تنهي اليونان اليوم المفاوضات مع ممثلي صندوق النقد الدولي والاتحاد الاوروبي والبنك المركزي الأوروبي وآلية الاستقرار الأوروبية، حول اتفاق على حزمة إنقاذ بالبلايين من اليورو للحؤول دون انهيارها مالياً. واستكمل وزيرا المال والاقتصاد اليونانيان وممثلو مؤسسات الإقراض الدولية المحادثات أمس، بعد جولة كثيفة أول من أمس استمرت حتى الصباح. وأكد مسؤول يوناني «بذل الجهود للانتهاء من المفاوضات مساء الاثنين (أمس) أو صباح الثلاثاء (اليوم)». وأوضح أن حزمة الإنقاذ «ستُطرح على البرلمان في وثيقة واحدة من قسمين: الأول يتضمن اتفاق القرض ومذكرة التفاهم والثاني يضم الإجراءات المسبقة»، في إشارة إلى الخطوات التي يجب أن تتبناها اليونان للحصول على أموال الإنقاذ. وأعلنت الناطقة باسم المفوضية الأوروبية أنيكا بريتهارت، أن المحادثات بين اليونان ودائنيها الدوليين «تحرز تقدماً ويمكن التوصل إلى اتفاق على خطة إنقاذ ثالثة خلال هذا الشهر». ولفتت في تصريح إلى الصحافيين في بروكسيل، إلى أن «المؤسسات تعمل بالتعاون مع السلطات اليونانية، ونتوقع مزيداً من التقدم على مدار اليوم (أمس) وبعده مع استمرار المحادثات لحل القضايا المتبقية». والمطلوب من أثينا إعطاء ضمانات بحسن نواياها عبر الموافقة على إصلاحات لتصحيح اقتصادها، لقاء خطة مساعدة لمدة ثلاث سنوات بقيمة تفوق 80 بليون يورو. وستكون الخطة الثالثة بعد حصول اليونان على خطتين سابقتين بقيمة 240 بليون يورو منذ العام 2010. وأفاد مصدر حكومي وكالة «فرانس برس»، بأن المحادثات استؤنفت صباح أمس «في شكل كثيف ومن دون صدامات»، بعدما كان وزير الاقتصاد اليوناني جورجيوس ستاثاكيس اعتبر أن المحادثات هي «في الشوط الأخير». لكن لا يزال يتحتم الاتفاق على عدد من النقاط المختلفة والدقيقة، مثل زيادة ضريبة التضامن على العائدات العالية ونسب ضريبة القيمة المضافة، والوقود الخاص بالمزارعين واللحوم. وستتطرّق المحادثات أيضاً إلى مصير مبلغ 90 بليون يورو من الديون المشكوك في تحصيلها، والتي تلقي عبئها على حصيلة عمل المصارف اليونانية الهشة، ما بين إحالتها على صناديق متخصصة أو إنشاء «مصرف للديون المتعثرة». ويمكن بعد ذلك طرح النص على النواب اليونانيين للتصويت عليه الخميس، قبل عرضه الجمعة على وزراء مال منطقة اليورو (يوروغروب). وسيكون السيناريو المثالي بدء تنفيذ خطة المساعدة قبل 20 من الشهر الجاري، مع حلول استحقاق قيمته 3.4 بليون يورو يترتب على اليونان للبنك المركزي الأوروبي. ويُستبعد في ضوء التعاون الجيد القائم بين أثينا ودائنيها في شكل غير مسبوق منذ وصول «حزب سيريزا» بزعامة رئيس الوزراء الكسيس تسيبراس إلى السلطة، أن يترك الدائنون أثينا تتعثر في الوفاء بهذا الاستحقاق. لكن يبدو أن ألمانيا تؤيد عدم الموافقة على كل الطلبات على الفور ومواصلة المفاوضات إلى أقصى ما يمكن، من خلال منح اليونان قرضاً مرحلياً جديداً بقيمة بضعة بلايين لتسديد استحقاقها المقبل ل «المركزي الأوروبي». وأمل الناطق باسم المستشارة الألمانية ستيفن سايبرت في أن «تنتهي المفاوضات سريعاً، لكن لا يجب إغفال أن الأمر يتعلق ببرنامج لثلاث سنوات يتضمن لائحة مهمة من الإصلاحات والتدابير الأخرى، ويجب أن يشكل قاعدة متينة وبعيدة المدى لمواصلة العمل معاً». وقال: «في ضوء ذلك، فإن اتفاقاً مسبهاً يتقدم على آخر سريع». وسبق للإتحاد الأوروبي أن اعتمد هذه السياسة في تموز (يوليو) الماضي، حين قدم لليونان سبعة بلايين يورو بعد الاتفاق على خطة المساعدة الثالثة التي تم التوصل اليها بصعوبة. واستخدمت اليونان هذا المبلغ لتسديد استحقاق سابق للبنك المركزي الأوروبي بقيمة 4.2 بليون يورو يعود إلى 20 تموز الماضي، واستحقاق لصندوق النقد الدولي بقيمة بليوني دولار يعود إلى نهاية حزيران (يونيو) الماضي. ورأى النائب الألماني رالف برينكهاوس المسؤول الكبير في الاتحاد المسيحي الديموقراطي بزعامة المستشارة انغيلا مركل، متحدثاً أمس إلى إذاعة «دويتشلاندفونك» العامة، أن «الأمر سيكون جيداً في الحصول على حل جيد وقابل للاستمرار ومتين بحلول 20 من هذا الشهر». لكنه لفت إلى «استمرار إمكان وجود تمويل مرحلي»، معتبراً أن هذا الحل الموقت «أفضل من اتفاق سيىء». وسألت الصحف اليونانية مجدداً أمس عن الجدول الزمني للإنتخابات التشريعية المبكرة، التي قد يعمد تسيبراس إلى تنظيمها قريباً لتمتين قاعدته التي يعارض يسارها توقيع اتفاق ثالث. وعرضت صحيفة «أثنوس» (يسار وسط) سيناريوين ممكنين: أولهما ينص على أن ينتظر تسيبراس حتى تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، على أمل الحصول على تنازلات من الدائنين ستعزز موقعه أكثر في وقت لا يزال يحظى بشعبية كبيرة، فيما يتوقع السيناريو الثاني، أن يستفيد تسيبراس من دينامية الاتفاق ومن عدم استعداد معارضيه سواء داخل «سيريزا» او في الأحزاب الأخرى، للمضي بسرعة نحو انتخابات اعتباراً من 13 أو 20 أيلول (سبتمبر) المقبل.