تأتي الذكرى الخامسة لاستشهاد رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري ورفاقه في 14 شباط (فبراير) لتؤكد ان قوى 14 آذار باقية على رغم خروج رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط منها وغياب جميع نوابه ووزرائه عن الاجتماع التحضيري الموسع الذي عقدته هذه القوى عصر امس في فندق البريستول في بيروت باستثناء النائب مروان حمادة، والذي رعاه رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري وشارك فيه رئيس الجمهورية السابق رئيس حزب الكتائب امين الجميل ورئيس كتلة «المستقبل» النيابية رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع وحشد كبير من قادة الأحزاب والشخصيات السياسية المنضوية في قوى 14 آذار. واللافت في الاجتماع الموسع لقوى 14 آذار الموقف الذي أعلنه الحريري في مستهل الجلسة المغلقة، وتأكيده ضرورة المشاركة الشعبية في هذه المناسبة باعتبارها «مناسبة وطنية لتدعيم الاستقرار العام في البلد وبالتالي يجب ان تكون جامعة للبنانيين وليست للتفرقة خصوصاً «أن وحدتنا الوطنية وحمايتها تشكلان العنصر الأساس في مواجهة اسرائيل وتهديداتها». وشدد الحريري على «ان هذه المناسبة ليست موجهة ضد احد ولن تكون خارج التوجه العام لتدعيم الوحدة الوطنية وتثبيت الاستقرار والحفاظ على التهدئة وهذا ما يستدعي مشاركة شعبية حاشدة من باب تأكيد الثوابت التي آمن بها الرئيس الشهيد». وعلمت «الحياة» ان جميع الذين تحدثوا في الجلسة المغلقة ابدوا تناغماً مع الموقف العام الذي أعلنه الحريري، وقال أكثر من مشارك في اللقاء ان جعجع توجه الى الحضور بخطاب هادئ أكد فيه ان المناسبة هي لتدعيم الوحدة الوطنية من دون التنازل عن الثوابت وأن قوى 14 آذار سائرة على هذا النهج ولن تحيد عنه. وكشف عدد من المشاركين ان الجميل، ومعه الوزيرة السابقة نايلة معوض وعميد حزب الكتلة الوطنية كارلوس إده، أيدوا ما قاله الحريري وجعجع لكنهم أثاروا مسألة سلاح «حزب الله» وضرورة تنفيذ ما أجمع عليه مؤتمر الحوار الوطني الأول في شأن جمع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وتنظيمه في داخلها. لكن مشاركين آخرين، ومنهم المنسق العام للأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق فارس سعيد، رأوا ان المناسبة هي للتوجه الى اللبنانيين للمشاركة في هذه الذكرى الوطنية وأن المطلوب التوجه ببيان تعبوي يحض الجميع من دون استثناء على المشاركة فيها «وبالتالي لسنا في وارد التوجه الى اللبنانيين ببيان سياسي عام نورد فيه موقفنا من القضايا السياسية المطروحة التي هي معروفة للجميع». ولفت المشاركون الى ان غياب جنبلاط ومعه وزراء حزبه و «اللقاء النيابي الديموقراطي» ونوابهما عن الاجتماع باستثناء حمادة، لم يكن حاضراً لا في مداخلات الحريري وقادة 14 آذار ولا في النقاشات المغلقة، وكأن هناك قراراً التزمه الجميع ويقضي بتجنب تناول المسار الذي بلغته العلاقة مع جنبلاط في العلن. ولاحظ المشاركون انه كان لكلمة الحريري وقعها السياسي بين الحضور خصوصاً لجهة تأكيده اهمية المسار الذي سلكه ولا يزال منذ رئاسته للحكومة اللبنانية والذي ينطلق فيه من الحفاظ على السلم الأهلي والوحدة الداخلية ومواصلة الحوار من اجل التوافق لمصلحة الاستقرار الذي يريده الناس «ونحن منهم ونشاركهم في مشكلاتهم وحقهم في تأمين المياه والتيار الكهربائي وفي الالتفات الى مطالبهم وتوفير الحلول لها». كما لاحظ المشاركون ان جميع الحضور ثمّنوا الجهود المبذولة من الحريري على كل المستويات بما فيها إشارة غير مباشرة الى قراره فتح صفحة جديدة مع سورية من دون ان يتخلى عن حلفائه مهما كلف الأمر مع ان هذه المسألة لم تكن حاضرة إلا ايحاء.واعتبروا ان الجو العام للمداخلات السياسية اتسم بالتكيف مع متطلبات المرحلة الجديدة المترتبة على توجه الحريري نحو دمشق للوصول الى صيغة من التعاون خالية من الشوائب. إلا ان غياب جنبلاط ووزرائه ونوابه عن هذه المناسبة جاء ليؤكد طلاقه النهائي مع 14 آذار تماماً كتأكيد رئيس «حركة التجدد الديموقراطي» الوزير السابق نسيب لحود على الخروج منها، علماً ان جنبلاط اكد في بيان صدر عن «اللقاء الديموقراطي» المشاركة في ذكرى 14 شباط باعتبارها «مناسبة وطنية لتأكيد تقدير اللبنانيين للتضحية التي قدمها الرئيس الشهيد مع رفاقه الشهداء لأجل لبنان واستقلاله وحريته وعروبته ووحدته الوطنية». ولم تتقرر بعد طبيعة مشاركة الحزب التقدمي في هذه المناسبة، هل شعبية أم ستقتصر على حضور رئيس الحزب والوزراء والنواب في «اللقاء النيابي الديموقراطي» مع ان اجتماع البريستول لم يتطرق ابداً الى أسماء الخطباء الذين سيتحدثون في هذه المناسبة التي تقام في ساحة الشهداء. وبالعودة الى البيان الصادر عن قوى 14 آذار والذي أذاعه سعيد فإنه ركز على «أن تغيّر الظروف أو المقتضيات لا يغير من تمسكنا بمبادئنا وثوابتنا ولا بمسيرتنا الاستقلالية وعزمنا على العبور الى دولة الاستقلال وأننا جميعاً أسياد قرارنا، نمسك مصيرنا بأيدينا»، مؤكداً ايضاً «ان هذه الوحدة على تنوعنا المشروع والمرغوب لا تقوم ولا تستقيم بشروط فئة من بيننا ولا طبعاً بشروط الخارج إنما بشروط الدولة الجامعة، الدولة المدنية القائمة على ميثاق العيش المشترك المحتكمة الى سلطة المؤسسات الدستورية». الى ذلك، يعقد مجلس الوزراء في جلسة استثنائية اليوم برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وعلى جدول أعماله مواصلة البحث في المقترحات الإصلاحية المقدمة من وزير الداخلية والبلديات زياد بارود على قانون الانتخابات البلدية إضافة الى احتمال طرح إعادة تشكيل هيئة الرقابة على المصارف التي انتهت ولايتها في حال تم التوافق على الأعضاء المرشحين لها. وعلمت «الحياة» ان اعتماد النسبية في مجالس البلديات في بيروت والمدن الكبرى التي تعتبر من عواصم المحافظات والأقضية اللبنانية هي البند الوحيد الباقي من الإصلاحات البلدية التي أعدها بارود بعدما تعذّر على مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة الموافقة على الإصلاحات الأخرى أكان بالنسبة الى اشتراط حصول المرشح لرئاسة البلدية على شهادة جامعية ورئاسة المجالس الاختيارية على بكالوريا قسم ثان او انتخاب رئيس البلدية ونائبه من الشعب مباشرة. مع ان إقرار الكوتا النسائية في المجالس البلدية بنسبة 20 في المئة من أعضائها قد يجد صعوبة في تطبيقه ما لم يكن مقروناً بآلية تحفظ حقوق المرأة في مشاركتها في البلديات. وبحسب المعلومات فإن اعتماد النسبية في البلديات الكبرى سيواجه المصير نفسه الذي آل إليه مصير انتخاب رئيس البلدية ونائبه مباشرة أو اشتراط الشهادات الجامعية للمرشحين لرئاسة البلدية. وعزت مصادر وزارية سبب احتمال «نعي» الإصلاح النسبي الى وجود صعوبة في تطبيقه في غياب الآلية اللازمة له. ما يعني ان الانتخابات البلدية ستتم في موعدها على أساس اعتماد القانون القديم مع إدخال بعض التعديلات الطفيفة عليه. ولفتت المصادر نفسها، الى ان النظام النسبي في البلديات لن يطبق بدءاً من بيروت وأن هناك مخاوف من ان لا يؤدي الى تحقيق التوازن في مجلسها البلدي بين المسلمين والمسيحيين وإنما الى إحداث خلل لمصلحة المسلمين وهذا لا يتحمله أي من الوزراء ولا مجلس الوزراء مجتمعاً، خصوصاً ان الدراسات الأولية أظهرت ان النسبية لن تؤدي الى وصول أكثر من ستة اعضاء مسيحيين من اصل 12 عضواً مسيحياً هم العدد في المجلس الحالي.