بكين، واشنطن - رويترز - اعلن وزير الخارجية الصيني يانغ جيتشي أمس، ان صفقة الأسلحة الأميركية لتايوان التي تبلغ قيمتها 6.4 بليون دولار أضرّت بالأمن القومي لبلاده وجهودها لإعادة التوحيد مع تايوان، «لذا يجب ان تلغي الولاياتالمتحدة قرارها الخاطئ»، ما يصعّد نبرة التصريحات ويزيد عمق الخلافات بين أول وثالث أكبر اقتصاد في العالم. وصرح يانغ بأن «الصين والولاياتالمتحدة أجرتا مناقشات مكثفة في شأن مبيعات الأسلحة، لكن الولاياتالمتحدة تجاهلت طلبنا بوقفها»، في وقت تعتبر إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما الخطة «ضرورية لتعزيز الأمن الإقليمي». وتابع: «يجب ان تحترم الولاياتالمتحدة المصالح الحيوية للصين ومخاوفها الكبيرة، وتوقف بيع الأسلحة الى تايوان من أجل تجنب تدمير اوسع للعلاقات الصينية - الأميركية. كما ليس من مصلحة الولاياتالمتحدة أن تلحق انتكاسات بالعلاقات الصينية - الأميركية في وقت تواجه مشاكل عالمية مثل التغير المناخي والأمن الغذائي والنزاع النووي مع كل من إيران وكوريا الشمالية». وتتعاون الصين والولاياتالمتحدة في مجال مكافحة الإرهاب والحد من التسلح النووي والتغير المناخي وقضايا أخرى، لكنهما تختلفان حول مسائل تجارية وتثبيت الصين لقيمة عملتها وسياساتها في اقليم التيبت والرقابة على الإنترنت. وفيما دعا مستخدمو شبكة الإنترنت الصينيون الى مقاطعة شركة «بوينغ» وشركات أخرى مشاركة في الصفقة، اعلنت بكين إنها ستفرض عقوبات لم تحددها على الشركات، وستحد من التعاون الدولي مع الولاياتالمتحدة في حال لم تلغِ صفقة الأسلحة الجديدة. وتملك «بوينغ» مصالح تجارية ضخمة في الصين، أكبر سوق في العالم على صعيد عدد السكان، بينها مبيعات لطائرات تجارية، وكذلك شركة «يونايتد تكنولوجيز» التي تنتج معدات «كارير» للتدفئة ولتكييف الهواء ومصاعد وسلالم «أوتيس» ومنتجات أخرى. وأشارت وسائل اعلام صينية الى عزم بكين تأجيل أو تجميد بعض التعاون العسكري، وإلغاء زيارات مقررة لمسؤولين اميركيين هذه السنة احدها لوزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس، وأخرى متبادلة لكبار القادة العسكريين. ويتوقع أن يزور الرئيس الصيني هو جينتاو الولاياتالمتحدة هذه السنة، رداً على زيارة الرئيس الأميركي باراك اوباما لبكين في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، والتي اشاد بها الطرفان باعتبارها تظهر عمق التعاون. في المقابل، قد يلتقي اوباما خلال الشهور المقبلة الزعيم الروحي للتيبت في المنفى الدالاي لاما الذي تصفه الصين بأنه «انفصالي خطير». وحاول مسؤولون أميركيون التهوين من شأن النزاع الجديد. وقال كبير الناطقين باسم وزارة الخارجية بي جي كرولي: «نأسف لإعلان الحكومة الصينية نيتها خفض التبادل العسكري بين البلدين وبقية المبادلات المرتبطة بالأمن واتخاذ اجراءات ضد شركات اميركية تصدّر معدات دفاعية الى تايوان. ونحن نعتقد بأن سياستنا تساهم في الاستقرار والأمن في المنطقة». ويقول مسؤولون أميركيون إن تايوان التي تتأخر كثيراً عن الصين في توازن القوة العسكرية تحتاج الى أسلحة حديثة كي تمنحها بعض الثقل لدى التفاوض مع بكين التي تقول تايوان إنها تصوب أكثر من 1400 صاروخ قصير المدى ومتوسط المدى عليها، علماً ان صفقة الأسلحة تشكل فعلياً النصف الثاني من برنامج اقرّه الرئيس الأميركي السابق جورج بوش عام 2001. وينص القانون على ضرورة إخطار الكونغرس بالمبيعات المزمعة لكن ذلك لا يعني أن الأمر قد حسم، اذ يملك الكونغرس 30 يوماً لمنع إنجاز الصفقة، وهو ما لم يفعله في السابق. وأعلن اندرو يانغ، نائب وزير الدفاع القومي في تايوان، ان الأسلحة الدفاعية التي تتضمنها الصفقة يمكن أن تساعد في منع قتال بين الصين وتايوان، ب «اعتبار انها ستحتم تفكير الصين مرتين قبل شن هجوم ضدنا، لذا تعارض الصفقة». وقال الرئيس التايواني ما يينغ جو إن «الأسلحة الدفاعية ستمنحنا مزيداً من الثقة والإحساس بالأمن للمضي قدماً في تطوير العلاقات عبر المضيق»، علماً ان سلطته تسعى الى تهدئة التوترات مع البر الرئيس وتعزيز العلاقات الاقتصادية، لكنها منزعجة من امكان تطوير الصين ميزة عسكرية ساحقة.