توقفت طموحاته وانتهت أفراحه وبدأ مسلسل مآسيه. كان ينظر إلى المستقبل بعين التفاؤل، ويتوق بكل شغف إلى ذلك اليوم الذي تبدأ فيه حياته الوظيفية لرد الدين إلى والديه. كل ذلك بات الآن من الذكريات إذ ولت أيام الضحكات والمناسبات الاجتماعية وانعزل بعيداً عن أصدقائه ليواجه آلامه وهمومه، وربما يأسه في وقت ما. هذا هو واقع الشاب البراق محمد علي شراحيلي، الذي أصيب بالشلل إثر حادثة مرورية، كان المتسبب فيها أحد أفراد الدوريات الأمنية. ويعود محمد شراحيلي (والد البراق) بالذاكرة إلى الوراء: «كان ابني يقود سيارته في شكل طبيعي عندما اصطدمت به سيارة الدورية أثناء مطاردتها سيارة أخرى»، موضحاً أنه وعلى رغم حجم المأساة وإصابة ابنه بالإعاقة الجسدية، إلا أنه يحمد الله على أن ابنه لم يتوفى، «من شاهد سيارة ابني لا يظن أنه على قيد الحياة حتى الآن». ويضيف: «كان سائق الدورية برتبة جندي أول، وعلاوة على ما فعله، من مطاردة السيارة الأخرى وهو أمر محظور، إضافة إلى تسببه في حادثة مرورية شنيعة، فقد أتبع ذلك بالتهرب من المسؤولية تجاه ما حدث لابني والمماطلة في هذا الأمر»، مؤكداً أن موقف الدوريات الأمنية في جازان كان سلبياً للغاية، «لم يعاقبوا سائق الدورية الذي أنهى مستقبل ابني وجعلنا نعيش الحزن والمرارة». وطالب شراحيلي الجهات المسؤولة بالتدخل للنظر في قضية ابنه المُقعد منذ نحو خمسة أشهر، لافتاً إلى أنه تقدم بشكوى إلى أمير منطقة جازان للنظر في وضع ابنه. ولا يخفي والد البراق وجود دعوى مقدمة لدى المحكمة الجزئية في جازان ضد الجندي أول في الدوريات الأمنية المتسبب في الحادثة، مستدركاً: «ما زال يماطل في الحضور لأعذار واهية متكررة». ويعتبر شراحيلي أن ما يواجهونه حالياً من مماطلات المتسبب في الحادثة لا يقل ألماً وشعوراً بالغبن من الحادثة، متهماً الإدارة التي يعمل فيها الجندي أول بالتساهل في حقوق أفراد المجتمع، المطالبين بحمايتهم، «لو كان هناك شخص يماطل في الحضور إلى المحكمة لكان من واجب الدوريات إحضاره وتنفيذ أمر القضاء، فما بالهم يتساهلون في إحضار شخص يعمل عندهم ويرسلون الأعذار تلو الأعذار بأن المطلوب لديه إجازات مَرَضية؟». ويتابع: «معاناة البراق لا يقدّر حجمها سوى من اكتوى بنار أحزانها وعاش مع ضحيتها، فمنذ خمسة أشهر ولا همَّ لنا سوى الدعاء بشفاء ابننا ومسح دموعنا ومحاولة التكيف مع واقعنا الأليم»، مشيراً إلى أن آثار هذه المأساة واضحة جداً في وجوه أفراد الأسرة. وبحسب التقرير الطبي فقد أصيب البراق بشلل سفلي رخو كامل وغياب الانعكاسات بالكاحلين والركبتين والسرة، إضافة إلى فقدان كامل في الإحساس حتى الفقرة الظهرية الرابعة. كما تؤكد النتائج وجود تضيق ملحوظ في الأجسام الفقرية في مستوى الفقرتين الظهريتين الثانية والثالثة وتآكل نهايات الصفائح وانحشار جسم الفقرة الظهرية الثالثة، مع كسر انقلاعي يشمل الصحيفة اليمنى للفقرة الظهرية الثانية عشرة. ويشير التقرير إلى وجود دليل على انحشار شظايا عظمية في القناة الشوكية في هذا المستوى، علاوة على وجود خلع جزئي أمامي لجسم الفقرة القطنية الثانية. ويأمل شراحيلي بسرعة إنجاز المعاملة من القضاء، حتى تتسنى لهم المطالبة بتكاليف علاج ولده الذي تتدهور حاله الصحية والنفسية يوماً بعد يوم. كما ناشد ولاة الأمر النظر في علاج البراق في أحد المراكز العلاجية المتطورة، «ابني لم يتجاوز ال22 من عمره، والأطباء شددوا على ضرورة علاجه مبكراً قبل أن تستفحل الحالة ويصعب التعامل معها».
