لعلها مفارقة تحمل في طياتها عبراً كثيرة وتجمع بين أكبر اتحادين رياضيين عالميين. الاتحاد الدولي لكرة القدم الأغنى بإيرادات تتخطى خمسة بلايين دولار، والاتحاد الدولي لألعاب القوى «الرياضة الأساس» في «الحركة والتحرّك» الذي يضم 214 اتحاداً وطنياً. ففي كلا المنظومتين أزمة ثقة ونزاهة. «فيفا» أو اتحاد كرة القدم يتخبّط على وقع زلزال فضائح مالية وفساد ورشى وابتزاز منذ أيار (مايو) الماضي، «أطاح» رئيسه المنتخب لولاية خامسة السويسري جوزف بلاتر، الذي لم «يحمل» ضغط الاتهامات والحملات و«التهديدات» فاستقال طوعاً بعد أربعة أيام من إعادة انتخابه، وأطلق «ورشة إصلاح شفافة» ولو متأخرة، ويسيّر الأمور حتى الانتخابات المرتقبة في 26 شباط (فبراير) المقبل. والاتحاد الدولي لألعاب القوى «المصدوم بفيضان حالات التنشّط» يختار انتخابياً اليوم رئيساً جديداً مفاضلاً بين المرشحين البطلين العالميين الأولمبيين البريطاني سيباستيان كو والأوكراني سيرغي بوبكا، خلفاً للسنغالي لامين دياك (82 سنة) الذي أمضى 16 عاماً في منصبه، وقبل ثلاثة أيام من انطلاق منافسات بطولة العالم التي تستمر حتى 30 الجاري في بكين. في أروقة «فيفا» الجميع يده على قلبه خوفاً من استدعاء إلى التحقيق، وفتح ملفات تورّط بعد اعتقال سبعة أعضاء من لجنته التنفيذية وتهم طاولت 14 مسؤولاً حالياً وسابقاً وشركات للتسويق الرياضي، فضلاً عن تراشق تهم و«هجمات إعلامية» حامية الوطيس و«منسّقة» بين بلاتر والثنائي المرشّح لخلافته حتى الساعة، رئيس الاتحاد الأوروبي النجم الفرنسي السابق ميشال بلاتيني والبليونير الكوري الجنوبي تشونع مونغ جون. واللافت أن كليهما كان تحت جناح بلاتر الذي كان بدوره مدعوماً من «أجنحة وسلطات عليا» وفّرت له البروز في مقابل تسهيله تحقيق أحلامها وطموحاتها. لكن عندما «تدور الدائرة» وتتصدّر المصالح الشخصية يصبح الكلام مختلفاً. فقبل أيام وفي إطار حربه الاستباقية الوقائية، كشف بلاتر أن بلاتيني هدده بالسجن. وردّ على اتهام مونغ جون ل»فيفا» بأنه «فاسد»، مذكّراً إياه بأنه كان «نائباً لرئيسه وعضواً في لجنة الطوارئ على مدى أكثر من 17 عاماً»، واصفاً ما جاء في بيان ترشّحه بأنه «قليل الاحترام بحق جميع المعنيين...». ولم يوفّر مونغ جون بلاتيني، فقال إنه «ملوّث» في شكل قاتل بسبب علاقته السابقة ببلاتر، وهو «نتاج النظام الحالي لفيفا». كما أن المرشّح السابق للرئاسة الأردني الأمير علي بن الحسين اعتبر بلاتيني «جزءاً من هذا النظام» على رغم أنه حظي بدعم رئيس الاتحاد الأوروبي لترشّحه ضد بلاتر في انتخابات أيار الماضي، مطالباً بوصول «رؤوس جديدة». كذلك ردّ الأمين العام ل»فيفا» الفرنسي جيروم فالك على انتقادات الأمير علي حول المبالغ المنفقة على البلدان الفقيرة ب»أنها مخيبة للآمال» مبدياً استغرابه لأنه شغل منصب نائب رئيس لجنة التطوير في الاتحاد الدولي بين تشرين الأول (أكتوبر) 2011 وآذار (مارس) 2013». وينتظر أن تسلّي فصول مسرحية الاتهامات والردود والمفاجآت كثيرين وترفّه عنهم حتى موعد الانتخابات المقبلة. لكن في «مضمار أم الألعاب» فإن فضائح المنشطات طاغية خصوصاً بعدما كشفت القناة الألمانية «أي آر دي» وصحيفة «صنداي تايمز» البريطانية قبل نحو أسبوعين أن الثلث من أصل 146 رياضياً نالوا ميداليات عالمية بين 2001 و2012 في سباقي ال800م والماراثون يمثلون حالات مشبوهة، ما أثار جدلاً كبيراً وانتقاداً من الاتحاد الدولي الذي اعتبر ذلك استهدافاً مباشراً ظالماً. وهو أوقف أخيراً 28 رياضياً للاشتباه بتنشّطهم خلال بطولتي العالم 2005 و2007، علماً أن عدداً كبيراً من هؤلاء اعتزل. كما رفض الاتحاد الدولي أن تقارن حالة اللعبة راهناً بما تعرّضت له منافسات الدراجات الهوائية قبل 20 عاماً. وجزم في بيان أصدره قبل أيام بأنه أنفق العام الماضي 3 ملايين دولار لمكافحة المنشطات وأجرى 25 ألف تحليل مخبري، في مقابل 23 ألفاً لاتحاد الدراجات الذي أنفق 1.1 مليون دولار.