أكد رئيس الحكومة الفرنسي فرانسوا فيون بعد لقائه الرئيس التونسي زين العابدين بن علي أمس، أن الأزمة الاقتصادية العالمية لن تفرض على فرنسا خفض تمويلها ومساعداتها الأساسية على صعيد الشراكة مع تونس. وقال فيون خلال مؤتمر صحافي عقده في مركز اتحاد الصناعة والتجارة في تونس، عقب ندوة اختتمها والوزير التونسي الأول محمد الغنوشي، إن زيارته كرّست الالتزامات التي تعهد بها الرئيس نيكولا ساركوزي خلال زيارة الدولة التي قام بها الى تونس في نيسان (أبريل) الماضي. وأضاف أن الزيارة تخللها توقيع اتفاقات مهمة في مجالات عدة منها التعاون الجامعي والنقل الجوي والقطارات، وان بن علي وافق على شراء 16 قطار انفاق (مترو) بقيمة 65 مليون يورو، كما تم اطلاق التعاون في مجال الطاقة النووية مما يمثل «شراكة عميقة» بين البلدين. وتابع أن الشراكة مع تونس في المجال النووي فريدة كونها لا تشبه أي سلعة أخرى، مثل وحدات تحلية المياه مثلاً، وأن المصانع النووية تقوم على «شراكة بين دولة وأخرى». وأوضح أن الشراكة مع تونس في هذا المجال هدفها تمكينها من أن تحصل على قدرات لتطوير وحدات في القطاع التقني، وهي شراكة تمتد طوال السنوات الخمسين المقبلة. وقال إنه تناول مع الرئيس بن علي موضوع الاتحاد من أجل المتوسط، مشدداً على أنه لا ينبغي التوقف في هذا «المسار الأساسي» للمنطقة بسبب التداعيات المنبثقة عن أزمة غزة، مؤكداً أن الصعوبات التي تعترض مسار الاتحاد ينبغي ألا تدفع إلى التسليم بفشله. وعبّر عن اقتناعه بأن الاتحاد من أجل المتوسط ليس مشكلة لكنه حل، وأنه اتفق مع بن علي على الاستمرار في هذا المسار ووضع اللجان التقنية التي تمكّن بروز مشاريع ملموسة لمصلحة الشعبين مثل مكافحة التلوث وتنظيم الطرق البحرية وغير ذلك. وتابع فيون أنه ينبغي تركيز الجهود على حل صراع الشرق الأوسط، بما في ذلك ممارسة أقصى ضغط على إسرائيل و «هذا ما تقوم به فرنسا ليكون هناك تغيير ولتكون الديبلوماسية الفرنسية في خدمة هذا الهدف، بحيث يتحقق ما يتوقعه العالم ووافق عليه وهو إنشاء دولة فلسطينية قابلة للعيش». وأكد أن هذا هو المخرج الوحيد، وان كل الجهود مركزة عليه، وعلى حل هذا الصراع لكي لا يعيق تقدم إنشاء الاتحاد من أجل المتوسط الحيوي للمنطقة. ورداً على سؤال حول ما إذا كان تناول موضوع حقوق الانسان مع الرئيس بن علي وسبب غياب وزيرة حقوق الانسان راما ياد عن الوفد المرافق له، أجاب أن ياد لا ترافقه باستمرار وأن موضوع حقوق الإنسان يطرح نفسه أينما كان، لكن فرنسا لا تعطي دروساً وهي في الوقت نفسه متنبهة جداً لحقوق الإنسان. وعبّر عن اعتقاده بأنه يطلب من تونس أكثر مما يطلب من دول أخرى في المنطقة لأنها أكثر شبهاً بفرنسا ولأنها وصلت إلى مستوى عال من التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وأن المسار الديموقراطي مستمر، لافتاً إلى أن بن علي أعلن عن حضور مراقبين دوليين لانتخابات الخريف المقبل وأن الاتحاد الأوروبي جاهز للمساعدة على ذلك. وذكرت وكالة «فرانس برس» أن فرنسا تأمل على المدى المتوسط في الملف النووي المدني في الحصول على عقد لبناء محطة نووية في تونس بحلول 2020، كما تتطلع باريس في مجال النقل الى إبرام اتفاق اطار آخر، والفوز بمشروع توسيع «ترامواي تونس» وما يضاهي قطار الضواحي في باريس. وفي ما يخص الشركات التونسية الصغيرة والمتوسطة التي تساهم في النمو الذي يقدر هذه السنة بنحو ثلاثة في المئة (4.5 في المئة بحسب الاحصاءات التونسية) رغم الازمة، منحت فرنساتونس مساعدة قيمتها أربعون مليون يورو مقيّدة بشرط التزود من الشركات الفرنسية. واعلن مقر رئاسة الحكومة أن بعد زيارة العمل التي تنتهي مساء الجمعة سيبقى فيون في تونس لقضاء نهاية الأسبوع في زيارة خاصة. فرنسا وتنشط في تونس نحو 1200 مؤسسة فرنسية من بين قرابة ثلاثة آلاف مؤسسة أجنبية في البلاد. ويرافق فيون نحو 70 مسؤولاً تنفيذياً من رجال الأعمال ومديري الشركات الفرنسية. ونقلت وكالة «رويترز» عن موقع الانترنت للسفارة الفرنسية في تونس أن فرنسا أكبر شريك تجاري لتونس وهي أكبر مستثمر أجنبي في قطاع النفط. وبلغت المبادلات التجارية بين البلدين خلال عام 2008 نحو 7.2 بليون دولار. وبلغ حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في تونس أكثر من ثلاثة بلايين دينار (أكثر من بليوني دولار) في العام الماضي من بينها نحو 504 ملايين دينار استثمارات فرنسية.