حضت إيرانالولاياتالمتحدة أمس، على انتهاز «فرصة استثنائية لإصلاح الماضي واختبار طريق جديد»، ودعتها إلى التخلي عن «أحلام وهمية» في السياسة الخارجية ترتكز إلى «منطق الإكراه والتهديد». واعتبرت طهران أن «خطاب تصدير الثورة» يؤشر إلى «قوتها دولياً». وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما حذر من رفض الكونغرس الاتفاق النووي المُبرم مع طهران «سيجعل أي إدارة أميركية مصممة على منع إيران من امتلاك سلاح نووي، تواجه خياراً وحيداً: حرب أخرى في الشرق الأوسط»، كما سيفقد الولاياتالمتحدة «صدقيتها بوصفها زعيمة للديبلوماسية وحجر زاوية في النظام العالمي». ونبّه إلى أن البدائل التي طرحها منتقدو الاتفاق «مشابهة لحجج سمعناها قبل الحرب على العراق»، وزاد: «من سخرية القدر أن المستفيد الأكبر من هذه الحرب في المنطقة، كانت إيران التي عززت موقعها الاستراتيجي عبر إسقاط صدام حسين، عدوها منذ وقت طويل». وأشار إلى أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي عارضت الاتفاق علناً، معتبراً أن «إيران مسلحة نووياً تشكّل خطراً اكبر على إسرائيل والولاياتالمتحدة والعالم، من إيران تستفيد من العقوبات». وعلّق وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على خطاب أوباما، متهماً المسؤولين الأميركيين ب»محاولة التهرّب من حقائق تاريخية، من خلال تصدير الأزمات». ولفت إلى أن «عشرات السنوات من السياسة الخاطئة إزاء الشعب الإيراني، لم تحقق أي مكاسب لأميركا، وهناك الآن فرصة استثنائية لإصلاح الماضي واختبار طريق جديد، حقّق خلال سنتين إنجازاً ضخماً لجميع أنصار السلام»، في إشارة إلى المفاوضات التي أفضت إلى اتفاق فيينا النووي. وأشار إلى أن «العالم المتحضر تخلى منذ نحو قرن، عن خيار الإكراه والتهديد في السياسة الخارجية»، معتبراً أن «الإدارات الأميركية السابقة أضاعت فرصاً مهمة، بسبب عقائدها الخاطئة وأحلامها الوهمية». وحض واشنطن على أن «تستثمر هذه الفرصة التاريخية، لكسب ثقة الشعب الإيراني التي فُقدت بسبب عقود من السياسات الخاطئة وعدائية الولاياتالمتحدة». إلى ذلك، رأى إسحق جهانكيري، النائب الأول للرئيس الإيراني حسن روحاني، أن «مناهضي الاتفاق النووي يشكّلون 4 في المئة من الشعب»، مستنداً في ذلك إلى استطلاعات رأي أعدّتها مراكز موثوقة. واعتبر أن نبرة الانتقادات التي يوجّهها المعارضون، «يجب أن تتناسب مع هذه النسبة»، وحضهم على الامتناع عن التعليق عن الاتفاق ب»لهجة تهكمية». لكن رجل الدين المتشدد أحمد علم الهدى، خطيب صلاة الجمعة في مدينة مشهد عضو مجلس خبراء القيادة، اعتبر أن الاتفاق «ينتهك خطوطاً حمراً» حددها مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي، محذراً من أن الغرب «يتآمر لاستغلال الاتفاق لكشف الأسرار الدفاعية الإيرانية». أما علي اكبر ولايتي، مستشار الشؤون الدولية لخامنئي، فرأى أن «خطاب تصدير الثورة الإسلامية يُعدْ من الأمور الدالة على قوة إيران دولياً»، وزاد: «نشهد الآن أحداثاً تبلورت في المنطقة والعالم، وتأثّرت بخطاب إيران». إسرائيل - أميركا خطاب أوباما لم يجد تجاوباً في إسرائيل أيضاً، اذ قال وزير الاستخبارات في الدولة العبرية إسرائيل كاتس: «كنت أفضّل أن يكون خطاب الرئيس الأميركي مختلفاً، لكن هذا هو الوضع. يجب أن نكون قادرين على التخلص من تهديدات (إيران) بتدميرنا، وعلى الدفاع عن أنفسنا بأنفسنا، إذا دُفعنا إلى ذلك». لكن الرئيس الإسرائيلي ريئوفين ريفلين أبدى «قلقاً عميقاً إزاء خط المواجهة الذي انفتح بين أوباما و(رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتانياهو، و(وضع) العلاقات بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل»، وزاد: «شنّ رئيس الوزراء حملة على الولاياتالمتحدة، كما لو أن الطرفين متساويان، وهذا يضرّ بإسرائيل». ونبّه إلى أن إسرائيل تعاني «عزلة كبرى عن العالم»، محذراً نتانياهو من أن تأتي معارضته الاتفاق مع إيران «على حساب إسرائيل في نهاية المطاف». أمانو - الكونغرس في غضون ذلك، أغضب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو أعضاء جمهوريين في الكونغرس، بعد رفضه إطلاعهم على «خريطة طريق» سرية توصلت إليها مع طهران، للتحقيق في «أبعاد عسكرية محتملة» للبرنامج النووي الإيراني. أمانو الذي شارك في جلسة للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، دافع عن موقفه قائلاً: «واجبي القانوني هو حماية سرية وثائق. تخيّلوا لو أن بلداً سلّمني معلومات سرية، ولم أحترم التزامي، (حينها) لن يشاركنا أي بلد معلومات (سرية). هذا الوضع ينطبق على الولاياتالمتحدة أيضاً، اذ لدينا اتفاق سري معها، ولا يمكنني إفشاءه». وأبلغ الكونغرس أن مصادقته على الاتفاق النووي «سيقلّص النشاطات النووية الإيرانية، وسيكون لدينا أقوى نظام تحقّق في إيران». لكن السيناتور الجمهوري بوب كوركر، رئيس اللجنة، لفت إلى أن «معظم أعضائها غادروا (الجلسة) ولديهم أسئلة اكثر بكثير مما كان لديهم قبل الاجتماع»، مضيفاً انه بات «أقلّ اطمئناناً» في شأن الاتفاق. وأسِف لأن أعضاء اللجنة لم يتمكّنوا خلال لقائهم أمانو «من نيل تأكيد بإمكان دخول مجمّع بارشين» العسكري الإيراني الذي تشتبه الوكالة الذرية في أن إيران أجرت فيه اختبارات سرية لصنع سلاح نووي. ونبّه السيناتور الجمهوري تيد كروز إلى أن ما سمعه «لا يثير أدنى ارتياح» إلى الصفقة مع طهران.