يفيد احدث البيانات المالية السعودية الى ان امام المملكة، المصدر الاكبر للنفط الخام في العالم، سنوات عدة على الأقل قبل ان تواجه ازمة في موازنتها في ضوء انخفاض اسعار النفط. ونزلت أسعار خام برنت دون 50 دولارا للبرميل الأسبوع الماضي مقتربة من أقل مستوى في ستة اعوام مقارنة مع 70 دولارا قبل ثلاثة أشهر. وقد يرفع ذلك المعدلات التي تسحب بها المملكة من احتياطي النقد الأجنبي لتغطية العجز في موازنة الدولة. وأظهرت دراسة للمسؤول السابق في "مؤسسة النقد العربي السعودي" خالد السويلم صدرت الأسبوع الماضي أن العالم قد يشهد انخفاضا في أسعار النفط لفترة طويلة، ما قد يشكل تهديدا للدول النفطية في المستقبل. وقال السويلم، الذي يعمل حاليا في "مركز بلفر" في جامعة "هارفارد"، ان "من المستبعد أن تفي إيرادات النفط وحدها بمستوى الإنفاق المطلوب في المستقبل". غير أن البيانات التي أصدرتها "مؤسسة النقد" في الأسبوع الماضي أظهرت أن المملكة لن تواجه أزمة مالية في المستقبل المنظور، لأن صافي الأصول الاجنبية لديها - وهو أفضل مؤشر لقوة الوضع المالي للرياض نظرا لاضطلاعه بدور صندوق الثروة السيادية - انخفض 59.8 بليون دولار من نهاية 2014 إلى 664.5 بليون في حزيران (يونيو). وبلغ متوسط سعر خام برنت في النصف الأول من العام الحالي 60 دولارا للبرميل، وإذا ظل قرب 50 دولارا واستمر معدل الإنفاق الحكومي عند المستويات القياسية الحالية، فإن وتيرة السحب من الاحتياطي سترتفع ربما إلى نحو 140 بليون دولار سنويا. وتحتاج السلطات السعودية حدا أدنى من الاحتياطي لطمأنة الأسواق المالية الى قدرتها على الحفاظ على ربط الريال بالدولار الأميركي. ولا تكشف السلطات عن حجم هذا المستوى لكن قيمة واردات 18 شهرا - أي أكثر من مثلي مستوى تغطية الواردات في معظم الدول - يقدر بنحو 225 بليون دولار. ووفقا لتلك الحسابات فإنه عند مستوى 50 دولارا للبرميل ستتمكن السعودية من المحافظة على الإنفاق عند المستويات الحالية من دون أي خفض كبير لمدة قد تصل إلى ثلاث سنوات. وقد يسهم قرار الرياض في تموز (يوليو) الماضي استئناف إصدار سندات سيادية للمرة الأولى منذ 2007 في إطالة أمد الإطار الزمني، وربما يقلص السحب من الاحتياطي نحو 50 بليون دولار سنويا استنادا الى طبيعة الصناديق الخاصة التي اعتادت شراء السندات. وأمام الرياض مساحة كبيرة لإصدار السندات، إذ أن الدين العام لا يتجاوز 12 بليون دولار بما يوازي 1.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية 2014. ويمكن أن تغطي بالكامل عجزا قياسيا لمدة عامين من خلال طرح سندات، في حين سيظل مستوى الدين منخفضا بالمعايير الدولية. وقالت مونيكا مالك، كبيرة الاقتصاديين في "بنك أبو ظبي التجاري"، انه "لا توجد أزمة على المدى القصير. ما زال لدى السعودية قدرة كبيرة على تغطية عجز الموازنة". وتعتقد مونيكا وعدد من الاقتصاديين أنه مع نمو عدد السكان وارتفاع نسبة الشبان فإن احتمال تقليص الخدمات الاجتماعية منخفض أو منعدم، في حين أن عدم الاستقرار في المنطقة يعني استمرار ارتفاع مستوى الانفاق على الأمن. وتستطيع المملكة ترشيد الإنفاق بشكل أكبر بالشروع في خفض الإنفاق الضخم على دعم الطاقة، والذي يتوقع أن يصل إلى 70 بليون دولار العام الجاري، وفقا لتقديرات "صندوق النقد الدولي". وأبدت الحكومة السعودية استعدادا لتطبيق إصلاحات اقتصادية في بعض القطاعات مثل فرض ضرائب على الأراضي.