ردّ المغرب على تقرير منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية الدولية الذي أشار إلى تراجع أوضاع حقوق الإنسان في المملكة، معتبراً أنه غير موضوعي ويتبنى «خطاباً سطحياً ومقاربات انتقائية تضع المغرب في شكل مجتمع في قفص الاتهام». وكانت المنظمة رصدت في تقريرها السنوي «تراجعاً» في الحريات في المغرب خلال العام الماضي، «مما يقوّض التقدم الذي تحقق في وقت سابق من هذا العقد». وإذ أشارت إلى أن «المغرب لديه مجتمع مدني حيوي وصحافة مستقلة، لكن السلطات بمساعدة القضاء تستخدم تشريعات قمعية لمعاقبة معارضين سلميين وسجنهم، خصوصاً منتقدي النظام الملكي والمشككين في «مغربية» الصحراء أو من يسيئون إلى الإسلام». وقال وزير الاتصال (الإعلام) المغربي خالد الناصري إنه «لا يمكن القفز على المعطى الاستراتيجي لقضية الصحراء كنزاع جيو - سياسي غير منحصر في إشكالات حقوق الإنسان». وعاب على المنظمة «عدم التزامها الموضوعية». ودعا المنظمات الحقوقية إلى «التحلي بالشجاعة وقول الحقيقة»، واتهم متعاطفين مع جبهة «بوليساريو» في المحافظات الصحراوية ب «استغلال هامش الحرية الواسع للمس بمشاعر الشعب المغربي»، في إشارة الى مواقف ما يعرف ب «بوليساريو الداخل» الذين تتهمهم السلطات المغربية بالعمل لمصلحة «بوليساريو» والجزائر كما في حال الناشطة أميناتو (أمينة) حيدر وجماعة علي سالم التماك التي تواجه محاكمة عسكرية بعد عودتها إلى المغرب وإجرائها اتصالات في تيندوف مع قيادة «بوليساريو». وكانت «هيومن رايتس ووتش» عرضت في تقريرها أوضاع حقوق الإنسان في الصحراء واتهمت السلطات المغربية بالتضييق على ناشطين يدعمون «بوليساريو»، لكن المدير المساعد المكلف شمال افريقيا والشرق الأوسط في المنظمة إريك غولدستاين قال إن الجزائر «تتحمل مسؤولية احترام حقوق الإنسان في مخيمات تيندوف» التي تأوي المنتمين إلى «بوليساريو». ونقل عنه القول: «لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تسند هذه التهمة إلى بوليساريو»، مؤكداً عزم منظمته «إجراء تحقيقات حول أوضاع حقوق الإنسان في المخيمات». ويتهم المغرب «بوليساريو» والجزائر ب «احتجاز السكان في مخيمات ضد إرادتهم»، ويدعو إلى تأمين العودة الطوعية للاجئين الصحراويين. غير أن ناشطين صحراويين موالين للمغرب عابوا على «هيومن رايتس ووتش» ما وصفوه ب «انحيازها وتجاهل الأوضاع في المخيمات»، وقدم هؤلاء إفادات خلال مؤتمر صحافي في الرباط. إلى ذلك، أعلن مسؤولون حكوميون ونواب في البرلمان الأوروبي وناشطون من المجتمع المدني عزمهم القيام برحلة من بروكسيل إلى المغرب لشرح خطة الرباط لمنح الصحراء الغربية حكماً ذاتياً موسعاً. وكانت مواجهات ديبلوماسية بين المغرب والجزائر اندلعت في كواليس الأممالمتحدة لدى طرح فكرة توسيع صلاحيات بعثة «المينورسو» لتشمل أوضاع حقوق الإنسان في المحافظات الصحراوية، غير أن الأممالمتحدة رأت أن الموضوع يندرج ضمن صلاحيات لجنة حقوق الإنسان في جنيف. وتصدت باريس لفكرة توسيع مهام «مينورسو»، وعزت ذلك إلى أن دورها في رصد وقف النار ورعاية التسوية السلمية محدد بقرارات صادرة عن مجلس الأمن، فيما أوضاع حقوق الإنسان تخص اللجان المعنية بذلك. ولاحظت المصادر أنه على رغم الاتفاق مبدئياً على عقد جولة مصغرة غير رسمية بين أطراف نزاع الصحراء برعاية الوسيط الدولي كريستوفر روس، فإن الاقتراح لا يزال يراوح مكانه في ضوء الصعوبات التي تعتري استئناف المفاوضات، على رغم أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حض الأطراف المعنية على بدء جولة حاسمة من المفاوضات في أقرب وقت ممكن لتجاوز المأزق الراهن.