نساء يبحثن عن زوج أو يطلبن طفلاً، شباب يبحثون عن عمل أو يتوقون للنجاح في الدراسة، مرضى يأملون بعلاج، هؤلاء وغيرهم يتحدون حرارة الصيف المحرقة لصعود قمة «أزرو نطهور» في منطقة القبائل شرق الجزائر حيث يعتقدون ان اصوات دعائهم اقرب الى السماء. في قلب تضاريس وعرة في جبال جرجرة الشامخة، تقع قمة ازرو نطهور (صخرة صلاة الظهر)، وهي عصية على قاصديها الا من خلال ممر صعب. في القمة بني المسجد الأعلى ذو القبة الخضراء، وهو مكان ضيق للصلاة لا يحتوي على اي اثاث يغطي جدرانه البيضاء المنخورة بثقوب تضاء فيها الشموع. يأتي زوار المسجد من منطقة القبائل وكذلك من العاصمة الجزائر، يسيرون في قافلة تضم آلاف الأشخاص يتوافدون في الجمعة الأولى من آب (اغسطس). وما زالت زيارة الزوايا وقبور «أولياء الله الصالحين» لطلب المساعدة، من العادات المتجذرة في الجزائر. وتتناقل الأجيال في الجزائر حكاية تعود الى قرون مضت، وهي ان ولياً صالحاً صعد الى قمة ازرو نطهور في وقت الظهيرة، وقام لصلاة الظهر فتوفي قبل ان يُتمها. ومنذ ذلك الحين، وفق الحكاية المتوارثة، اصبح هذا المكان مزاراً للقرى المجاورة وعمت بركته الأرجاء المحيطة، اذ ان الموت اثناء الصلاة ينظر اليه كعلامة من علامات الصلاح والبشرى بدخول الجنة. يروي زوار القمة قصصاً مثيرة عن بركة هذا المكان، وعن الأعاجيب التي تحققت فيه. تروي عجوز بلغت السبعين من العمر تقصد القمة من منطقة تبعد خمسين كيلومتراً عن بركاتها، وتقول «أنا آتي الى هنا منذ ان كان عمري 20 سنة، في اول مرة طلبت زوجاً، ثم اولاداً ثم لم اعد اطلب سوى السلام».