من دون تقدير لقوانين الطبيعة ظهرت التجاوزات على الأودية في أكثر من منطقة من دون إدراك لأخطارها المؤكدة، ونتيجة لهذا فالاستشعار المنطقي للكوارث التي بدأت تطرق أبوابنا الآمنة تؤكد أن محافظة صبياء في منطقة جازان هي الآن على بوابة الكارثة بعد «عروس البحر الأحمر» جدة، يؤكد هذا كثير من التجاوزات التي طالت الواديين اللذين يمران شمال المدينة وجنوبها. بناء على تلك التجاوزات، وإدراك ساكني المدينة بأخطار السيول إذا لم تعالج هذه التجاوزات، أحب أن أنبه إلى أن الأخطار المحيطة بالمنطقة كبيرة، وأطالب المسؤولين بسرعة المبادرة لتصحيح تلك الأوضاع والتجاوزات قبل أن تحل بالمحافظة كارثة جراء تدفق السيول الغزيرة، لقد كان الأمل يراودني بأن يكون قد تم اتخاذ إجراءات صارمة لتعديل تلك التجاوزات، وإذا بي أمام تجاوزات أخرى أشد خطراً. من هذا المنطلق سأتوجه إلى مدينة صبياء والقرى القريبة منها لإيضاح مكامن الخطر التي يأتي في مقدمها التجاوزات وإقامة المنشآت في بطون الأودية وعلى ضفافها وبعضها أزيل تماماً. يعتبر «وادي صبياء» من أكبر الأدوية وأنشطها في المنطقة، وقبل اقتراب الوادي من مدينة صبياء وقراها القريبة منها نجده ينقسم إلى ثلاثة أودية: وادي صبياء الشمالي، ووادي صبياء الجنوبي، والوادي الثالث الذي يمر بالقرب من مدينة الظبية، وكل وادٍ من تلك الأودية يروي مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية، لهذا يجب التوجه إلى تلك الأودية ودرس مدى تأثير التجاوزات على مجاريها الطبيعية. وادي صبياء الشمالي، يمر بجوار المدينة من الشمال ويروي مساحة كبيرة من الأراضي الزراعية، لم يعد لهذا الوادي أي وجود، خصوصاً مجراه الذي يمر شمال المدينة، إذ أصبح بكامله أحياءً سكنية أقيمت بموجب مخططات معتمدة تملكها مواطنون بصكوك شرعية وأقاموا عليها مساكنهم، كما لم يعد للأرض التي كانت تُروى من السيول التي تتدفق عبره أي نصيب من مياهه. وادي صبياء الجنوبي، أكثر اتساعاً من الواديين الآخرين، إذ يزيد اتساع مجراه، وبعيداً عن كل تلك التجاوزات التي لا تزال مستمرة وعدم التحرك للحد منها، وعلى ذكر الجهود فلا شك أن لبلدية صبياء جهوداً مشكورة هدفها تطوير خدمات المدينة وقراها، إلا أنها في ما يخص أخطار السيول والتعديات المستمرة على مجاريها لا أرى لها أي توجه مدروس لدرء الأخطار، وقد كنا نأمل من الجهات المعنية، وفي مقدمها البلدية، أن تبادر بالمعالجة قبل أن تستفحل التجاوزات وتصبح صعبة ومكلفة، الجديد في هذا الشأن، الذي لا يمكن اعتباره تجاوزاً وإنما عدم تقدير الخطر الذي يمكن أن ينشأ عنه، إذ قامت البلدية بفتح خط جديد يتفرع من الدوار الجديد القريب من المعارض في وسط الوادي ويمتد شرقاً ليقابل خط الأسفلت خلف صبياء جديدة وصلهبة، واعتقادي أن هذا الخط أقيم لغرضين: الأول، عبارة عن حزام دائري لفك الاختناق المروري، والثاني، لإبعاد السيل عن مجراه الأساسي لحماية المدينة، وفي كلتا الحالتين فإن إقامة هذا الخط في وسط الوادي خطأ قد يأتي بما هو أسوأ. وبالنظر إلى الوضع الذي أصبح عليه وادي صبياء شماله وجنوبه يتأكد لنا أن المدينة في خطر محدق، قياساً على حجم سيول سابقة تدفقت في مجراه، وما زال هناك كثيرون من سكان المدينة والقرى المجاورة يذكرون سيول عامي 1375ه و1383ه وحجمهما الهائل والدمار الذي خلفته تلك السيول، علماً بأن مجرى الوادي لا يزال بوضعه الطبيعي ولم يحدث عليه أي تغيير، وبسؤال من شاهدوا حجم تلك السيول في ما لو جاء سيل هذه الأيام بذلك الحجم، فماذا تتوقعون؟ فكان جواب الجميع حدوث كارثة تفوق الكارثة التي حلت بجدة. وقبل أن نصل إلى ما هو متوقع، لا سمح الله، أدعو مسؤولي المحافظة إلى أخذ كل المحدثات في بطن الوادي بعين الاعتبار، وتشكيل لجنة من الاختصاصيين وذوي الخبرة لإعداد تقرير مفصل يوضح به طرق المعالجة الباكرة، هذا وأدعو الله ألا تصل مدينة صبياء وغيرها من مدن المحافظة إلى ما هو متوقع بعد ما عبث مواطنوها ومسؤولوها بمجاري الأودية وازدياد أخطار السيول.