كشفت كييف عن حرب تجسس دائرة بين روسيا وأوكرانيا، بعدما أعلنت أمس، عن اعتقال روسي بتهمة ممارسة نشاط تجسسي وطرد أربعة آخرين، بينما اعتبرت موسكو تصرفها «رداً مشروعاً على نشاط أوكراني مماثل» على الأراضي الروسية. وانتقلت العلاقة بين البلدين الجارين إلى مستوى جديد من التوتر، وبعد مشكلات السياسة و «حروب إمدادات الغاز» دخلت الأجهزة الخاصة على خط المواجهة الدائرة، إذ دل الكشف عن وجود شبكة تجسس روسية في كييف إلى اتساع الهوة بين الطرفين. وأعلن مدير جهاز الأمن الأوكراني فالنتين ناليفايتشينكو، أن أجهزته أوقفت أول من أمس، خمسة من رجال الأمن الروس «سعوا إلى الحصول على أسرار الدولة الأوكرانية من مواطن أوكراني». وبحسب المسؤول الأمني، فإن مندوبي المخابرات الروسية «خطفوا مواطناً أوكرانياً مطلعاً على أسرار مهمة قبل شهور، واقتادوه إلى قاعدة عسكرية روسية في إقليم بريدنيستروفيه المولدافي حيث انتزعوا موافقته على التعاون مع جهاز الأمن الروسي». وبعد توقيف المجموعة تم حبس أحد مندوبي المخابرات الروسية على ذمة التحقيق لمدة شهرين، فيما طردت كييف الآخرين مع حظر دخولهم أوكرانيا لمدة خمس سنوات. وأوضح مدير جهاز الأمن الأوكراني أن شبكة التجسس الروسية سعت إلى الحصول على أجزاء من إلكترونيات مراقبة الصواريخ الجوالة. وأشار الى أن عملية الاعتقال تمت خلال محاولة الشبكة الروسية تزويد عميلها الأوكراني بقلم يحتوي على جهاز تصوير دقيق جداً. كما تمت مصادرة مبلغ 2000 دولار كان الروس ينوون دفعها إلى العميل الأوكراني. في المقابل، اعترفت شعبة العلاقات العامة لجهاز الأمن الروسي بتوقيف أحد موظفي الجهاز في أوكرانيا، لكنها حمّلت الجانب الأوكراني المسؤولية، موضحة أن الجانب الروسي «قام برد على الأجهزة الخاصة الأوكرانية التي كثفت نشاطها الرامي إلى تجنيد مواطنين روس». ولفت مصدر أمني روسي إلى أن موسكو «دهشت بسبب قيام الأوكرانيين بالإعلان عنه، في حين جرى العرف على أن تتعامل الأجهزة الأمنية مع قضايا تخص المخابرات من خلال الاتصالات بينها وبعيداً من وسائل الإعلام». اللافت أن التطور يأتي قبل أيام قليلة على حلول موعد الدورة الثانية في انتخابات الرئاسة الأوكرانية التي يتنافس فيها زعيم حزب «الأقاليم» فيكتور يانوكوفيتش القريب من موسكو ورئيسة الوزراء يوليا تيموتشينكو التي سعت خلال الشهور الأخيرة إلى تحسين علاقاتها مع الروس. وعلى رغم أن ملف العلاقات مع روسيا لم يعد يشكل واحداً من العناصر البارزة في الدعاية الانتخابية للمرشحين خلافاً لانتخابات العام 2004 التي أسفرت عن انتصار «الثورة البرتقالية» وإزاحة حلفاء موسكو عن الحكم، فإن أجواء التوتر المتصاعدة في أوكرانيا وحال الاحتقان السياسي التي تسيطر على البلاد انتظاراً ليوم الأحد المقبل الذي سيشهد عمليات التصويت الحاسمة، دفعت خبراء في الشؤون الأوكرانية إلى اعتبار أن توقيت الكشف عن النشاط التجسسي «ليس مجرد مصادفة بل يهدف إلى تصعيد الموقف وإحراج حلفاء موسكو» كما قال ل «الحياة» أمس، مصدر أوكراني.