بينما أكدت هيئة الدفاع عن مدانين بقتل المغنية اللبنانية سوزان تميم أن الحكم الصادر في حزيران (يونيو) الماضي بإعدام موكليهما «شابه البطلان»، حددت محكمة النقض المصرية أمس جلسة تُعقد في 4 آذار (مارس) المقبل لإبداء رأيها في الطعن المقدم من رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى وضابط الشرطة السابق محسن السكري في الحكم الصادر من محكمة جنايات القاهرة بإعدامهما شنقاً بعد إدانتهما بقتل تميم في إمارة دبي في تموز (يوليو) العام 2008. وجاء قرار المحكمة التي تعد أعلى سلطة قضائية في مصر في اختتام استماعها إلى مرافعات هيئة الدفاع عن المتهمين والتي استمرت لأكثر من 6 ساعات، استمعت خلالها إلى اثنين من المحامين عن محسن السكري، وإلى 6 محامين عن طلعت مصطفى. وكانت المحكمة بدأت جلستها في التاسعة صباحاً داخل قاعة المستشار عبدالعزيز باشا فهمي، حيث عقدت الجلسة وسط إجراءات أمنية مشددة وحضور إعلامي كثيف. وجاء ترتيب قضية مقتل سوزان تميم الخامس بين 30 قضية في جدول المحكمة، وعندما جاء ترتيب القضية استجابت المحكمة طلب فريد الديب محامي هشام طلعت مصطفى أن يكون نظر القضية في آخر الجدول حتى يتسنى لهيئة الدفاع عن المتهمين أن تقدم مرافعتها باستفاضة، قائلاً إنها «ستستغرق بعض الوقت». وقام أحد أعضاء هيئة المحكمة بتلاوة عرض موجز للدفوع التي قدمتها هيئة الدفاع عن المتهمين في مذكراتهم إلى المحكمة والتي بلغ عددها 35 دفعاً يمثل كل منها سبباً لنقض حكم الإعدام على المتهمين وإعادة محاكمتهما أمام دائرة أخرى وفق ما طالب به الدفاع عنهما. من جانبها، طالبت نيابة النقض بتأييد الحكم بإعدام هشام طلعت مصطفى والسكري ونقض جزء من الحكم في ما يتعلق بمصادرة المبلغ المضبوط لدى السكري وهو مليونا دولار لكي يصبح مليوناً وتسعمئة ألف دولار، معربة عن أسفها لما تناوله بعض وسائل الإعلام من أن نيابة النقض طلبت نقض حكم الإعدام وإلغائه وإعادة محاكمة المتهمين. وأكد المحامي عاطف المناوي وكيل محسن السكري أن هناك أسباباً عدة لبطلان حكم محكمة جنايات القاهرة، يأتي في مقدمها وجود أخطاء في الإجراءات القانونية المتبعة في شأن قيام السلطات القضائية في الإمارات بإصدار إنابة قضائية للنيابة العامة المصرية لمباشرة تحقيقاتها في القضية، مشيراً إلى أن أوراق القضية وفقاً لما ورد من معلومات من شرطة دبي وتحقيقات النيابتين الامارتية والمصرية تفيد بأن السكري ارتكب جريمته خلال 12 دقيقة منذ دخوله البناية السكنية التي تقطن بها سوزان تميم، ثم الصعود إلى المصعد والدخول إلى الشقة وارتكاب الجريمة، ثم ارتداء ملابس أخرى والخروج إلى خارج البناية وهو أمر لا يتفق مع المنطق والواقع. وأوضح المحامي المناوي في مرافعته أمس أن محكمة جنايات القاهرة التي دانت المتهمين رفضت الاستجابة إلى طلب جوهري بأن تنتقل هيئة المحكمة إلى دبي لمعاينة مسرح الجريمة لبيان ما إذا كان التصور الذي تم وضعه لكيفية ارتكاب الجريمة بمعرفة السلطات في دبي ومصر تم وفقاً لها أم لا. بينما أكد المستشار فريد الديب عضو الدفاع عن هشام طلعت مصطفى أن الحكم الصادر بإعدام المتهمين شابه البطلان لأنه لم يتضمن توضيحاً لأدلة الثبوت التي استند اليها في حكمه ضدهما، بل أورد ملخصاً لمضمون القضية، مؤكداً أنه ما كان ينبغي إدانة هشام بالتحريض لمجرد اعترافات مرسلة وردت على لسان محسن السكري المتهم بقتلها. وقال الديب إن السلطات في دولة الإمارات خالفت الاتفاقية القضائية المبرمة بين البلدين، حيث قامت بإرسال طلب عقب وقوع الجريمة لكي تتسلم محسن السكري وهو ما يخالف القانون والدستور المصري، ثم أرسلت طلباً ثانياً بإنابة قضائية للنيابة العام المصرية، ثم طلباً ثالثاً لطلب بدء التحقيق في القضية. وأشار في مرافعته إلى أن المحكمة قامت بعرض فيلم يصور شخصاً قيل إنه محسن السكري وهو يتجول في داخل بناية سوزان تميم التي وقعت بها الجريمة، حيث ذكرت المحكمة أنها عندما أرادت تكبير الفيلم لرؤيته بصورة أوضح تبين لها اختفاء المعالم التي توضح الأشخاص الذين يظهرون في الفيلم على وجه اليقين، وعلى رغم ذلك اعتبرت المحكمة أن الفيلم يمثل دليلاً في الدعوى. وقال إن الأموال التي قام هشام طلعت مصطفى بتحويلها إلى السكري كانت في فترات سابقة على الفترات التي قيل إن السكري بدأ فيها في التخطيط لارتكاب الجريمة، مشيراً إلى أن المحكمة نقلت عن أحد الرسائل إن السكري أرسلها لهشام من لندن يطلب إليه فيها أن يرسل له عنوان سوزان تميم بينما الثابت في الأوراق انه كان يطلب منه فقط تلفون سوزان تميم. وقال إن المحكمة أخطأت عندما اعتبرت أن مثل هذه الأمور تعد دليلاً على أن هشام طلعت مصطفى أمد السكري بالأموال اللازمة للقتل، وبأنهما اتفقا على ذلك. وقال إن تقرير تحليل الحامض النووي (دي أن أي) لقميص داخلي (فانلة) قيل إنه يخص السكري وعليه دماء سوزان تميم يقع في 3 صفحات بينما الموجود في داخل ملف القضية صفحة واحدة فقط، إلى جانب أن الطبيبة الشرعية التي أجرت الفحص في دولة الإمارات قالت إن العيّنة فُقدت منها بعد تحليلها. وأشار الدفاع إلى أن التحقيقات الأولية في الحادث كانت كشفت عن وجود بصمة شخص آخر داخل شقتها على مختلف الأبواب والمطبخ، وانها بصمة لا تخص محسن السكري. وقال الدكتور حسنين عبيد المحامي عن هشام إن الطلب الذي تقدمت به الإمارات لمصر لتسليمها السكري وكذلك طلبها بالإنابة القضائية جاء مخالفاً للقانون والدستور الذي يمنع تسليم المصري الذي يرتكب جريمة لدولة أخرى، فيما تنص الاتفاقية المبرمة بين البلدين على أن يكون طلب الإنابة القضائية بالطريق الديبلوماسي، بينما جاء الطلب مباشرة من السلطات القضائية في دبي إلى مصر. ومن جانبها أكدت الدكتورة آمال عثمان المحامية عن هشام إنه لا يوجد في أوراق الدعوى أي دليل مادي يفيد بتورط هشام طلعت مصطفى في القضية أو انه حرّض السكري على ارتكابها وأن كل ما قيل هو مجرد أقوال مرسلة لا دليل عليها إلى جانب بطلان كل التسجيلات المتعلقة في هذا الشأن التي سجلها السكري لهشام، لأنها تمت بغير الطريق الذي رسمه القانون وعلى النحو الذي يمثل جرماً.