أطاح المجلس الوطني (المؤتمر السنوي) لحزب «تجمع الأحرار» المغربي، رئيسه السابق مصطفى المنصوري، واختار متزعم «الحركة التصحيحية» وزير المال صلاح الدين مزوار رئيساً جديداً، ما يمهد لانضمام الحزب إلى «قطب سياسي» يميني - وسطي، يضم على رأسه حزب «الأصالة والمعاصرة» الذي يقوده الوزير السابق المقرب من الملك فؤاد عالي الهمة. وذكرت مصادر في الحزب أن الخطوة المتوقعة جاءت عبر اقتراع سري خلال أعمال المجلس الوطني المنعقد أول من أمس في مراكش، حاز فيه مزوار على 610 أصوات، في مقابل منافسه رشيد الساسي الذي حاز على ثمانية أصوات فقط. وتعهد مزوار، وهو الرئيس الثالث للتجمع، «تفعيل دور الحزب وأدائه» في أفق الانتخابات التشريعية المقررة العام المقبل. وأكد ضرورة «توسيع قاعدة الحزب ودعم قدرته على الاستقطاب»، منوهاً بالدور الذي قام به الرئيس السابق مصطفى المنصوري الذي تولى المسؤولية في «مرحلة دقيقة». وجاء اختيار مزوار عقب قرار أصدرته محكمة الاستئناف في الرباط، لدى رفضها طلب المنصوري الطعن في «شرعية المجلس الوطني» بعدما كان دعا إلى عقد اجتماعات للبحث في التطورات التي شهدها الحزب، غير أنه لم يفلح في احتواء «الحركة التصحيحية» التي عززت تحركاتها أخيراً مستندة إلى دعم وزراء الحزب في الحكومة وشخصيات سياسية متنفذة عملت على عزل الرئيس الذي يرجح أن يفقد أهليته كرئيس لمجلس النواب في انتخابات الربيع المقبل. وكان التجمع الذي يصنف نفسه ضمن تيار يمين الوسط، تأسس عام 1978 وضم نخب الأعيان الموالين للنظام في مواجهة تنامي المعارضة اليسارية. وأسندت رئاسته آنذاك الى رئيس الوزراء المغربي أحمد عصمان صهر الملك الراحل الحسن الثاني. غير أنه استطاع أن يجد موقعاً في الخريطة الحزبية، على رغم أنه ظل يُنعَت بأنه «حزب الإدارة» الذي خرج إلى الوجود وفي فمه «ملعقة من ذهب»، في إشارة إلى حيازته الغالبية النيابية في انتخابات عام 1977، قبل إعلان وجوده كحزب سياسي. وينظر مراقبون إلى التطورات في «تجمع الأحرار» على أنها غير منفصلة عن مخاض أكبر يطاول الاتجاه نحو تشكيل «قطب سياسي» كبير يجمع أحزاب اليمين والوسط لخوض انتخابات 2012، خصوصاً أن بعض قياديي «الحركة التصحيحية» لا يخفون تعاطفهم وحزب «الأصالة والمعاصرة» الذي أسسه الوزير السابق المنتدب في الداخلية فؤاد عالي الهمة بعد الانتخابات التشريعية عام 2007. وكان ينظر إلى الرئيس الجديد للتجمع باعتباره واحداً من المنتمين إلى «حركة لكل الديموقراطيين» التي أحدثها الوزير السابق، قبل أن تتحول حزباً. ويلاحظ مراقبون أن «الأصالة والمعاصرة» اهتم منذ البداية باستقطاب زعامات وأعضاء في أحزاب يمينية، مثل «الحزب الوطني الديموقراطي»، لكنه أقام تحالفاً مع الكتلة النيابية ل «تجمع الأحرار»، قبل أن ينفرط عقدها بالتزامن مع انتخابات البلديات العام الماضي، وفهم أن المنصوري دفع غالياً ثمن تفكيك هذا التحالف، فيما يؤكد مناهضوه أن الأمر «مراجعة نقدية لمواقف الحزب وتحالفاته». وبدأت أزمة «الأحرار» على خلفية اختيار بعض وزراء حكومة عباس الفاسي، لم تكن تربطهم بالحزب أي صلات سياسية. غير أن مطلعين على هذه التطورات يرهنون الأمر بالسعي إلى معاودة تشكيل المشهد السياسي، فيما يتوقع أن تكون الأيام الفاصلة عن موعد الاستحقاقات الانتخابية حافلة بالمتغيرات السياسية والحزبية.