أجمع قانونيان على أهمية إيجاد قضاة ومحامين متخصصين في «الجرائم المعلوماتية»، مشددين على أهمية تدريب وتأهيل القضاة للتعامل مع مثل هذا النوع من القضايا. واتفقا خلال حديثهما إلى «الحياة» على أن الحل للقضاء على الجرائم الإلكترونية التي لا تزيد نسبتها على ثلاثة في المئة من مجموع القضايا كافة، لا يكون بإنشاء محاكم متخصصة، بل في إيجاد قانونيين متخصصين ملمين بها. معولين على القضاة الشبان في التصدي لهذه المهمة. ورأى المحامي نايف يماني أن الجرائم المعلوماتية التي تفشت في المجتمع أخيراً، اتخذت طرقاً عدة منها الابتزاز والتشهير وسرقة حقوق النشر، مشدداً على أهمية تخريج قضاة مؤهلين للتعامل مع التقنية الحديثة، معتبراً إنشاء محاكم متخصصة في الجرائم المعلوماتية سابق لأوانه حالياً. وذكر أن الأنظمة الصادرة في هذا الشأن، تعتمد حالياً على أن تتقدم الجهة المتضررة للشرطة لتحقق بدورها في القضية وترفعها لهيئة الادعاء العام، لدرس الملف والتأكد من الدعوى، ومن ثم تعد لائحة الادعاء لتقديمها للمحكمة الشرعية. وقال: «تعاني الجهات المختصة أحياناً من اختفاء المعلومات في القضية، كأن يرسل شخص لآخر، تهديداً عبر البريد الإلكتروني، ولا يكتشف مصدر المرسل إلا بتعاون الجهات الحكومية مع الأمنية، من خلال جمع معلومات مكثفة عن مصدر الرسالة، ويعد هذا جزءاً من حل اللجرائم المعلوماتية». واعتبر إسناد مهمة التحقيق في الجرائم الإلكترونية إلى هيئة التحقيق والادعاء العام، وتحويلها إلى المحاكم الشرعية إجراء كافياً للقضاء عليها، لافتاً إلى أنها تعد مثل الجرائم الأخرى، مضيفاً : «نحن لدينا محاكم جزائية وعامة وهي تفي بالغرض». ورأى أننا لن نحتاج لمحاكم متخصصة، إلا في حال زيادة عدد الجرائم الإلكترونية ووصولها حد الظاهرة، مستدركاً بالقول «ولكن بتفعيل النظام وعدد محاكمنا الكبير، نستطيع القضاء والسيطرة على هذا النوع من الجرائم». ووصف يماني تهيئة القضاة للتصدي للجرائم الإلكترونية ب«الأمر السهل»، لاسيما وأن السعودية شرعت في مشروع المحكمة الإلكترونية، بإنجاز المعاملات كافة عبر التقنية الحديثة. وأكد على أهمية التوجه للقضاة الصغار في السن للتعامل مع مثل هذه الجرائم لمعرفتهم بالتقنية الحديثة جيداً، «ما يمكّنهم من إدراك أهمية القضية وكيفية التعامل معها»، معتبراً الثقافة «التكنولوجية» للقضاة الكبار ودراساتهم كانت على مستوى معين. وشدد على أهمية أن يطور المحاميين من قدراتهم ويسعون لاكتساب الخبرات في الجرائم المعلوماتية، «خصوصاً بعد أن أصبحت التقنية عصب الحياة»، مفيداً أن على المحامي أن يستوعب ويدرك كل ما يردده له المتضرر من مصطلحات في قضيته مثل «إيميل» أو «أدرس» وغيرها من التسميات التي قد ترد في الجرائم المعلوماتية. وأوضح أن عدم إلمام المحامين بالتكنولوجيا الحديثة وما يدور فيها، يسهم في جهلهم بالقضايا التي توكل لهم في هذا النوع من الجرائم التي لا تزيد نسبتها على ثلاثة في المئة من مجموع القضايا كافة، تتعلق بالابتزاز والتشهير والقذف من خلال بعض المنتديات على بعض الشخصيات. في المقابل، وصف المحامي الدكتور أحمد مظهر القضايا المعلوماتية ب«الحساسة»، مشيراً إلى أنه مع تنوع القضايا أصبح من الضروري تخصيص قضاة للبت في دعاوى «الجرائم الإلكترونية». وقال: «لابد من تأهيل القضاة للبت في ذلك النوع من القضايا، ليتمكنوا من إصدار الحكم المناسب، ولن يتحقق ذلك إلا بمعرفة نوع الجريمة، كاقتحام مواقع سرية، أو ليس لها حقوق محفوظة»، معتبراً تلك الحالات تحدد نوع الحكم وهو ما يجب على القاضي إدراكه. وحضّ على إلحاق القضاة بدورات تدريبية عن كيفية التعامل مع الجرائم المعلوماتية، حتى لا تصدر أحكامهم إلا بعلم، موضحاً أن الحل ليس في إنشاء محاكم متخصصة، بل في إيجاد قضاة متخصصين ملمين بهذه المواضيع.