أجمعت التعليقات على تشكيلة حكومة الانتخابات الانتقالية التي شكّلها رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، على أنها حملت مفاجآت قد يكون وراءها تدخّل الرئيس رجب طيب أردوغان في اللحظة الأخيرة، لا سيما أن اجتماعه برئيس الوزراء للتصديق على التشكيلة تجاوز الساعة من الزمن، ما يعني حصول نقاش حول أسماء قدّمها داود أوغلو لأردوغان. ولعلّ أبرز هذه المفاجآت التي لم تسرّب أي إشارة عنها، كان استبدال وزير الداخلية المستقلّ صباح الدين أوزترك الذي تولّى مهامه قبل شهرين فقط من الانتخابات السابقة التي أجريت في 7 حزيران (يونيو) الماضي، بآخر جديد «مستقل» في هذه الوزارة التي يشدّد الدستور على استقلالية وزيرها لأنه المشرف مباشرة على أمن الانتخابات. وعيّن مدير أمن اسطنبول سلامي ألطن أوك، المعروف بولائه الشديد لأردوغان، الذي اعتمد عليه في الفترة الماضية أثناء معالجة أزمة قضية الفساد والرشوة التي طاولت عدداً من وزراء حكومة «العدالة والتنمية» ومقرّبين منه، وكذلك في إجراء تغييرات كبيرة في مديرية الأمن للتخلّص من المتّهمين بالولاء لجماعة الداعية المعارض فتح الله غولن. واعتبرت المعارضة أن ألطن أوك «ليس الاسم الأفضل لتأمين نزاهة الانتخابات، في ظل الحرب مع حزب العمال الكردستاني واستقطاب سياسي كبير وقلق من احتمال حصول تزوير». الاسم الآخر كان يالتشن طوبشو القومي الإسلامي التوجّه، الذي شغل منصب وزير السياحة والثقافة، في إشارة واضحة إلى خطة حملة الانتخابات لحزب «العدالة والتنمية» التي سيغازل فيها التيار الإسلامي والقومي معاً. كما عزز ذلك تعيين عايشان غورجان وزيرة للشؤون الاجتماعية كأول وزيرة محجّبة في تاريخ البلاد. وينسجم ذلك مع إشارات الى التفاهم مع حزب «السعادة الإسلامي» الذي أسّسه الراحل نجم الدين أربكان، على خوض الانتخابات المقبلة تحت مظلة واحدة. وفيما غابت عن التشكيلة الجديدة قيادات محسوبة على الرئيس السابق عبدالله غل، مثل بولنت أرينش وعلي باباجان، كافأ داود أوغلو النائب القومي طغرل توركش بتعيينه نائباً لرئيس الوزراء، بعدما وافق على الانضمام إلى الحكومة على رغم قرار زعيم «الحركة القومية» دولت باهشلي مقاطعتها، والذي أعلن من طرفه طرد توركش من الحزب. كما ضمّت الحكومة الجديدة، وزيرين علويين هما علي حيدر كونجا ومسلم دوجان عن حزب «الشعوب الديموقراطي» الموالي للأكراد، فتوليا وزارتي الاتحاد الأوروبي والإسكان والتعمير، وهما في حكم المشلولتين بسبب تجميد العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، وصعوبة التوقيع على مشاريع إسكانية جديدة خلال الشهرين المقبلين قبل الإنتخابات المقررة في الأول من تشرين الثاني (نوفمبر). في المقابل، منح داود أوغلو دفعة قوية لمستشاره المخلص منذ عهد وزارة الخارجية فيريدون سينرلي أوغلو، بتعيينه وزيراً للخارجية. ويتمتع الأخير بعلاقات طيّبة مع واشنطن، في إشارة الى تركيز الاهتمام على العلاقة بالولايات المتحدة في المرحلة المقبلة. كما أنه ديبلوماسي مخضرم تولّى مسؤوليات مع حكومة «العدالة والتنمية» منذ توليها الحكم في العام 2002. وأبقى داود أوغلو على وزراء الدفاع والمال والاقتصاد والتعليم والصحة والصناعة والبيئة والمياه، وكذلك نائب رئيس الوزراء المسؤول عن الملفّ الكردي يالتشن أكضوغان، في الحكومة الجديدة. ويراهن على أن ترفع التشكيلة الجديدة نسبة التصويت لحزبه في الانتخابات المقبلة، خصوصاً من التيار القومي والإسلامي ومصالحة جزء من التيار العلوي.