صاحبت فاجعة جدة منذ لحظاتها الأولى نداءات متكررة من فقهاء وقضاة ومحامين وكُتاب، رأوا «التشهير» أحد السبل الكفيلة بوضع حد للفساد وقمع رموزه. في غضون ذلك أثير نقاش حول مشروعية التشهير ومتى يكون وكيف يتم؟ الشيخ عبد المحسن العبيكان الذي مارس مهنة القضاء فترة من عمره اعتبر «التشهير» عقوبة بحد ذاتها، ويمكن للقاضي أن يحكم بها على شخص بعينه ساعة رأى وجاهة ذلك. وقال: «يجوز التشهير بالمفسدين إذا رأى القاضي أو ولي الأمر ذلك، فهو نوع من التعزير يجوز إن ثبت على الجاني ارتكابه لذنب يستحق عليه عقاباً شديداً، من حق ولي الأمر أو نائبه القاضي تقدير ذلك العقاب، والحكم عليه تعزيراً بالتشهير أو خلافه». وأكد الشيخ الدكتور سليمان العودة تعليقاً على ما تردد من استباق أحكام لجنة التقصي أن «استدعاء شخص للمساءلة لا يلزم منه أن يكون طرفاً في الكارثة، واللجنة ليست محكمة، بل حتى المحكمة ربما تستدعي شخصاً للشهادة أحياناً، لكن إذا أدين أشخاص معينون كالذين أخذوا الأراضي واستقطعوها وتم توزيعها على الناس واستخرجوا عليها مخططات وقاموا بتوريط الناس وثبتت عليهم الأخطاء مثل هؤلاء ينبغي أن تعلن أسماؤهم، حتى يرتدع أمثالهم». ونبه إلى أن الأصل هو ستر المسلم لقول الرسول (من ستر مسلماً ستره الله)، إلا أن «المفسدين الذين فسادهم ظاهر وعام ووصل شرهم إلى الناس كلهم، وهم يتسترون تحت مسمى وظيفي أو اعتبارات معينة، إذا أودينوا يجب إظهارهم لاستمرارهم في الفساد، حتى يكونوا عبرة لغيرهم وحتى يتوقف شرهم لكن لا ينبغي أخذ أحد بمجرد الشك، «إن تصيبوا قوم بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين». وأضاف: «أحياناً يُسأل المرء البريء ليشهد فيقوم الناس بإلقاء التبعة عليه، وربما يكون نزيهاً، فلابد من الشفافية ووضع النقاط على الحروف ومعرفة المتسبب الحقيقي والمجرم الحقيقي». أما المحامي خالد أبو راشد فاعتبر التشهير بحد ذاته عقوبة، وبالتالي لا يجوز قانوناً تطبيق عقوبة التشهير إلا بنص في الحكم نفسه أو كان القرار واضحاً لا لبس فيه». وأضاف «مسألة التشهير بمن تثبت إدانته تعود إلى اللجنة، فهي صاحبة القرار أو الجهة القضائية المختصة، ومع الأسف الآن مجرد أن اللجنة تحقق مع أحدهم يذهب البعض لوضع اسمه في الصحف، ونسأل هنا على أي أساس شُهّر بهم، ثانياً ليس كل من يدان بجرم يكون التشهير ضمن عقوبته». وشدد أنه لا تشهير إلا بنص، بمعنى أن في قرار العقوبة نفسه سواء من اللجنة أم المحكمة يقول فيها «ويشهر به في كذا وكذا» في هذه الحال يشهر به، وإذا شهر به دون نص يحق له أن يقاضي من شهر به.