اعتبر صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد المغربي بدأ يتعافى تدريجاً من الصدمات الخارجية ومن تداعيات «الربيع العربي» وأسعار الطاقة، والأزمة الاقتصادية الأوروبية، ما يمكّنه من تحقيق نمو يقارب 5 في المئة من الناتج الإجمالي نهاية السنة، بعد تسجيل معدلات نمو متواضعة من 2011 إلى 2014، التي شهدت لجوء الحكومة إليه للحصول على خط ائتماني وقائي بقيمة 11 بليون دولار على مرحلتين، مكّنت الرباط من العودة إلى السوق المالية الدوليّة وفقاً لشروط مريحة. وأفاد الصندوق في تقرير المادة الرابعة بأن «أداء الاقتصاد المغربي أصبح قوياً عموماً، فبعد تباطؤ النشاط في 2014، يُتوقع أن يتحسن النمو هذه السنة، بتراجع مكامن الضعف في الماليّة العامة والحساب الخارجي، حيث تحقق تقدم كبير في تنفيذ الإصلاحات في بيئة لا تزال تخضع لأخطار سلبية بارزة». واستعرض تفاصيل الإصلاحات الاقتصادية والماليّة والإجرائيّة التي بادر إليها المغرب طيلة السنوات الأربع الماضية، واعتبرها «إنجازاً كبيراً» لأنها تمت في ظروف وبيئة إقليمية صعبة وكثيرة التحديات، ومكّنت من خفض عجز الموازنة وميزان المدفوعات الخارجية وفقاً للخطة المتفق عليها، ما سيسمح بتوجيه الموارد والاستثمارات نحو الفئات والمجالات الأكثر حاجة داخل المجتمع، خصوصاً تحسين الخدمات الصحية وجودة التعليم العام وسكّان الأرياف. وانخفض عجز الموازنة والميزان التجاري من أكثر من 7 في المئة من الناتج الإجمالي إلى 4.3 في المئة هذه السنة، على أن يبلغ 3.7 في المئة العام المقبل الذي سيشهد انتخابات برلمانية وتشكيل حكومة جديدة. وكان الصندوق اشترط على الحكومة المغربية رفع الدعم عن المحروقات والسلع الاستهلاكية في مقابل تحصيل خط ائتماني وقائي بقيمة 6.2 بليون دولار عام 2012. وعلى رغم التطبيق غير الشعبي والانتقاد الكبير الذي رافق سياسة رفع الدعم عن المحروقات، كسبت الحكومة 30 بليون درهم (نحو 3 بلايين دولار) ساعدتها على خفض العجز المالي في حسابات الاقتصاد الكليّ، التي غالباً ما يُركّز عليها صندوق النقد في نصائحه للحكومات. ويُنتظر أن يتضمن مشروع موازنة 2016 إجراءات غير شعبية تعارضها النقابات العماليّة منها تحرير قطاع المحروقات بالكامل، والتخلّي عن دعم ما تبقى من الأسعار، ومراجعة قانون صناديق التقاعد لرفع سن الإحالة وخفض قيمة المعاشات وزيادة نسبة الاشتراكات، لإنقاذ «الصندوق المغربي للتقاعد» من إفلاس حتمي في نهاية 2022. ووفقاً للتقرير ستكون مواصلة الإصلاحات ضرورية على رغم صعوبتها لخفض مواطن الضعف المتبقية، وتحقيق نمو أعلى وأكثر شمولاً لشرائح المجتمع وتأمين المغرب من الأخطار الخارجية. وتوقع أن يؤدي التقدّم في الإصلاحات الهيكلية إلى تحسّن الماليّة العامة، والتوسع في مساندة الشرائح السكانيّة المحدودة الدخل، وتقليص الفوارق، إذ يتجاوز راتب كبار الموظفين 70 ألف درهم ويقل عن ألفين للفئات الضعيفة. وتعتقد مديرة الصندوق كريستين لاغارد، أن «المغرب حقق نتائج كبيرة في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبنى التحتية والدخل الفردي والإنفاق الاجتماعي، لكن على الرباط العمل لتحسين أوضاع الفئات التي كانت الأقل استفادة من ثمرات النمو في المرحلة السابقة». وترى المؤسسة الدولية ان الحكومة لم تبذل جهوداً كافية لمعالجة الفوارق الاجتماعية وتأمين فرص عمل للشباب وتحسين وضع المرأة، وتنصح بتحويل الأموال المحصلة من الإصلاحات إلى الفئات الأكثر فقراً وحاجة، ومعالجة مشكلة البطالة، وتحسين الخدمات الطبيّة والتربية والتعليم والبنى التحتيّة. ورصد المغرب 50 بليون درهم لهذه البرامج في إطار خطة تطبيق نظام حكومات المحافظات.