ضمت «وحدات حماية الشعب» الكردية آلاف المقاتلين خلال الأشهر الماضية في سعيها لتعزيز نفوذها في شمال سورية وشمالها الشرقي، في أراض نجحت في انتزاعها من قبضة تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش). وتقول الوحدات الكردية التي تقاتل تنظيم «داعش» مدعومة بغارات جوية لتحالف تقوده الولاياتالمتحدة إنها الآن تسيطر على أراض تساوي مساحة قطر والكويت مجتمعتين. وقال ريدور خليل المتحدث باسم «وحدات حماية الشعب» الكردية ل «رويترز» إن حوالي خمسة آلاف متطوع جديد انضموا للوحدات لترتفع عدد قواتها إلى 40 ألفا. وبعد فترة من التقدم السريع أصبحت الأولوية لتعزيز المواقع الدفاعية في الأراضي التي تتم استعادتها. واوضح خليل: «هذه أولوية الآن لكن هذا لا يعني أنه لا توجد مخططات لضرب داعش (الدولة الإسلامية) في الأماكن القريبة من خطوط المواجهة... الهجوم خير وسيلة للدفاع». وأضاف خليل أن الوحدات الكردية ضاعفت حجم الأراضي التي بسطت سيطرتها عليها بين نهر الفرات والحدود السورية مع العراق إلى 21 ألف كيلومتر مربع هذا العام. كما تسيطر الوحدات على منطقة في الشمال الغربي تعرف باسم عفرين وأجزاء من حلب. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» الذي يتابع الحرب الأهلية السورية عبر شبكة مصادر على الأرض إن «وحدات حماية الشعب» زاد عددها بواقع أربعة إلى خمسة آلاف مقاتل في الشهور الثلاثة الماضية، لكن المرصد قدم تقديراً أكبر لإجمالي عدد مقاتلي الوحدات قائلاً إنه يربو على 50 ألفاً. وينظر لقلق تركيا من زيادة النفوذ الكردي في شمال سورية على أنه عامل كبير وراء خطتها الجديدة لمساعدة المعارضة السورية المسلحة للإستحواذ على آخر منطقة كانت تسيطر عليها «داعش» على الحدود التركية في منطقة إلى الشمال من حلب. وتشكّك إدارة الحكم الذاتي الكردية في شمال سورية في نوايا تركيا بشدة وتعتقد أن هدفها الأساسي هو احتواء «وحدات حماية الشعب» ومنع ضم عفرين لمنطقة التوسع في مناطق يسيطر عليها الأكراد في الشرق. وتحقق آخر انتصار كبير للوحدات الكردية على «داعش» في أواخر تموز (يوليو) الماضي، حين انتزعت السيطرة على بلدة صرين على الضفة الشرقية لنهر الفرات. وعلى الضفة الغربية للنهر على الحدود التركية لا يزال «داعش» يسيطر على مدينة جرابلس، كما يسيطر على بلدات أخرى في الغرب في مناطق إلى الشمال من حلب. وقال خليل: «بعد الانتهاء من تحرير مدينة صرين توقفت الحملات أو المعارك المستمرة ولكن لا تزال هناك اشتباكات متقطعة على طول الحدود ابتداء من الحدود العراقية وانتهاء بمدينة صرين». وتضم قوات الأمن الكردية وحدة يطلق عليها اسم «وحدات حماية المرأة». وقال خليل إن قوات الأمن الداخلي التي تعرف باسم «أسايش» قد استقبلت أيضا عناصر جديدة من دون أن يذكر لها عدداً. لكن «وحدات حماية الشعب» تشكو من ضعف ترسانتها مقارنة بأسلحة «داعش» الذي يملك أسلحة أميركية حديثة استولى عليها من الجيش العراقي أثناء انتصاراته الخاطفة العام الماضي. وقالت «وحدات الشعب» إن طلباتها بالحصول على أسلحة من التحالف الذي يقوده الأميركيون ضد «داعش» لم تتم تلبيتها. وبين أهم ما حققته «الوحدات» الكردية من مكاسب ما حدث في الحسكة في شمال شرق سورية. وكانت مدينة الحسكة مقسمة بين الحكومة السورية والإدارة الكردية إلى أن شن «داعش» هجوماً تقول «الوحدات» إنه تسبب في انهيار القوات الموالية للحكومة. وقال خليل إنه بنجاح «وحدات حماية الشعب» في صد هجوم «داعش» بات وجود الحكومة السورية في المدينة «رمزياً» في أفضل الأحوال. وتسيطر «الوحدات» الكردية التي تجنبت حتى الآن أي مواجهة مع القوات السورية على معظم أراضي الحسكة. وبينما اتهمت «وحدات حماية الشعب» بطرد العرب من المناطق التي انتزعت السيطرة عليها من «داعش»، فإن خليل قال إن الانتصار على «داعش» في الحسكة ساعد على جذب العرب للإنضمام لصفوف «الوحدات». وقال خليل: «هناك طلب للإنضمام لوحدات حماية الشعب الكردية سواء من الأكراد أو العرب أو أي أقلية أخرى.» وتنفي «وحدات حماية الشعب» الكردية بشدة اتهامات بالتطهير على أساس عرقي. وفي إسطنبول، صرح مسؤول تركي بأن بلاده قلقة في شأن تقدم «حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي» في شمال سورية، لكنه أكد أن الحزب ليس على «قائمة الأهداف» في الحملة التي تشنها أنقرة حالياً ضد الإرهاب. وصرح المسؤول التركي للصحافيين بأن للحزب «صلات وثيقة للغاية» ب «حزب العمال الكردستاني» الذي يشن تمرداً انفصالياً في تركيا منذ ثلاثة عقود وتعتبره أنقرة منظمة إرهابية. وقال المسؤول أن «حزب الاتحاد الديموقراطي ليس على قائمة أهدافنا. ولن نهاجمه طالما أنه لن يهاجم تركيا». إلا أنه أوضح أن أنقرة لديها مشاكل مع الحزب متهماً عناصره بالتحالف مع نظام بشار الأسد.