أعاد الجدل الحالي الدائر حول مضاعفة عقوبات المخالفات المرورية، القاعدة الشرعية «الحكم على شيء فرع عن تصوره» ومدى التزام الشرعيين بها، إذ شنوا على إدارة المرور ونظامها المطبق حديثاً، حملة مضادة، بيد أن صورته الحقيقية تختلف عما يردده الشرعيون الغاضبون. ويبدو أن محاولة «إدارة المرور» حثّ الناس على السرعة في السداد لم تحقق المرجو منها، بعد أن أسيء فهمها من الشرعيين، إذ وزعت المخالفات المرورية إلى فئات لها حد أدنى وأعلى كأن تكون المخالفة ب(900) ريال، وإذا سدد المخالف قسيمته في أقل من شهر تصبح ب(500) ريال، لكنها فسرت كنوع من الربا. وكان الاختلاف الشرعي حول مضاعفة القسائم، أثير لما اعتبر مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ الإجراء من «الربا» الذي لا يجوز العمل به مطلقاً حتى لو القصد منه عدم ارتكاب المخالفات المرورية. وأوضح المفتي في لقاء إعلامي متلفز أن ما يُعمل به حالياً من مضاعفة للمخالفات المرورية من أوجه الربا، وهي عبارة عن أموال كالدين ان لم تسددها خلال فترة معينة تتم مضاعفتها عليك وهذا الأمر يُعتبر ربا. لكن الفقيه البارز الشيخ عبدالمحسن العبيكان لم يتفق مع رأي المفتي العام في اعتباره المضاعفة من الربا، وإنما وقف ضد المضاعفة من باب الرأفة والرحمة بالناس. إلا أن الجدل لامس أفئدة الجماهير، إذ احتفت المنتديات الالكترونية به واتخذته ذريعة للتحامل على إدارة المرور، فمع ارتفاع تكاليف الحياة اليومية وتشتت الراتب الشهري بين فواتير كهرباء واتصالات، لا يبدو أنهم مرحبون بدخول المخالفات على الخط، كما يقولون. الجدل الحالي، فتح أبواباً مغلقة على إدارة المرور، فتساءل الناس حول ضرائب مرورية تؤخذ بغير وجه حق من وجهة نظره، إذ يقول أحدهم: «بأي حق أدفع مخالفة عدم تجديد رخصة تصل إلى (500 ريال)»، وهل يعقل أن الإنسان مع مرور الوقت يزداد جهلاً بالقيادة، إذ من المعلوم أن الإنسان مع مرور الوقت تتحسّن قيادته فلماذا يطالبون بتجديد الرخصة؟ على رغم أن مدير الإدارة العامة للمرور اللواء سليمان بن عبدالرحمن العجلان أوضح في تصريحات صحافية سابقة أن المرور إدارة تنفيذية لا تشريعية، إلا أن ذلك لم يخفف من حدة النقد، إذ أبان العجلان أن المخالفات المرورية تحتسب بالحد الأدنى لمن أراد التسديد خلال 30 يوماً من تاريخ تسجيلها في الحاسب الآلي، وليس من تاريخ التحرير، كمساعدة للمواطنين بحسب نظام المرور. إضافة إلى أنه لا تتم مضاعفتها كما يعتقد الكثيرون، بل تحتسب بالحد الأعلى في حال مضي ال30 يوماً الأولى المخصصة للخفض. من تلك الانتقادات التي وجهها رواد المنتديات، التعسفات التي يزعم مرتادو المنتديات وجودها من بعض الضباط، إذ يقول أحدهم: «ضباط المرور يقومون بمجازاة الأفراد الذين لا يأتون بالعدد المطلوب من المخالفات، ويوضح: «يعني لازم يجيب مخالفات حتى ولو يظلم المواطن أهم شيء يخلص دفتر المخالفات». ووصف أحدهم «نظام المرور الجديد» بأنه مشروع ضد المواطن، واعتبره لاستنزاف أموال المواطن ولشفط جيبه، «هو مشروع جباية وليس للمصلحة العامة». يذكر أن النظام الجديد وزّع المخالفات المرورية (وفقاً لموقع المرور) إلى أربع فئات: الفئة الأولى، رفع مبلغ المخالفة من 500 ريال إلى 900 ريال خلال شهر، ومن هذه المخالفات: قيادة المركبة قبل الحصول على رخصة قيادة، وسير المركبة من دون لوحات، أو قيادة المركبة تحت تأثير الكحول وقطع الإشارة والسير عكس اتجاه السير وتجاوز السرعة المسموح بها. أما الفئة الثانية، فتشمل رفع مبلغ المخالفة من 300 ريال إلى 500 ريال، ومن هذه المخالفات: التعديل على هيكل السيارة، وعدم الوقوف عند نقاط التفتيش، ونقل عدد أكبر من الركاب المسموح به في المركبة، وعدم إعطاء أفضلية المرور للسيارات الرسمية، إضافة إلى القيادة برخصة منتهية. الفئة الثالثة، وفيها يتم رفع مبلغ المخالفة من 150 ريالاً إلى 300 ريال، ومن هذه المخالفات: عدم تقديم المركبة للفحص الدوري وعدم حمل رخصة قيادة وعدم المحافظة على لوحات المركبة وإساءة استعمال منبه المركبة. أما الفئة الرابعة، وهي أقل الفئات، وفيها يتم رفع مبلغ المخالفة من 100 ريال إلى 150 ريالاً، ومن هذه المخالفات رمي أي أجسام خارج المركبة أثناء سيرها، والتباطؤ في السير على نحو يعرقل الحركة المرورية، إضافة إلى الانشغال بغير الطريق أثناء قيادة المركبة.