لجنة الرقابة على المصارف ستتم يوم الأربعاء أو الخميس المقبلين. وأكد أن المحكمة الدولية مستمرة وأنه يقبل بالنتائج التي تنتج عنها، وأنه لن يفرقه عن حلفائه في قوى 14 آذار إلا الموت، معتبراً أن تمايز حليفه رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط عنها حق ديموقراطي له. وفيما زار رؤساء الطوائف الإسلامية الثلاث في لبنان ضريح الحريري، أعلنت السيدة نازك رفيق الحريري في حديث الى «الحياة» أن العائلة «تقف مع سعد الحريري في تحقيق رسالة والده». وأكدت أن المحكمة الدولية «لم تتشكل لتفشل»، مشيرة الى نيتها العودة الى بيروت من الخارج قريباً. وتحدثت عن «تفعيل عملنا الوطني والاجتماعي»، وكشفت عن تخصيص الأممالمتحدة جائزة باسم رفيق الحريري تكريماً لذكراه. ودعا رئيس الحكومة السابق رئيس كتلة «المستقبل» النيابية فؤاد السنيورة الى «تحويل الذكرى الى يوم للقاء وطني بين كل اللبنانيين المؤمنين بالعيش المشترك والاستقلال والحرية والنظام الديموقراطي». وقال إن «شهادة الحريري ورفاقه كانت تمهيداً بالدم للاستقلال اللبناني الثاني». وبموازاة إحياء الذكرى يتهيأ «حزب الله» لإحياء ذكرى اغتيال القائد العسكري فيه عماد مغنية (في 12 شباط 2008) الثلثاء المقبل. وزار ضريحه أمس نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، ووضع إكليلاً من الورد، كما زارت الضريح شخصيات أخرى. وشهدت الحدود الجنوبية استنفاراً نسبياً من الجهة الإسرائيلية لاقتراب المناسبة وخوفاً من انتقام الحزب إزاء عملية الاغتيال. على صعيد آخر تواصلت أمس، عمليات البحث عن الضحايا الباقية من ركاب الطائرة الأثيوبية المنكوبة، وعمليات الغوص والتصوير في عمق البحر بحثاً عن الجزء المتعلق بذاكرة قمرة القيادة في الصندوق الأسود الثاني لانتشاله. وتسلم بعض أهالي الضحايا رفاة ثلاثة من الركاب الذين قضوا، فيما تسلمت القنصلية الأثيوبية جثث 5 ضحايا تعود الى رجل و4 نساء أثيوبيين. وأقيمت صلاة الغائب عن روح إحدى الضحايا في بلدة مزرعة الشوف في الجبل. وطالب بعض الأهالي في بيان تلوه أمام مستشفى بيروت الحكومي برفع الجثامين والأشلاء كاملة من دون تأخير وبتوسيع رقعة التفتيش. وسأل هؤلاء عن تعليق الدولة عن وجود الصندوق الأسود ناقصاً وما هي الإجراءات في هذا الصدد. من جهة ثانية أعلنت السفارة الأميركية في بيروت في بيان أن محادثات نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع إلياس المر في واشنطن ولقاءه مع مساعد وزير الدفاع الأميركي لشؤون الأمن الدولي ألكسندر فيرشبو في الاجتماع الثاني للجنة العسكرية المشتركة، شدد على الشراكة العسكرية الطويلة الأمد بين الولاياتالمتحدة ولبنان. وجاء في البيان أن المشاركين في اللجنة العسكرية المشتركة «ناقشوا المساعدات العسكرية الحالية والمستقبلية الى لبنان، بما في ذلك المبلغ المتوقع بقيمة 200 مليون دولار من التمويل العسكري الخارجي (الأميركي) للجيش اللبناني على مدى العامين المقبلين». وأكدت السفارة ان «جهود التعاون لعام 2010 ستتركز بشكل خاص على حاجات وحدة العمليات الخاصة، مع الإشارة الى أن الولاياتالمتحدة تقدم أكثر من 11 مليون دولار في مجال التدريب و56 مليون دولار في مجال المعدات المتطورة والمتخصصة للوحدات المتخصصة، بما فيها أسلحة مضادة للتحصينات (AT-4) و (SMAW-D)، وصواريخ مضادة للدروع، وطائرات من دون طيار، وبنادق القناصة، وأجهزة رؤية ليلية، وغيرها من المعدات، والولاياتالمتحدة ستضمن باستمرار بأن لدى الجيش اللبناني ووحدات عملياته الخاصة التدريب والمعدات الضرورية من أجل تنفيذ مهماتهم الموسعة». وتتوقع الولاياتالمتحدة، وفق البيان، «المزيد من هذا التعاون في السنوات المقبلة، وبما أن وحدة العمليات الخاصة هي في طليعة وحدات الجيش اللبناني، سيكون لهذه الوحدة التدريبات والمعدات اللازمة لتنفيذ مهماتها الموسعة». وذكر البيان الى أن واشنطن «تتطلع الى أن يكون الجيش اللبناني مؤسسة أكثر تطوراً ولها اعتبارها خارج وداخل لبنان قادرة على توفير الأمن على كل الأراضي اللبنانية»، مشيرا الى أن المسؤولين الأميركيين ناقشوا مع المر تطبيق كل قرارات مجلس الأمن المتعلقة بلبنان.