حذّر رجل الأعمال المتخصص في تجارة الرز محمد بن عبدالرحمن الشعلان من موجة ارتفاع في أسعار الرز خلال الفترة المقبلة، بسبب زيادة الأسعار في الهند هذا الموسم بنسبة 40 في المئة و«ومن يتوقع أن ينعكس ذلك مستقبلاً على الأسعار في الداخل» وقال الشعلان الذي يشغل منصب المدير العام لشركة عبدالرحمن ومحمد العبدالعزيز الشعلان في مقابلة مع «الحياة»، إن حجم واردات المملكة من الرز يتراوح بين 1. و 1.3 مليون طن سنوياً، بكلفة تقدر بنحو 960 مليون ريال. وعزا ارتفاع أسعار الرز العام الماضي إلى زيادة الطلب العالمي من أوروبا وأميركا وإيرإن، وبخاصة على الرز البسمتي الهندي الذي ارتفع بشكل كبير، إضافة إلى انخفاض الإنتاج خلال العامين الماضيين، وتحسن أوضاع المعيشة في الهند الذي نتج منه استهلاك كميات كبيرة من الرز. واعتبر الشعلان وهو عضو اللجنة الغذائية في «غرفة الرياض»، أن قرار رفع الدعم الحكومي عن الرز والبالغ ألف ريال للطن «لم يكن دقيقاً، وتوقيت رفعه لم يكن مناسباً، لأنه كان في بداية موسم الشراء، وهو ما يتوقع أن يكون له ضرر سلبي على الاسعار». وأشار إلى أن هذا القرار جاء بعد أن رأت وزاراتا التجارة والصناعة والمالية أن المستفيد من ذلك الدعم هم التجار المنتجون للرز في الهند، «وهذا غير دقيق، لأن الهند تنتج سنوياً أكثر من 99 مليون طن سنوياً من الرز، وتصدر منه كميات كبيرة، حصة المملكة منه 800 ألف طن سنوياً، هي كمية محدودة جداً، وهو ما يؤكد عدم استفادة تجار الهند من ذلك الدعم». وتابع يقول: «بل بالعكس عندما ارتفعت الأسعار العام الماضي بشكل كببر ووصل سعر الطن إلى ألفي دولار جاء الدعم، وأسهم في خفض الأسعار، واستفاد المستهلك في الداخل»، مؤكداً أن المستوردين تضرروا من الارتفاعات التي حدثت في العام الماضي مثلهم مثل المستهلك. وهنا نص الحوار: تشهد سوق المواد الغذائية تقلبات بين فترة وخرى... كيف تنظرون إلى ذلك؟ - سوق المواد الغذائية عموماً في المملكة تعتمد على الاستيراد بنسبة كبيرة تتجاوز 90 في المئة من مختلف بلدان العالم الصناعية والزراعية، ماعدا بعض السلع المحدودة، ولا سيما أن المملكة ليست بلداً منتجاً أو مصنعاً للكثير من المنتجات الغذائية، وهذا يجعلنا لا نستطيع التحكم في الأسعار، إذ إن هذه الدول الصناعية أو المنتجة، وهي التي تحدد الأسعار، وفق عدد من العوامل التي تخضع لها تلك البلدان، سواء كانت عوامل سياسة أم اقتصادية أم غيرها. ومن العوامل التي كانت معروفة لدى الكثير من الاقتصاديين الضرائب التي فرضتها الهند على صادراتها من الرز، والتي تسبب في ارتفاع الأسعار على التجار، ومن ثم على المستهلك. لذا فإن الأسعار سواء ارتفعت أن انخفضت لا تكون مفروضة من التاجر السعودي أو حتى من الجهات المختصة ذات العلاقة، إضافة إلى أن المملكة تخضع لأنظمة التجارة الحرة، والتنافس هو الذي يحدد السعر، والمستهلك أصبح واعياً بذلك، وهذا ما يؤكد أن أي تاجر أو مجموعة من التجار لا يستطيعون التلاعب بالأسعار أو الاتفاق على ذلك، بناء على تخطيطهم أو رغبتهم، وكل ما يحصل عليه التاجر هو هامش ربح بسيط ومحدود. أما ما يتعلق بتثبيت الأسعار فهذا صعب، ولا سيما للسلع المستوردة، نظراً إلى خضوع الأسعار للتقلبات العالمية التي تحدث في البلدان المصنعة، وهذا ما يجعل من تثبيت الأسعار أمراً غير مجدٍ. ما أسباب ارتفاع أسعار الرز في العامين الماضيين؟ - ارتفاع الأسعار كان على معظم السلع التموينية المستوردة، أما الرز فكان له مسببات من أهمهما ارتفاع الطلب العالمي من أوروبا وأميركا وإيران، وبخاصة الرز البسمتي الهندي الذي ارتفع بشكل كبير، إضافة إلى قلة المحصول المنتج والذي كان محدوداً في العامين الماضيين، كما أن تحسن أوضاع المعيشة في الهند نتج منه استهلاك كميات كبيرة من الرز البسمتي، وكذلك ارتفاع وانخفاض أسعار العملة مع سعر الربية الهندية، وفرض الحكومة الهندية ضرائب على صادراتها من الرز، وجميعها عوامل تسببت في رفع الأسعار. هل تأثر المستوردون بتلك الارتفاعات؟ - نعم، تضرروا من تلك الارتفاعات، وهذا ما يجعلني أؤكد أن بقاء الأسعار منخفضة وفي متناول المستهلكين سيكون في مصلحة المستورد، لأن ذلك سيسهم في بيعه كميات كبيرة وبربح مناسب، بينما إذا ارتفعت الأسعار فإن الشراء سيكون محدوداً، وسيكون هامش الربح محدوداً، وبالتالي سيتضرر المستورد. هل سجلتم تراجعاً في المبيعات عقب ارتفاع الأسعار؟ - نظراً إلى تعدد أنواع الرز فإن الطلب عليه مستمر ومستقر، ولكن تغير سلوك المستهلك هو الذي جعله يتجه إلى أنواع من الرز ذات أسعار مناسبة، ولا سيما أنه الوجبة الرئيسية للشعب السعودي وغيرهم من المقيمين، ومن الصعب الاستغناء عنه. قدمت الدولة دعماً للرز مقداره ألف ريال للطن... كيف كان تأثيره؟ وكم حجمه؟ - الدعم كان يهدف إلى حل مشكلة ارتفاع الأسعار، وأسهم الدعم في استقرار وتراجع الأسعار، وظهر أثر ذلك إيجابياً أخيراً، وكان المستفيد من ذلك الدعم هو المستهلك. ولكن رأت وزارتا التجارة والمالية أن المستفيد من ذلك الدعم هم التجار المنتجون للرز في الهند، وهذا غير دقيق، لأن الهند تنتج سنوياً اكثر من 99 مليون طن، وتصدر منه كميات كبيرة، حصة المملكة منها نحو 800 ألف طن سنوياً فقط، وتعتبر كميات محدودة، وهو ما يؤكد عدم استفادة تجار الهند من ذلك الدعم، بل بالعكس عندما ارتفعت الأسعار العام الماضي بشكل كببر ووصل سعر الطن إلى ألفي دولار، جاء الدعم وأسهم في خفض الأسعار واستفاد المستهلك في الداخل، إضافة إلى أن توقيت رفع الدعم لم يكن مناسباً، لأنه كان في بداية الشراء في أول الموسم، وكان يجب تأجيله فترة. وما رأي المستوردين عقب رفع الدعم؟ - كان هناك لقاء بين وزارة التجارة وبعض مستوردي الرز حول ذلك الموضوع، وتم تبادل وجهات النظر، ولم تتم مناقشة أو أخذ الرأي حول وقت رفع الدعم، ولا سيما أن توقيت الرفع لم يكن مناسباً، لأنه يتوافق مع موسم الشراء، وهذا أسهم في ارتفاع الأسعار مرة ثانية، ولا سيما في البلدان المصدرة، ومن المتوقع أن ينعكس ذلك سلباً على الاسعار في الداخل، ولا سيما أن أسعار الرز في الهند سجلت ارتفاعات كبيرة تجاوزت 40 في المئة. ما البلدان التي يتم استيراد الرز منها؟ - 80 في المئة من بلدان شرق آسيا تزرع وتنتج الرز، والمملكة تستورد من كل من الهند وباكستان وتايلند والفيليبين وفيتنام وأميركا ومصر وإيطاليا، ويتراوح حجم واردات المملكة من الرز بين 1.1 و 1.3 مليون طن سنوياً، بقيمة تبلغ نحو 960 مليون ريال. هل هناك حصص ثابتة لكل مستورد من الرز؟ - ليست هناك حصص محددة، والسوق مفتوحة لجميع المستوردين والسوق حرة، ويستطيع كل مستورد شراء الكمية التي يريدها، وليس لوزارة التجارة دور في ذلك. ما أنواع الرز التي يتم استيرادها؟ - هناك أكثر من 20 نوعاً من الرز يتم استيرادها، وتختلف في الجودة من نوع إلى آخر، وهناك أسواق مختلفة ويمكن لأي مستورد الشراء منها في حال نشوء أزمة في أسواق الهند، ويعتبر الرز البسمتي الهندي الأول في السعودية، و80 في المئة من استهلاك السعودية من هذا النوع، ومن الصعب التنازل عنه أو البحث عن أنواع أخرى، إضافة إلى أن الطلب العالمي عليه بدأ يرتفع بشكل كبير نظراً إلى جودته، ولا يمكن زراعته الا في الهند وباكستان، وتختلف أسعاره في البلدين، إذ ينخفض بنحو 10 في المئة في باكستان. كم يقدر حجم مخزون الرز في المملكة؟ - حجم مخزونه جيد ويرتفع وينخفض في أول الموسم وآخره، ومع ذلك فلا خوف من قلته، إذ تتوافر منه كميات كبيرة، وهناك أنواع كثيرة، ومن المتوقع ألا ينضب المخزون، ولكن الخوف فقط من ارتفاع الأسعار المتوقع. هل تتوقعون ارتفاعات جديدة في أسعار الرز محلياً وعالمياً؟ - السوق العالمية تسجل ارتفاعات في الأسعار على مستوى المواد الغذائية، وهناك توقعات بارتفاعات جديدة تتراوح بين 10 و 40 في المئة بحسب نوعية المواد الغذائية ومنها الرز، وتوجد عوامل أخرى تسهم في ارتفاع الأسعار، منها ما يتعلق بالشحن، وارتفاع أسعار الوقود، والتأمين، والأزمات العالمية والإقليمية. كيف تنظرون إلى الاستثمار الزراعي للمستثمرين السعوديين في الخارج؟ - يعتبر هذا التوجه الجديد خطوة جيدة، على رغم أن هذا التوجه يحتاج إلى ضوابط، ولا سيما أن ذلك يتوقف على البلد المستضيف المقدم للأراضي الزراعية وسياساته الخارجية من حيث فرض الضرائب أو عدم التصدير؟ وهل سيتم استثناء تلك الاستثمارات الزراعية السعودية من القرارات الداخلية في هذا البلد؟ هل لدى شركتكم توجه للاستثمار الزراعي في الخارج؟ - نعم، لدينا التوجه للاستثمار في زراعة الرز، ولكن يخضع ذلك لعدم وجود عقبات أمام تلك الاستثمارات، ووجود ضمانات تنظم هذا التوجه، وهناك دراسة لوضع ضوابط للاستثمار الزراعي في الخارج، ونتطلع إلى أن تسهم بشكل جيد في منع أي عقبات قد تعترض تلك الاستثمارات. ونخطط أن تكون استثماراتنا من خلال شركتنا أو بالتعاون مع شركاء أو مستثمرين آخرين، ولدينا دراسات في هذا المجال سيتم تطبيقها في حال الاستثمار الخارجي. اتجهت الهند العام الماضي لفرض ضرائب على صادراتها من الرز... ما الأسباب؟ - أسباب فرض الضرائب يعود إلى سياسات داخلية في الهند، وتسببت في رفع الاسعار وزيادة كلفة الاستيراد، وانعكس ذلك على الأسعار في الداخل، وتم البحث في تلك الضرائب العام الماضي مع التجار في الهند، وانتهت المفاوضات برفع الضرائب على صادراتها من الرز. ومن المتوقع أن تستقر أسعار الرز هذا العام في الداخل، نظراً إلى توافر كميات كبيرة في السوق السعودية، إلا أن هناك ارتفاعاً ملحوظاً وغير مبرر للأسعار في الهند الموسم الحالي بنسبة 40 في المئة. هل هناك تنسيق بين التجار السعوديين في الداخل في حال نشوب أزمة معينة؟ - نعم، هناك تنسيق وتنظيم لاجتماعات دورية على مستوى المملكة لدرس أوضاع سوق الرز، وبحث المشكلات وإيجاد الحلول، إضافة إلى الدور الذي تقوم به وزارة التجارة بمتابعة المستجدات والعمل على جمع التجار لإيجاد الحلول لأي ازمة تحدث في سوق الرز، وكذلك هناك توجه لإنشاء جمعية أو لجنة لمستوردي الرز لتسهم في حل مختلف المشكلات.