يبدو أن الحكومة الإسرائيلية عازمة على إنهاء قضية الأسير المحامي محمد علان، أو إطلاقه في حال أصيب بعاهة مستدامة، في تعديل واضح للشروط التي كانت وضعتها سابقاً، في شكل يسرع من الإفراج عنه من دون ان تظهر انها قدمت تنازلات. وفيما بحثت المحكمة العليا الإسرائيلية أمس في التماس للإفراج عن علان المضرب عن الطعام منذ شهرين على اسس طبية رفض الأسير الفلسطيني عرض النيابة العسكرية الإسرائيلية اطلاقه في الثالث من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل مقابل وقف إضرابه، وأصرّ على الإفراج الفوري. وتضاربت الأنباء أمس في شأن الوضع الصحي للأسير علان، فيما أعلن بعد ظهر أمس طبيب في مستشفى «برزيلاي» في عسقلان حيث نقل علان انه «لا يبدو ان الأسير علان تعرض لإصابة في دماغه غير قابلة للعلاج. ثمة تدهور في صحته لكنه في حال وعي». وكانت ممثلة الدولة ذكرت في بداية جلسة المحكمة أمس إن «علان يخضع حالياً للفحص الطبي، وإذا اتضح أنه أصيب بضرر لا يمكن إصلاحه ستعلن الدولة إلغاء أمر اعتقاله» ادارياً. وتخشى إسرائيل في حالة الإفراج عن علان بلا شروط أن يشجع ذلك بضع مئات من المعتقلين الفلسطينيين المشتبه بقيامهم بأعمال مناهضة لإسرائيل على الإضراب عن الطعام. ولأكثر من أربع ساعات جرت في أروقة المحكمة اتصالات بين محامي الأسير من جهة وممثلي النيابة العامة والمؤسسة الأمنية من جهة أخرى، تناولت اقتراح الأخيرين عدم تمديد اعتقال الأسير إدارياً لفترة ثالثة لنصف عام إضافي مع انتهاء محكوميته الحالية في الثالث من تشرين الثاني المقبل، فيما أصر محامو الأسير على الإفراج عنه فوراً اعتماداً على المعيار القضائي للمحكمة قبل يومين القاضي بأنه طالما أن صحته متدهورة فإنه لا يشكل أي خطر على أمن الدولة. وأكد مركز عدالة رفض العرض الإسرائيلي، وطالب في بيان موقّع أيضاً من محامي علان «بإطلاق سراحه فوراً، فحالته الصحية سيئة جداً وتدهورت أكثر هذا الصباح، ونرفض تأخير الإفراج عنه». وأبلغت النيابة العامة المحكمة بأنه في حال اتضح أن حال الأسير الصحية تدهورت في شكل خطير وتسبب بضرر لدماغه لا تسمح له بالعودة إلى حياته الطبيعية وأثرت في جسده فإن اعتقاله سيلغى فوراً وسيتم تحريره. وكانت المحكمة عقدت جلسة مماثلة الإثنين الماضي للنظر في التماس قدمه محاموه لإطلاقه نظراً لخطورة وضعه الصحي بعد أكثر من 64 يوماً على شروعه في الإضراب المفتوح عن الطعام. ودخل علان (31 سنة) في غيبوبة الجمعة الماضي بعد تدهور وضعه الصحي، وأفاق من غيبوبته أول من أمس وأعلن أنه ماضٍ في إضرابه حتى ينال حريته، ورفضه أي مقترح يقضي بإبعاده، على رغم أن الأطباء أكدوا أنه لا يزال في حال الخطر، واحتمال الوفاة المفاجئة لا تزال واردة. ونقلت وسائل إعلام عبرية عن مصادر في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية اعتقادها بأنه في حال توفي علان في السجن فإن ذلك «قد يشعل رد فعل عنيفاً ليس فقط في الضفة الغربية إنما في قطاع غزة أيضاً»، مشيرين إلى أنه سبق ل «كتائب القدس» التابعة للجهاد الإسلامي في القطاع أن أعلنت أنه في حال توفي الأسير فإنها ليست ملزمة مواصلة التهدئة على حدود القطاع. وحذّر والد الأسير في مقابلة مع صحيفة «هآرتس» من تبعات وفاة ابنه بسبب إضرابه عن الطعام، وقال: «إذ حصل ذلك لا سمح الله فسنكون شاهدين على ما هو أسوأ من الانتفاضة. وأضاف: «إذا مات ابني تموت العدالة، وتموت الإنسانية. وسيختفي ضمير المجتمع الدولي الذي لا يحرك ساكناً. وأي رد فعل يحصل على الوفاة لن يكون بسبب الفلسطينيين. فقط ربنا يعرف ماذا سيحصل». وأكد أن ابنه المحامي لم يرتكب أية مخالفة أمنية، «ولو كانت لدى سلطات الاحتلال أدلة تثبت ادعاءاتها لحاكمته وما اعتقلته إدارياً». وقالت المحامية سوسن زهر من طاقم محامي الأسير للإذاعة العبرية العامة، مع بدء نظر المحكمة في الملف إن الاقتراح الإسرائيلي ليس إفراجاً عن الأسير، إنما فقط يقضي بعدم تمديد الاعتقال لستة أشهر أخرى وموقفنا واضح وهو الإفراج الفوري عنه لننقذ حياته وليتلقى العلاج اللازم، لكنها أضافت أن «القرار متروك للأسير نفسه، وهو صاحب القرار الأخير». وأضافت إنه «لا يمكن القول إن تراجع النيابة العامة عن تمديد اعتقاله لفترة ثالثة يمهد لإلغاء الاعتقالات الإدارية، مشيرةً إلى أن الاقتراحات المختلفة التي قدمتها النيابة العامة تقوم على اعتبارات سياسية وليست قضائية، «وكنا نريد أن يكون القرار قضائياً ضد الاعتقال الإداري. وزادت أنه مع ذلك، إذا قبل علاّن بالاقتراح «فسيكون هذا إنجازاً». و كرر وزير الأمن الداخلي يغآل أردان موقفه المعارض الإفراج عن الأسير وقال إنه يعارض كل الاقتراحات المقدمة، لأن الإفراج عنه سيعتبر مكافأة له على الإضراب عن الطعام وقد يجر إضراباً جماعياً للأسرى الأمنيين «بعد أن رأوا أنه سلاح جديد يمكن به ابتزاز دولة إسرائيل». وأضاف أنه ينبغي محاربة الإرهاب بكل حزم من دون البحث عن تسويات». واستبقت منظمة «الماغور» الإسرائيلية التي تمثل «عائلات مصابي الإرهاب» صدور قرار المحكمة باعتبار أي إفراح عنه «فضيحة بل خنوعاً سيتسبب في قتل يهود» بداعي ان أسرى محررين في صفقات سابقة «عادوا لممارسة الإرهاب وقتلوا إسرائيليين». وأضافت أن «يهوداً سيدفعون دمهم بسبب غشاوة على قلب قضاة المحكمة.