أطلق فيصل العنان لشعره ليتجه في الاتجاهات كلها من دون أن يسمح لمقص أن يطاله. كغيره من أصحاب «الشعر المنفوش»، يتذمر من نظرة الناس إليه ويتساءل: «لماذا ينظر إلينا كمخطئين؟». ويستهجن مصادرة الحرية التي يراها في عيون الناس عندما ترقبه، «على رغم أنني لم أرتكب أي خطأ بحق أي شخص، فأنا وسواي ممن اخترنا الشعر المنفوش، لم نرتكب مخالفة دينية بعملنا هذا، ولم يأت في النصوص الدينية ما ينهى عما نفعل». ويقول: «ليس كل من سرح شعره بطريقة «كدش» سيء الأخلاق. ومن وجهة نظري فالشباب السعودي مكافح ومثابر، لكن هناك دائماً من يبحث عن السلبيات أكثر من الإيجابيات، خصوصاً أننا لم نخالف الشريعة الإسلامية». ويتابع: «نحن شباب قادرون على العمل والعطاء، وما نقوم به من تسريحات يعبر عن الرأي الشخصي والحرية الشخصية». ويستغرب فيصل (18 سنة) طريقة التعامل الحكومية معهم «فعندما نكون في سيارة وتوقفنا دوريات شرطة أو مرور يطرح السؤال الآتي: هل معكم شاب كدش؟». ويشعر فيصل وزملاؤه، كما يؤكد، بالاحتقار والإهانة من طريقة تصرف رجال الأمن معهم، مع أنه من الأولى – من وجهة نظره – أن يتم البحث في السيارات عن الممنوعات التي تشكل خطراً على حياتهم وحياة أفراد المجتمع عموماً. ويؤكد فيصل أن أسرته ليس لديها أي اعتراض على شكل شعره، «باستثناء شقيقتي التي تعترض على شكل شعري باستمرار». وتعاقب وزارة الداخلية السعودية الشبان والمراهقين الذين يرتدون ملابس مخلة بالأدب العام، وبدأت منذ خمسة أشهر تقريباً باحتجاز من يظهر في الأماكن العامة بمظهر غير لائق سواء كان بقصة شعر غريبة أو ملابس «غير مألوفة». أما المراهق تركي الخالدي (14 سنة) فيؤكد أنه وزملاءه وأصدقاءه ليسوا ضد أي قرار، لكنه اعتبر أن قرار وزارة الداخلية سيؤدي إلى «القبض على نصف شباب الرياض». ويشير إلى أنهم كشباب لا يملكون بديلاً من الاهتمام بالشكل أو الوجود في المقاهي أو التجول بالسيارات، خصوصاً أنه لا توجد أماكن مخصصة لقضاء أوقات الفراغ. ويشير إلى أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لن تستطيع حلق رؤوس هؤلاء الشباب العنيدين رغماً عنهم، «لعدم وجود جسر تواصل بيننا وبينهم في آلية الحوار». في حين يؤكد الشاب تركي بن فيصل، وهو موظف (23 سنة)، أن معظم شباب «الكدش» لا يقتدون بممثل أو مغن، «إنما حب التجربة هو ما جعلهم يبادرون الى هذه القصات، وبعضهم تكون طبيعة شعورهم خشنة، فيستغلون ذلك». ويستغرب تركي سياسة المنع مع ان نجوماً محبوبين في السعودية كانوا يعتمدون قصات شعر مشابهة من دون أن يحدث أي رد فعل، «مثل النجم ماجد عبد الله الذي كان يلعب في بعض المباريات وشعره بالطريقة نفسها، من دون أن يثار أي جدل حول الموضوع». ويظهر «شباب الكدش» كما يحلو للسعوديين تسميتهم بوضوح في الشوارع الأشهر في المدن الكبيرة، وفي المقاهي أو على الكورنيش على شكل جماعات، خصوصاً ليلتي الخميس والجمعة، لافتين النظر بشعرهم المنفوش والسراويل الغريبة بأسمائها المبتذلة «طيحني» و «بابا سامحني»، والمظاهر العجيبة. وبحسب رجال دين ومتخصصين في علوم المجتمع، فإن الأمر بات يشكل خريطة على الجانب البنائي في المجتمع، فمن جهة فإن ما يقومون به من ارتداء لملابس شاذة من باب التقليد يعد محرماً في الدين، في حين اعتبر اختصاصي اجتماعي أن الأمر دليل على الخواء الذي تعاني منه هذه الفئة. ويؤكد أستاذ علم الاجتماع في جامعة الإمام محمد بن سعود الدكتور عبدالرزاق الزهراني، أن التغيرات السريعة في المجتمعات العربية والعالمية هي السبب وراء تفشي ظواهر اجتماعية سلبية، مشيراً إلى أن مثل هذه الظواهر بدأت تظهر على مستوى العالم بعد الثورة الفرنسية التي انتشرت من خلالها ظواهر اجتماعية عدة. وأوضح الزهراني في حديث إلى «الحياة» أن تقليد الآخرين في تصرفاتهم ومظاهرهم وغيرها من أمور التقليد هو إحدى قواعد الظواهر الاجتماعية التي تنم عن ضعف الشخصية وفقدان الثقة بالنفس. ويأتي التعميم بعد أن شاعت بين بعض فئات الشباب موضات مخلة بالآداب العامة، كارتداء ملابس «طيحني» وتصفيف الشعر «الكدش» وغيرها من الظواهر الاجتماعية التي بدأ بعض الشباب تقليدها بعد أن منعتها جهات دولية على مواطنيها. وكان مجلس الشيوخ في ولاية فلوريدا الأميركية وافق العام الماضي على مشروع قانون يقضي بحرمان الطلاب الذين يرتدون سراويل «منخفضة الوسط» موقتاً من الحضور إلى المدارس. ويقول مؤيدو مشروع قانون، حرمان الطلاب من الدراسة في أميركا، الجديد، إن المدارس لا تضع في بعض الأحيان نظاماً يحدد الملابس اللائقة، وإن الأهل عادة ما يكونون غير مدركين لما يرتديه أبناؤهم لدى ذهابهم إلى المدرسة. ويرى صاحب فكرة مشروع القانون عضو مجلس الشيوخ في فلوريدا عن مدينة اورلاندو السيناتور الديموقراطي غاري سيبلين، أن تلك الموضة لها قصة، فهي كانت شائعة من طريق فناني موسيقى الراب، بعد أن بدأت انطلاقتها وظهورها أولاً بين السجناء، وذلك كعلامة الى تطلعهم إلى ممارسة الجنس. وأشار السيناتور إلى أن الهدف من توصيل هذه الفكرة إلى المجتمع هو تعريف الآخرين بأن «الموضة» التي انتشرت بين الشباب مصدرها غير جيد، مطالباً بأن تكون بيئة المدارس نموذجاً. كما أصدرت مدينة ريفيرا بيتش في فلوريدا قانونها الخاص بالسراويل المنخفضة الوسط، بفرض عقوبة حدها الأقصى السجن 60 يوماً لتكرار انتهاك القانون الذي يحظر ارتداءها.