تسعى ألمانيا إلى وضع اتفاقات دولية تضبط العمل المصرفي، وأعلن وزير المال الألماني فولفغانغ شويبله الاثنين الماضي أن وزارته تعد خطة لعقد مؤتمر مالي دولي في برلين قريباً، بهدف وضع اتفاقات دولية تتضمن تطبيق آليات مشتركة أو منسقة في ما بينها، لمراقبة القطاع المصرفي والمالي وتوجيهه في صورة لا تسمح بتكرار أزمة المال الأخيرة. واعتبر شويبله أن اقتراحات الرئيس الأميركي الجذرية الأخيرة لتنظيم القطاع المالي وضبطه تقترب كثيراً من التوجهات الألمانية وأدت إلى إحداث حركة جديدة داخل مجموعة ال 20 التي جمّدت فيها المفاوضات في هذا الشأن. من جهة أخرى، حضت الفعاليات الألمانية المصارف على تسهيل عمليات الإقراض، محذّرة أيضاً الحكومة من وقف دعم الاقتصاد. وذكر رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة الألمانية هانس هاينريش دريفتمان، أن الهمَّ الأكبر في البلاد يتمحور في المرحلة المقبلة حول حلّ مسألة تمنّع المصارف عن تسليف الشركات وإقراضها لتسيير أمورها وأعمالها. وأضاف أن القلق يشمل أيضاً استمرار النقص الحاصل في القوى العاملة الكفوءة والمتخصصة، مشيراً إلى أن الأمرين يمكن أن يكبحا معاً في المستقبل المنظور النمو الاقتصادي المنتظر. وحضَّ رئيس اتحاد الصناعة الألمانية الحكومة الألمانية هانس بيتر كايتل، على تمكين المصارف من إقراض الشركات بشروط معقولة. وأعرب عن تخوِّفه من امتناعها هذه السنة أيضاً، «ما يؤثر سلباً في النمو المتوقع»، بحسب رأيه. وقال رئيس اتحاد الحرفيين أوتو كنتيلر إن المطلب الملحّ المطروح حالياً «هو ضمان سير عمليات التسليف في المرحلة المقبلة». ورفع ممثلو المؤسسات الاقتصادية، ومن بينهم رئيس اتحاد أرباب العمل ديتر هوندت، إلى الحكومة مطلب تنفيذ إصلاح نظام الضمان الاجتماعي في البلاد بموجب ما أفاد به البرنامج الحكومي المسيحي - الليبرالي الجديد. وطالب هؤلاء المستشارة أنغيلا مركل ووزراء حكومتها الائتلافية بالإجابة عن أسئلة مركزية مثل: كيف ستخرج البلاد من عنق زجاجة الدين العام المتزايد لتعود إلى تحقيق مستوى أعلى من النمو؟ وهل سيكون الإصلاح الضريبي المنتظر منذ سنين إصلاحاً لتعريفات المعاشات أم لوضع نظام ضريبي أسهل؟ وأجمع هؤلاء على أن الأزمة التي تضرب البلاد لن تجد نهايتها هذه السنة. وقال كايتل: «صحيح أننا غادرنا القعر، إلا أن الأزمة لم تنته بعد». ووجد أن البطالة في البلاد لم تتطور بالصورة السلبية التي كانت منتظرة، بعدما ساهم الدوام الجزئي الذي شمل مليون موظف تقريباً، وتحمَّلت الحكومة الجزء الأكبر من تكلفته، بدور أساسي في وقف عملية التسريح الجماعي. وحذَّر رئيس معهد البحوث الاقتصادية «إيفو» في ميونيخ هانس فرنر زِن الحكومة من وقف مبكِّر لبرنامج دعم النمو في البلاد بحجة أن عجلة الاقتصاد عادت إلى الدوران، فقال: «إن قوة الدفع الذاتي للنمو غير موجودة بعد»، ولاحظ أنه «لولا برنامج الدعم لكان وضع البلاد أسوأ بكثير مما هو». وشاركه في الموقف أيضاً مدير معهد الاقتصاد الكبير وبحوث النمو غوستاف هورن، فذهب إلى أبعد ليطالب الحكومة أخيراً بإطلاق برنامج دعم ثالث للنمو بعشرات بلايين اليورو. وقال هورن القريب من الاتحاد العام للنقابات العمالية، إنه يرى أن الاقتصاد «يستعيد عافيته بوتيرة جيدة»، لكنه «شديد القلق من وضع القطاع المالي في البلاد، الذي لم يكتف بالعودة إلى نهجه السابق الخطر، بل أصبح أكثر تعرضاً للانتكاسات». وأضاف أن على الحكومة الإسراع في إقرار قوانين الإشراف عليه «قبل أن يهدد القطاع عملية التعافي الجارية ويودي بالدولة إلى حافة الإفلاس».