لكل امرئ في هذا الكون الواسع الممتد إلى نهاية بعولمته، أو ما لا نهاية على رغم العولمة، لست متأكدة من ذلك. لكني متأكدة أنّ لكل امرئ قناعاته، سواء أكانت راسخة أم مزعزعة قليلاً، من منطلق أن لا شيء ثابت كلياً أو متحرك كلياً. وبقدر الصدقية والعمق والاطلاع تكتسب القناعات مقدرتها على إقناع الآخرين وجعلهم يستسلمون لها باطمئنان لا مثيل له. نستنتج من هذا أنّ الجميع مقتنع ومعتز برأيه وعلى استعداد تام أن يُقنعك بالتي هي أحسن وبالتي هي أسوأ أيضاً، فهل العالم كما زعموا مُقدم على الحوار أو على ما هو عكسه تماماً؟ هل يقتنع مني أم يقنعني؟ أسال سؤالي وأمهد لأقول إنني ما دمت قد أقبلت على هذا الكون في تاريخ ما محدد ومكان محدد، وغدوت أنتمي إليه روحاً وجسداً، فإنّ لي الحق إذاً بأن يكون لي قناعاتي الخاصة والبوح بها إذا شئتم وإذا سمحتم وتعطفتم أو منعتم وقمعتم. هذا العالم لم يعد يسمح لأحد أن يعبّر عن رأيه إلا وتجد آراء معاكسة وأخرى مشاكسة وأخرى معاندة، حتى غدوت أتضايق من كلمات مثل الرأي والرأي الآخر وحوار ونقاش. يا أخي كثر الكلام واللغو ومنابر الخطابة والتراشق بالحروف والفواصل والرسوم والغاز المسيل للدموع، ولم أعد أحب هذا العالم الذي لا يسمع فيه كل واحد سوى صوته، عالم فاقد السمع، عالم لا يتحاور بل يتناحر ويتشاجر. هل بإمكاني إقناع أحد؟ ولماذا أُقنع كائناً من كان؟ ومن أنا حتى أُقنعه؟ ولماذا يُقنعني هو؟ من هو أصلاً؟ لماذا لا نرحم بعضنا ونترك بعضنا؟ ثم إذا كنا مرغمين على التفاعل مع بعضنا البعض رغم أنوفنا نحن سكان الكرة الأرضية فلا بد من الآن وصاعداً من أن يكون لكل فرد محامٍ، أو تراني بعد كل هذا أميل إلى ضرورة وجود إنسان مسؤول عن كل بني جنسه في مختلف الأنحاء. ربما أميل أيضاً إلى أن يكون فيلسوفاً حكيماً خارق الذكاء، والمفضل لو يأتينا من كوكب آخر ليعدل بيننا وبين أصنافنا المتنافرة عرقياً، دينياً، تاريخياً، إلخ... ينظر لينظم، ويحلل ليعلل ما جرى وما سيجري، وبعدها يُطلق أحكاماً تُنفّذ وآراء تُتّبع من دون إعلام أو تسييس، إنما بالعدل. ومن الآن وحتى تتفق هذه البشرية المتنافرة على ذلك المسؤول، أقول: على الدنيا السلام. خلف الزاوية أهواك في زمن أضاع صوابه فكأنه كهل شرير مجهد والناس منشغلون في أوهامهم ينجون من أمس ليدهمهم غد لم يبقَ من علم الحياة ونورها إلا هواك المنجد المستنجد فاهرع إليّ حقيقة أو كذبة أنا في غيابك لحظة لا أصمد [email protected]