جندت الكشافة الإسلامية الجزائرية مع بداية السنة عناصرها للمشاركة في حملة وطنية تحسيسية ضد حوادث المرور، داعمة مبادرة الإذاعة الجزائرية التي أطلقتها في الرابع من الشهر الجاري لتعريف الجمهور بالكوارث التي تسببت فيها حوادث الطرق، وتحسيسه بأهمية احترام قانون المرور للتقليل من حصيلتها الثقيلة التي وضعت الجزائر في المرتبة الأولى عربياً والرابعة عالمياً بحسب الصحف المحلية. وتقول المسؤولة الإعلامية على مستوى القيادة العامة للكشافة في الجزائر العاصمة عقيلة حمّار، إنه تم تجنيد الأفواج الكشفية على مستوى الولايات الثماني والأربعين ومنهم 200 كشاف في العاصمة للمشاركة في ورش توعية نظمت للمناسبة. وأقامت الكشافة حظيرة مصطنعة للسيارات شارك فيها عدد من الأطفال أمام الجمهور لتعليمهم بعض قواعد قانون المرور بالتنسيق مع رجال الأمن، كما وُزِّعت مطويات على المواطنين في الشوارع ونظمت معارض حول الموضوع في القاعات، وفي الوقت نفسه خرجت الأفواج الكشفية إلى الأحياء السكنية للاحتكاك بالمواطنين لإعلامهم بتفاقم الظاهرة وتوعيتهم بالأبعاد الخطيرة التي أخذتها حوادث المرور في البلد. وجاءت مبادرة الكشافة الجزائرية لدعم الحملة التي تقوم بها الإذاعة الجزائرية منذ الرابع من الشهر الجاري والتي قرر المسؤولون استمرارها حتى نهاية السنة الحالية بعد نشر حصيلة حوادث المرور للسنة الماضية التي كشفت أن 2009 كانت السنة الأكثر دموية على الطرق مقارنة بالسنوات العشر الماضية، بحسب صحيفة «صوت الأحرار» الناطقة باسم حزب «جبهة التحرير الوطني» الحاكم. وصرح وزير النقل في الإذاعة الجزائرية بأن الطرق حصدت 4282 قتيلا بمعدل 11 قتيلا يومياً وسجلت سقوط 8760 جريحاً. وذكر مدير الأمن والدراسة في المركز الوطني للأمن والوقاية عبر الطرق، عبد السلام حريتي أن حوادث المرور تكلف خزينة الدولة 200 بليون دينار سنوياً، (أي ما يعادل بليوني يورو) بناء على دراسة استغرقت 8 سنوات. وكانت احتفالات الجزائريين خلال تصفيات المونديال خلفت قتلى وجرحى أيضاً، تماماً مثل احتفالهم بعد الفوز على المنتخب الرواندي الذي خلف 9 قتلى شباب ُتراوح أعمارهم بين 13 و35 سنة، بينما تجاوزت حصيلة الاحتفال بالتأهل 200 ضحية! وأظهرت الأرقام الجديدة فشل كل الإجراءات التي اتخذتها السلطات الجزائرية للتقليل من حوادث المرور وتقليص الفاتورة، بدءاً من تشديد العقوبات على السائقين المخالفين التي تصل إلى سحب رخصة القيادة والحبس ناهيك عن الغرامات المرتفعة، ووضع الرادارات في الطرق في انتظار الكاميرات. وتدرس وزارة النقل تدابير جديدة للقضاء على ما أصبح يسمى ب «إرهاب الطرق». وعبر عدد من الشباب الذين تحدثت إليهم «الحياة» عن أسفهم للأرقام الجديدة وقالوا إن المواطنين يحتاجون إلى مزيد من الوعي باحترام اشارات المرور وقوانينه. كما اشتركوا في القول إن المواطن ليس وحده السبب في تلك الأرقام. وقال عصام وهو موظف حكومي: «لا نحتاج إلى أحد لينبهنا الى كثافة الحوادث وفداحتها لكنها ليست بسبب السرعة وحدها بل لأسباب أخرى منها قطع الغيار المقلدة التي تغمر السوق من دون أن تهتم السلطات بمنعها... فهل يعتقد أحد أن استعمال قطع غيار غير موثوقة المصدر سيمر بلا ثمن؟». واضاف أن السيارات القديمة أيضاً لها دور في وقوع الحوادث بعدما أشيع عن منعها من السير «لكن لا شيء حتى الآن». أما نادية وهي طالبة جامعية فقالت إن التدريب على قيادة السيارات سيِّئ ولا يخضع لرقابة صارمة فالرخصة لمن يريدها. واضافت: «لم أعد أتعجب عندما أرى مراهقاً لم يبلغ الثامنة عشرة خلف مقود السيارة، ثم أين هو دور الأولياء؟». و قال زميلها محمد: «المشكلة الأخرى هي ضعف شبكة الطرقات في البلاد مقارنة بعدد السيارات المقدرة ب 5 ملايين سيارة، هذه المشكلة قد تكون في طريقها إلى الحل عندما يتم تشغيل المترو والترامواي وفتح الطريق السيار شرق غرب». وعلقت نادية قائلة إنه «بات على المواطن أن يكون شرطياً لحماية حياته»، لافتة إلى حملة «يوم بلا سيارة» التي نظمت في الجزائر العاصمة منذ فترة. وعلى صعيد آخر قال نبيل وهو سائق سيارة أجرة انه «يجب إخراج المشكلة من الورق إلى المجتمع، ويتوجب على وسائل الإعلام ألا تتوقف عن توعية المواطنين وتقديم تقارير صادمة حتى يتحول الأمر في ذهن الناس إلى مشكلة واقعية للفت انتباههم بأنهم بدورهم يشاركون في تعقيدها بسلوكياتهم التي تغيرت ستترك أثراً كبيراً.