على رغم تحذير بكين المتكرر واشنطن من تضرر العلاقات الاميركية – الصينية إذا مضت على تسليح تايوان، أبرمت واشنطن صفقة سلاح قيمتها 6,4 بليون دولار مع تايوان. ولم تتردد عن الغدر بالدولة التي تصف علاقتها بها ب «الشراكة البناءة». وتزويد العم سام تايوان نظام «باتريوت» المضاد للصواريخ، وطائرات «بلاك هوك»، وصواريخ «هاربون»، هو تعبير عن استياء واشنطن من صعود الصين، ورفضها ان يعيش أبناء البلد الواحد في سلام. وغطرسة واشنطن تظهر جانباً أليماً من الواقع هو الاستخفاف بمصالح دولة أخرى، وترك أخذها في الاعتبار. والحق أن قضية تايوان ترتبط بسيادة الصين ووحدة أراضيها. وهي في اساس المصالح القومية الصينية وفي قلب مشاعر 1,3 بليون صيني. ولكن، بعد 20 عاماً على نهاية الحرب الباردة، لم تتراجع الولاياتالمتحدة عن نهج ادارج تايوان في استراتيجيتها الدفاعية بآسيا، ولم تتخل عن مشروع التوسل بالجزيرة هذه «حاملة طائرات لا تغرق»، لاحتواء الصين ونموها. والصفقة تدعو الى تجاهل زعم رئيس الولاياتالمتحدة، باراك أوباما، أن دولته لا «تسعى الى احتواء الصين» في زيارته بكين، قبل شهرين. فصدق النوايا والكلام تمتحنه الأفعال وإلا بقيت الكلمات حبراً على ورق. وفي 17 آب (اغسطس) 1982، اعلنت الولاياتالمتحدة في بيان مشترك أنها «لا تنتهج سياسة تسليح تايوان في الامد البعيد»، وتعهدت تقليص حجم مبيعات السلاح الى تايوان «تمهيداً لحل القضية التايوانية حلاً نهائياً». ولكن واشنطن أخلّت بوعودها، على ما سبق أن فعلت. فوعود أعظم قوة في العالم هي وعود غير صادقة، ولا تصح فيها صفة الوعد. وصفقة السلاح الاخيرة هي تدخل في شؤون الصين الداخلية، ويؤدي الى تقويض أمن الصين القومي ويتهدد مساعي توحيدها، ويقوض العلاقات الصينية - الأميركية. ورد الصين على الخطوة هذه، وهو جاء عنيفاً، سائغ وفي محله. وقرار الولاياتالمتحدة الاخير يحول دون تحقيق حلم الصينيين بإرساء التعاون بين الشعب الواحد على ضفتي مضيق تايوان، ويُبرز ازدواج المعايير الاميركية والنفاق الاميركي، والاستخفاف بالمصالح الصينية. ولا تزال الصين ضعيفة اقتصادياً وعسكرياً قياساً على قوة الولاياتالمتحدة الاقتصادية والعسكرية. ولن تحمل اجراءات الرد الصيني، ومنها الاحتجاج وتعليق التعاون العسكري ومعاقبة الشركات الاميركية الضالعة في صفقة السلاح، واشنطن على العدول عن الخطوة هذه، أو على تقويم السياسة الأميركية. وعلى رغم تواضع الرد الصيني، وجهت بكين رسالة واضحة الى الولاياتالمتحدة. فهي لن تتعاون مع الولاياتالمتحدة في حل قضايا اقليمية ودولية بارزة، في وقت تقوض واشنطن مصالح الصين. عن افتتاحية الصحيفة الصينية، 1/2/2010، اعداد منال نحاس