على رغم مرور عام على الوعود، التي أطلقها وزير النقل الدكتور جبارة الصريصري، بمعالجة وضع الطرق المارة في محافظة حفر الباطن، إلا أن إسفلت تلك الطرق لا زال يُسقى بالدماءالتي تنزف جراء الحوادث شبه اليومية التي تقع عليها، وبخاصة على طريق الرقعي، الرابط بين حفر الباطن ودولة الكويت. ولا يكاد يوجد كيلومتر واحد في الطريق، الذي يبلغ طوله نحو 90 كيلومتراً، لم يشهد حادثة مرورية واحدة على الأقل، غالباً ما يسفر عنها وفيات، فضلاً عن الإصابات التي طالت مواطنين سعوديين وآخرين كويتيين، ومسافرين من جنسيات مختلفة، فالطريق إضافة إلى أنه يربط بين البلدين، هو الشريان البري الوحيد الذي يربط بين الكويت ودول الشام ومصر. واستبشر سكان حفر الباطن والكويت، حينما أقر مشروع طريق حفر الباطن – الرقعي، قبل نحو أربعة أعوام، بيد أن تقادم السنين وتكاثر الحوادث، أحالت الابتسامة إلى «كآبة وهم». ويعود بريق الأمل إلى الظهور حين زيارة المسؤول الأول عن الطرق (وزير النقل الصريصري)، بيد أن ملامح الكآبة تعود لاحقاً، فالحال لم يتغير، والطريق لا يزال بمسار واحد، وقد تآكل بفعل كثرة السيارات والناقلات الكبيرة التي تنتقل من الكويت إلى الشام. ويتذكر الأهالي تصريح وزير النقل، بعد زيارته العام الماضي، إلى محافظة حفر الباطن، حين قال: «إن المحافظة كبيرة، وتستحق مشاريع كثيرة للطرق، وإن هناك أولويات للوزارة، بأن تقوم في شكل مستمر، بمتابعة المشاريع والصيانة، وهناك لجان تم تشكيلها لمتابعة أعمال الوزارة في أنحاء المملكة، ترفع تقارير دورية كل ثلاثة أشهر». كما أشار إلى رصده «مشكلات في الطرق، سواءً الحُفر الموجودة في الطريق، أو أعمال الصيانة المتأخرة، التي تسير ببطء، على رغم أن الوزارة لم تقصر في هذا الجانب، لكن سيتم بحث الأسباب»، واعداً ب «محاسبة المقصرين». وبعد عام من هذا التصريح لم ير الأهالي شيئاً على أرض الواقع، فحُفر الطريق لم تردم، بل إنها زادت، كما أن الطريق الرديف المزدوج، لا يزال قيد الإنشاء منذ سنوات عدة. وحاولت «الحياة» رصد بعض الحوادث، التي وقعت منذ زيارة وزير النقل حتى الآن، ففي شهر صفر من العام الماضي، وقعت حادثة تصادم «مروعة» على طريق حفر الباطن – الكويت، بين مركبتين، الأولى تقل عائلة سعودية، تقل تسعة أشخاص، والثانية تحمل لوحة كويتية، يقودها شاب ترافقه والدته. وأسفرت الحادثة عن وفاة والدة الشاب، وإصابة بقية ركاب السيارتين بإصابات تراوحت بين «المتوسطة» و»البليغة». وفي الشهر ذاته، وقعت حادثة تصادم بين حافلة نقل وسيارة أخرى. وباشرت الموقع فرق من الهلال الأحمر والدفاع المدني. كما توجهت إلى الموقع ثلاث فرق إسعافية من حفر الباطن. ونُقلت 10 حالات، بعضها إصابتها «بليغة»، إلى مستشفى الملك خالد العام. وفي أواخر شهر ربيع الأول الماضي، لقي سائق شاحنة مصرعه دهساً، من قبل سائق كويتي، كان يقود سيارة من نوع «جيب». وفي منتصف شهر جمادى الثاني الماضي، لقي رجلان حتفهما في التحام حديدي «عنيف» بين ناقلة كانت في طريقها إلى الكويت، وسيارة عائلية صغيرة تقل اثنين، كانا في رحلة العودة إلى حفر الباطن. فيما لقيت امرأة مصرعها، وأصيب زوجها بإصابات مختلفة في رمضان الماضي، جراء انقلاب سيارة من نوع «فورد». وودعت حفر الباطن في نهاية العام الماضي، ستة أشخاص من عائلة واحدة، وأصيب طفلان من العائلة ذاتها، في انقلاب لسيارة من نوع «جيب». ويقول نويصر الرويلي، الذي يرتبط في علاقات نسب مع إحدى العائلات الكويتية «يتزايد أعداد مرتادي الطريق خلال الإجازات، لا سيما أن كثيرًا من العائلات السعودية ترتبط بعلاقة دم ونسب مع أخرى كويتية، فضلاً عن كون شبكة طرق حفر الباطن تعتبر العمود الفقري ، وحلقة وصل بين دول الخليج وبلاد الشام، من خلال طريقي الكويت، وأبو حدرية»، مروراً بطريق الشمال الدولي. وعلى رغم كثافة المسافرين، إلا أن ذلك لم يشفع للالتفات لهذه الطرق من ازدواجية وصيانة لها، حتى أصبحت التحويلات علامة مميزة لهذه الطرق». ويرى خلف العنزي الذي تلقى تعليمه الأولي في الكويت، أن الطريق «يشكو إهمالاً من وزارة النقل، على رغم تصريحات مسؤوليها، وعلى رأسهم الوزير الدكتور جبارة الصريصري، حول معالجة أوضاعه»، مضيفاً «نناشد المسؤولين أن يتدخلوا، فيكفي ما دفعناه من دم أبنائنا قرباناً لطريق لا يتجاوز طوله 90 كيلومتراً»، مؤكداً أنه «لو تم تصليح كيلومتران فقط كل شهر خلال السنوات الأربع الماضية، لانتهت معاناتنا منذ أمد بعيد، فشركة لا تستطيع إنجاز كيلومترين خلال شهر واحد، لا أظن أنها تستحق أن تناط بها مهمة يدفع ثمنها المواطنون بأرواحهم ودمائهم».