قال رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري ان لبنان يتعامل مع التهديدات الإسرائيلية في شكل جدي، سواء كانت ضد الجنوب أم البقاع أم بيروت ام الضاحية الجنوبية، ويعتبرها تهديداً لكل لبنان، وإن أي موقع في لبنان هو من مسؤولية الحكومة اللبنانية، معتبراً ان هذه التهديدات هي للحكومة قبل ان تطاول أي شخص آخر. وأكد انه سيكون هناك موقف عربي موحد منها، مشيراً الى لقائه مع الرئيس المصري حسني مبارك «الذي لم يفوّت فرصة في اللقاء معه إلا وعبّر عن محبته للبنان ووقوفه الى جانبه ورفضه القاطع لكل ما يهدد لبنان حكومة وشعباً وأرضاً بما فيه التهديدات الإسرائيلية له». مواقف الحريري هذه جاءت في مؤتمر صحافي عقده امس في القاهرة بعد لقائه الرئيس مبارك، وأكد فيها ان المؤتمر الدولي للسلام يجب ان يقوم على مبادرة السلام العربية وأن يضع إسرائيل في المواجهة باعتبارها تتحدث عن السلام لكنها تهدد دائماً بالحرب. وأشار ايضاً الى ان «المصالحات العربية بدأت بين دول عدة، وسنرى مصالحات أخرى في الفترة المقبلة بما يمكن العرب من مواجهة التهديدات الإسرائيلية التي يواجهونها أو التهديدات الإقليمية في المرحلة المقبلة». وتطرق الحريري الى التظاهرات التي حصلت اخيراً امام السفارة المصرية في بيروت وقال: «نحن لن نقف متفرجين امام أي شخص يخل بالأمن بخاصة مع اخواننا في السفارة المصرية ولن نتهاون مع كل من يحاول ان يقترب من السفارة المصرية». وتوقف الحريري امام تحطم الطائرة الإثيوبية في البحر قبالة السحل اللبناني، وقال في موقف لافت هو الأول للحكومة اللبنانية من كارثة الطائرة المنكوبة: «نحن نستبعد ان يكون هناك أي عمل تخريبي بحسب الأدلة والمعلومات الموجودة لدى كل المتابعين لهذا الموضوع حتى الآن. لكن الصندوق الأسود هو الذي سيكشف ما حصل للطائرة منذ لحظة إقلاعها ولغاية سقوطها في المياه». الى ذلك، أسفرت عمليات البحث عن الطائرة الإثيوبية التي سقطت في البحر عن تحديد الموقع الذي يُعتقد بان الصندوق الأسود موجود فيه في قعر البحر. وكشفت مصادر لبنانية رسمية رفيعة ل «الحياة» انه تم تحديد المنطقة التي يُعتقد ان الصندوق الأسود فيها، بناء لإشارات تلقتها المدمرة الأميركية «يو أس أس راميج» من الصندوق وهي عبارة عن «ذبذبات» يطلقها جهاز موجود في داخله. وأكدت المصادر ان البحث عن الصندوق يدور في منطقة تبلغ مساحتها حوالى 35 ألف متر مربع وأن عمقها يصل الى أكثر من 1500 متر، مشيرة الى انه لا يستبعد ان يكون القسم الأكبر من هيكل الطائرة في موقع قريب من الصندوق وهذا ما يساعد على انتشال جثث الضحايا الموجودة في داخله. وأضافت ان سفينة «أو شين ألرت» وبناء للإشارات التي التقطتها «يو أس أس راميج» من الصندوق الأسود باشرت عملها في البحث عن الصندوق وهيكل الطائرة بعدما انتهت من مسح هذه المنطقة وأخذت صوراً لها. وتحدثت المصادر عن ان «أو شين ألرت» تمكنت من انتشال قطع حديد صغيرة، لكنها تشك بان تكون عائدة للطائرة المنكوبة. وقالت ان الساعات المقبلة كفيلة في إظهار النتائج الأولية لعملية البحث. ومساء أُعلن في مستشفى بيروت الحكومي عن التعرّف إلى جثة اللبنانية التي تحمل الجنسية الروسية آنا عبس وجثة الضحية علي احمد جابر، وأُعلن ايضاً عن توجّه بعثة تابعة للمختبرات الجنائية في قوى الأمن الداخلي الى أديس أبابا خلال اليومين المقبلين لتحديد خريطة جينية للضحايا الأثيوبيين لمقارنتها مع خريطة الجثث والأشلاء التي انتُشلت من البحر. على صعيد آخر، يعقد مجلس الوزراء جلسة اليوم في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، وعلى جدول أعمالها بند أساسي يتعلق بحسم موقف الحكومة من إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في ضوء التعديلات المقترحة من وزير الداخلية والبلديات زياد بارود على قانون الانتخاب. وعلمت «الحياة» أن الجلسة ستكون حاسمة لجهة تقرير مصير الانتخابات البلدية وما اذا كانت الحكومة جادة في إنجازها في موعدها في ايار (مايو) المقبل أم انها تميل الى تأجيلها، مع ان الرئيس الحريري يصر على إتمامها من دون أي تأخير كما نقلت عنه مصادره قبل ان يغادر الى القاهرة التي عاد منها ليلاً بعد مقابلته الرئيس مبارك ونظيره المصري أحمد نظيف. وأكدت المصادر ان الحريري باق على قناعته بوجوب إجراء الانتخابات البلدية باعتبار ان تأجيلها يضر بصدقية الحكومة التي أخذت على عاتقها في بيانها الوزاري إنجاز هذا الاستحقاق في موعده. وقالت ان على من يريد تأجيلها تحمّل مسؤولية مباشرة ولتكن لديه الجرأة في الإعلان عن موقفه بدلاً من ان يرمي مسؤولية التأجيل على عاتق الآخرين. كما ان مصادر وزارية أخرى تعتبر ان ضيق الوقت لم يعد يسمح بإجراء الانتخابات إذا كان لا بد من الإصلاحات المطروحة في شأن قانون الانتخاب، وبالتالي لا حل امام الحكومة سوى إنجازها على اساس قانون الانتخاب القديم مع بعض التعديلات الطفيفة، خصوصاً ان هناك صعوبة في خفض سن الاقتراع من 21 عاماً الى 18 سنة بما يعطي فرصة للمستفيدين منه للاشتراك في الانتخابات لا سيما بعدما تردد بأن معظم الأطراف يصرون على ربط التصديق عليه باتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة الجنسية للمغتربين من اصول لبنانية وإتاحة المجال امام المقيمين في الخارج للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات النيابية. وعلمت «الحياة» ان وزراء من قوى 14 آذار ومن الأكثرية سابقاً وكذلك من المنتمين الى «التيار الوطني الحر» بزعامة رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون يدرسون الطلب من مجلس الوزراء ومن خارج جدول أعماله استرداد مشروع قانون التعديل الدستوري الرامي الى خفض سن الاقتراع والذي تعذّر على البرلمان مناقشته في جلسته الاثنين الماضي بسبب عدم عقده حداداً على ضحايا الطائرة الإثيوبية المنكوبة. واعتبرت المصادر ان استرداد مشروع القانون يجيز للحكومة ان تربط به إعادة الجنسية وإقرار حق المغتربين في الاقتراع لتعيد جميع هذه المشاريع الى البرلمان لدراستها معاً. ورأت هذه المصادر ان استرداد مشروع قانون خفض سن الاقتراع من البرلمان سيمكّن الأخير من معاودة جلساته التشريعية للنظر في مشاريع القوانين الأخرى المدرجة على جدول أعماله لأن عدم استرداده سيوقف جلسات التشريع الى حين البت فيه مع العلم انه لا يحظى بتأييد أكثرية أعضاء الهيئة العامة في المجلس النيابي. ولم تستبعد المصادر احتمال ان يطرح عدد من الوزراء تجديد العقد لشركتي الخليوي لتشغيل الهاتف الخليوي نظراً الى ان العقد الحالي ينتهي مع نهاية هذا الشهر ولصعوبة إيجاد حل لهذه المسألة في ظل الأزمة الصامتة الدائرة منذ فترة بين الهيئة الناظمة في وزارة الاتصالات والوزير شربل نحاس الذي تردد انه ممتنع عن توقيع جميع المعاملات أو العقود، إضافة الى صرف رواتب أعضاء هذه الهيئة بذريعة انه لن يُقدم على خطوة قبل ان ينتهي من اعادة هيكلة العمل في الوزارة التي تستغرق حوالى عام إن لم يكن أكثر.