تعرض الصالات السينمائية قريباً الفيلم البريطاني «أي شيء على الإطلاق» من إخراج تيري جونز أحد أفراد فريق «مونتي بايثون» الشهير، وأداء سايمون بيغ (الذي يشارك توم كروز بطولة مجموعة أفلام «مهمة مستحيلة») وكيت بيكينسيل. والعمل من النوع الفكاهي ويروي مغامرات رجل عادي يمتلك فجأة قدرة خارقة على تحويل أبسط رغباته أو أكبرها إلى حقيقة ملموسة بفضل كائنات فضائية اختارته كتجربة لاختبار نيات الجنس البشري. وبيكينسيل(42 سنة) ممثلة بريطانية المولد وهوليوودية الشهرة، عرفت النجومية عندما لمعت في فيلم «بيرل هاربور» للسينمائي مايكل باي، ثم «الطيار» لمارتن سكورسيزي والذي أدت فيه شخصية نجمة السينما الراحلة إيفا غاردنر، قبل أن تتخصص إلى حد ما في اللون المستقبلي الخيالي المخيف من خلال أفلام «أندرورلد» بأجزائه الأربعة (وهي تظهر في ثلاثة منها)، و «فان هيلسينغ» و«ذاكرة كلية»، الأمر الذي دفع النقاد إلى اعتبارها فنانة «ضائعة» بالنسبة إلى السينما التقليدية لا سيما ذات النوعية المتفوقة. وربما أن فيلمها الأخير «أي شيء على الإطلاق» سيغير هذه النظرة إلى بيكينسيل ويعيد إليها ثقة الإعلام. جاءت بيكينسيل إلى باريس للترويج للفيلم المعني فالتقتها «الحياة» وحاورتها. حدثينا عن دورك في فيلمك الجديد «أي شيء على الإطلاق». - أمثل دور جارة بطل الفيلم التي لا تراه حقيقة أو تعيره أدنى أهمية، بينما يعشقها هو في السر ويخجل من البوح لها بأحاسيسه. وتتغير الأوضاع عندما يتحول الرجل إلى شخص واثق من نفسه لمجرد أنه صار يملك القدرة على تحقيق رغباته. لكنها تكتشف فيه صفات حسنة كبيرة وتبقى تحبه حتى بعد أن يفقد قدراته في نهاية المطاف. هل يمكن اعتبار هذا الفيلم بمثابة دليل على عودتك إلى السينما التقليدية، بعد تخصصك في السنوات الخمس الأخيرة في اللون المستقبلي الخيالي؟ - لا أكف عن مواجهة هذا السؤال ولا أعرف كيف أرد عليه في الحقيقة، بما أنني لا أعتبر نفسي أنني تركت السينما التقليدية على الإطلاق، فما الذي يمنع الأفلام المستقبلية الخيالية من الانتماء إلى ما هو كلاسيكي مثل سائر الألوان السينمائية؟ وعلى العموم، وللرد على السؤال بصراحة تامة، أنا مسرورة بالتنويع في أدواري، لكنني إذا واجهت مرة جديدة إمكان الظهور في عمل خيالي وأعجبني السيناريو، فلن أرفض العرض، لأنني لا أفرق بين الأنواع الفنية مثلما يفعله البعض. صنّفك الإعلام في اللون المستقبلي الخيالي الذي كثيراً ما يقال عنه أنه أقل جودة من غيره، وهذا هو مبرر السؤال. - الأفلام الخيالية، مثل سلسلة «أندرورلد» التي ظهرت فيها، تجلب الإيرادات الخيالية لشباك التذاكر وتجذب ملايين المتفرجين إلى الصالات في العالم أجمع، لا سيما الشباب، وتتميز هذه الأفلام عموماً، مثل غيرها، بالجيد والأقل جودة وهذا أمر طبيعي. من المعروف أن زوجك السينمائي لين وايزمان هو مخرج الجزءين الأول والثاني من سلسلة «أندرورلد» وكذلك فيلم «ذاكرة كلية». فهل لهذا السبب وافقت على العمل فيها؟ - لا شك في أن هذا العنصر لعب دوره في قبولي العروض المعنية، إلا أنني قادرة على رفض التعاون مع زوجي في مشاريعه إذا فشلت هذه في جذبي، فأنا أجازف في كل فيلم جديد بسمعتي كممثلة، وبالتالي لا أرغب في الظهور في أي عمل لست مقتنعة به كلياً. أديت شخصية النجمة الراحلة إيفا غاردنر في فيلم «الطيار» من إخراج مارتن سكورسيزي، فكيف واجهت مثل هذه المسؤولية، علماً أن غاردنر أسطورة هوليوودية حقيقية؟ - أعتبر هذا الدور من أصعب الأدوار التي أديتها إلى الآن، لأن مسؤولية تقمّص شخصية عاشت في الحقيقة هو أمر لا علاقة له بتمثيل دور كائن خيالي بحت لا يتواجد سوى فوق صفحات سيناريو ما ويتسنى تجسيده فيما بعد أمام الكاميرا. لقد بقيت خائفة من أن أعطي عن إيفا غاردنر صورة مشوهة، أو من أن يجدني جمهورها، وهو عريض جداً حتى في أيامنا الحالية ورغم رحيلها، دون المستوى الضروري لتمثيلها فوق الشاشة. وتغلبت على خوفي بفضل تدخل المخرج مارتن سكورسيزي في الموضوع وتقديم النصيحة لي بتجاهل حكاية الشخصية التي عاشت بالفعل والتمسك فضلاً عن ذلك بالنص المكتوب وحسب، مثل أي دور آخر في فيلم لا يروي سيرة شخصيات حقيقية. وقد تعدى الأمر مستوى النصيحة في الحقيقة، فقد أمرني سكورسيزي بالتصرف هكذا إذا أردت الاستمرار في فيلمه. تميلين إذاً إلى إطاعة الأوامر الصارمة في إطار عملك الفني؟ - لا، ليس في شكل عام على الإطلاق، وسكورسيزي ليس من المخرجين الصارمين، لكنه يتميز بذكاء حاد يجعله يدرك مخاوف ممثليه ويتخذ بالتالي الترتيبات السيكولوجية اللازمة لمكافحة هذه المخاوف والتغلب عليها، وهذا ما حدث معي بفضل موقفه الصارم. علاج سحري في الجزء الثالث من «أندرورلد» الذي لم يخرجه زوجك اختفت شخصيتك لمصلحة ظهور بطلة جديدة هي الممثلة رونا ميترا. لماذا؟ - لم أكن متفرغة للمشاركة في هذا الجزء، بما أنني كنت قد ارتبطت بعقد عمل مع شركة إنتاج أخرى لمصلحة فيلم مختلف، وبما أنه لم يكن تأجيل مشروع «أندرورلد 3» في إطار الممكن وذلك لأسباب مادية، تم إدخال شخصية نسائية جديدة في السيناريو تولت البطولة، بحجة أن سيلين، وهي شخصيتي أساساً، بين الحياة والموت وفي انتظار علاج سحري قد يعيد إليها قواها. ورونا ميترا هي فعلاً التي أدت ببراعة الشخصية البديلة. ولماذا توقف زوجك عن إخراج السلسلة؟ - صار يكتفي بإنتاجها وهو يحضّر الآن الجزء الخامس منها، بينما يتفرغ كمخرج لأفلام أخرى من أجل أن ينوع بعض الشيء في أعماله الفنية. وهل ستؤدين بطولة الجزء الخامس المقبل؟ - أنا شبه متأكدة من أنني سأفعل، لكنني لم أقرأ السيناريو بعد، فهو لا يزال في المرحلة الأخيرة من الكتابة، وبالتالي أحتفظ بحق القرار النهائي إلى حين قراءتي النص. لنعد إلى فيلم «أي شيء على الإطلاق»، فكيف دار التصوير بإشراف مخرجه تيري جونز، المشهور من ناحية ثانية كممثل فكاهي؟ - جونز أكثر من مجرد ممثل فكاهي، فهو أحد أبرز أعضاء فريق «مونتي بايثون» الساخر والجنوني، وبالتالي صدقني إذا قلت لك إن الجو الذي دار فيه تصوير الفيلم لم يقلّ من حيث الجنون عن فكرة الحبكة في حد ذاتها، فقد كان جونز يعثر على فكرة جديدة في كل دقيقة ويجربها مع فريقه من ممثلين وتقنيين، ثم يغيرها لمصلحة واحدة ثانية أكثر فعالية في رأيه. وهكذا طوال النهار في كل أيام العمل، إلى درجة أنني عندما رأيت الفيلم في حلته الأخيرة لم أكن أتذكر مشاركتي في بعض مواقفه من كثرة ما تغيرت هذه الأخيرة. وقد أتى الجنون أيضاً من عنصر آخر هو استعانة جونز بزملائه القدامى في فريق «مونتي بايثون»، وعلى رأسهم جون كليز، بهدف أداء أصوات الكائنات الفضائية التي تمنح البطل قدراته الخارقة، كما أسند شخصية الكلب الناطق إلى الراحل روبين ويليامز. وكل هؤلاء عبارة عن شلة مجانين تدخلت في الإخراج وفي العثور على أفكار بارعة من أجل تطوير الحبكة. أنا فخورة بالنتيجة النهائية للفيلم، لكنني عشت هنا تجربة جنونية لا تعرفها أي ممثلة في كل يوم من حياتها الفنية.