في تعزيز لاتجاه كان ظاهراً خلال أسابيع، أدلى مهدي كروبي أحد قادة المعارضة الإيرانية بتصريحات تصالحية تستهدف كما يبدو نزع فتيل التوتّر وإنهاء الأزمة السياسية في البلاد. مع ذلك، لم يُظهر مرشد الجمهورية الإسلامية علي خامنئي حتى الآن رغبة لتقديم تنازلات مماثلة، كما يقول خبراء في الشؤون الإيرانية، في داخل البلاد وخارجها. في مقابلة أدلى بها لموقع إلكتروني إصلاحي، بدا أن كروبي يحوّل اللوم عن خامنئي، في شأن القمع العنيف الذي أعقب الانتخابات الرئاسية، عارضاً هدفاً بديلاً هو رجل الدين أحمد جنتي الذي يرأس «مجلس صيانة الدستور». وقال كروبي، في إشارة الى جنتي: «يقول إن الادعاءات حول حصول تزوير (في الاقتراع) زائفة تماماً، معتبراً ذلك جريمة ضد البلاد، ولكن من لا يعرف أنه ارتكب جرائم ضد الثورة ودماء الشهداء والإمام (الخميني) والشعب الإيراني العزيز». ويرى خبراء عديدون في الشؤون الإيرانية أن ثمة أدلة متزايدة على أن كروبي وحلفاءه، بينهم الرئيسان السابقان هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي، بدأوا البحث عن سبيل للخروج من الأزمة. وقالت شخصية مقربة من الزعماء الإصلاحيين: «كانت هناك جهود كثيرة في الأسابيع الماضية، لنزع فتيل التوتر الذي صعّب على الجانبين القيام بأي شيء، ويريد زعماء المعارضة خفض الثمن الذي يدفعه الشعب إلى أدنى مستوى». وأضاف أن خامنئي «لم يوافق حتى الآن» على ذلك. ويبدو أن الاستراتيجية الرئيسة للإصلاحيين تركّز على إعادة تأكيد الولاء للمرشد، وقبول الرئيس محمود أحمدي نجاد رئيساً للحكومة، على الأقل حتى الآن، ولكن ليس التراجع عن أي تهمة بتزوير الانتخابات أو سماح الحكومة بممارسة العنف ضد مدنيين. ومن خلال التركيز على جنتي الذي رفض كل جهود التوصّل لتسوية، أضاف كروبي عنصراً آخر ممكناً، إذ يبدو انه يمنح خامنئي فرصة لإعادة توكيد نفسه بوصفه حَكَماً بين الإصلاحيين والمتشددين، كما يقول خبراء. وقال تريتا بارسي وهو رئيس ومؤسس «المجلس الوطني الإيراني الأميركي» الذي يتخذ واشنطن مقراً له: «لعل هذه هي الخطوط العريضة للتسوية. قد نكون نشهد تحوّلاً في إلقاء اللوم، بعيداً من خامنئي، ما يفتح الطريق أمامه للرد بالمثل». وليس واضحاً هل أن للقادة الإصلاحيين استراتيجية منسقة، أو إذا قرروا في شكل مستقل أن ثمة مخاطرة كبيرة في السماح بمواصلة الأزمة. وثمة قلق بالغ في إيران، في شأن نقاط التوتر المحتملة مستقبلاً، مثل 11 شباط (فبراير) المقبل الذي يصادف ذكرى الثورة. ويبدو أن سياسة مد اليد التي ينتهجها قادة المعارضة بدأت في 31 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، عندما اقترح المرشح الرئاسي السابق مير حسين موسوي على خامنئي خطة من خمس نقاط لنزع فتيل الأزمة. وفيما لم تستجب القيادة، رأى رسول نفيسي وهو خبير في الشؤون الإيرانية مقيم في ولاية فرجينيا، أن ثمة مؤشرات محدودة الى أن هذه الاستراتيجية خفّفت من حدة التوتر، مهما كان طفيفاً. وقال إن «رد فعل النظام بطيء على إشاراتهم، ويخفّف إلى حد ما سياسته الإعلامية والمضايقات التي يتعرض لها الشباب في الشوارع»، مضيفاً: «لذلك إن سياسة منحهم مساحة للمناورة، تعمل بنجاح». وكان كروبي انتقد في حديث لصحيفة «فايننشال تايمز»، هتافات متظاهرين تهاجم المرشد وتدعو الى إنهاء الحكم الإسلامي. وقال: «لا نريد أن نقوم بثورة أخرى، ولا نسعى إلى إسقاط النظام». ويربط بارسي قبول الشعب بأي اتفاق، بموافقة خامنئي على تنازل كبير، مثل إرغام نجاد على التنحي. ويقول إن «تسوية لا يمكن أن تكون شيئاً رمزياً، بل أمراً جوهرياً»، مشيراً الى أن «أشخاصاً كثيرين توفوا، وأشخاصاً كثيرين عُذِّبوا، وأشخاصاً كثيرين يشهرون سلاحهم».