أجرى نائب الرئيس الأميركي جو بايدن محادثات مع كبار القادة السياسيين أمس للتوسط وحل الأزمة التي سببها قرار «هيئة المساءلة والعدالة» استبعاد 11 كياناً سياسياً و511 مرشحاً من خوض الانتخابات التشريعية المقررة في 7 آذار (مارس) المقبل، ولمح بايدن الى ان هذه الأزمة «تهدد صدقية الانتخابات ونزاهتها»، داعياً العراقيين الى إجراء انتخابات نزيهة مقبولة لدى دول العالم. وتعقد الرئاسات الأربع، الجمهورية والوزراء والبرلمان ومجلس القضاء الأعلى، اجتماعاً لمناقشة القضية وسط تباين سياسي وبرلماني فيما يتم البحث في اقتراحات عدة أبرزها إقرار «وثيقة البراءة من البعث» يوقع عليها كل من استبعد من الانتخابات. واجتمع بايدن، الذي وصل الى بغداد مساء الجمعة، مع رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس مجلس النواب اياد السامرائي والرئيس جلال طالباني وممثل الأممالمتحدة آد ميلكرت ونواب من لجنة المساءلة والعدالة النيابية. ونقل بيان لمكتب المالكي عن بايدن قوله بعد الاجتماع ان «زيارتي الحالية تأتي في إطار الرغبة المشتركة لتطوير العلاقات بين البلدين وفي ظل الزيارات المتبادلة بين الجانبين ولتأكيد المضي في تنفيذ اتفاق الإطار الاستراتيجي وتطوير العلاقات ومناقشة خفض عدد القوات الأميركية بحسب الاتفاق الموقع بين البلدين»، مضيفاً «لم آت إلى العراق لعقد أية تسوية. أنا والرئيس باراك أوباما نؤيد تأييداً قوياً تنفيذ المادة السابعة من الدستور المتعلقة بعدم السماح لحزب البعث بممارسة نشاطه». وأضاف «نتطلع الى اجراء الانتخابات في اجواء حرة ونزيهة لأنها تشكل مرحلة مهمة جداً وستُساهم في دعم العملية السياسية والتحول الديموقراطي وطي صفحة الدكتاتورية». وأضاف ان «الولاياتالمتحدة تواصل جهودها لإخراج العراق من الفصل السابع، وتمضي قدماً في تنفيذ اتفاقي سحب القوات والإطار الاستراتيجي، وإن الترتيبات والاستعدادات جارية لخفض عدد القوات الأميركية في آب (أغسطس) المقبل». وأبلغ نائب الرئيس الأميركي المالكي ان الحكومة الأميركية ستستأنف الحكم في قضية شركة «بلاك ووتر» انسجاماً مع طلب الحكومة العراقية. لكن مستشار بايدن لشؤون الأمن القومي توني بلينكن ابدى ثقته بقدرة العراقيين على حل هذه الأزمة. وقال «بناء على تطورات الشهور الأخيرة شهدنا قدرة متنامية وكبيرة لدى العراقيين على حل خلافاتهم ونزاعاتهم عبر العملية السياسية». وأضاف «لا يوجد للولايات المتحدة او اي دولة اخرى دور في حل هذا النوع من المشاكل، فالعراقيون يظهرون انهم قادرون تماماً على حلها بأنفسهم». وكان بلينكن قال مساء الجمعة ان «المخاوف التي عبرنا عنها تتعلق بالآلية وليس بالنتيجة». وأضاف «اذا اعتبرت الآلية المتبعة لتقرير عدم اهلية المرشحين مفتقرة الى الشفافية والحياد والصدقية فإن الانتخابات ستعتريها شكوك»، واصفاً الانتخابات التشريعية المقبلة ب»المصيرية لمستقبل العراق». ودافع المالكي خلال لقائه بايدن عن قرارات «المساءلة و العدالة» قائلاً أنها «دستورية وقانونية». وأضاف في بيان ان «تطبيق قانون المساءلة والعدالة تم وفق الآليات الدستورية والقانونية وشمل كل القوائم المرشحة لخوض الانتخابات، ولم يستهدف جهة دون أخرى كما يدعي البعض، وعلى الذين تم استبعادهم مراجعة الهيئة التمييزية التي تم تشكيلها من سبعة من القضاة وأقرها مجلس النواب للنظر في اعتراضاتهم». وأشار المالكي الى ان «الانتقال من مرحلة الدكتاتورية إلى الديموقراطية في حاجة إلى المزيد من الوقت والجهد». ولفت الى ان «الانتخابات المقبلة ستكون حجر الزاوية في استكمال بناء النظام السياسي، وسنبذل قصارى جهودنا لتتم في أجواء حرة ونزيهة وشفافة، لنكمل بها النجاحات التي تحققت في الأمن وبناء النظام السياسي وتحقيق تطلعات الشعب العراقي في تطوير الاقتصاد وتحسين الخدمات». ونقلت وكالة «فرانس برس» عن وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري ان نائب الرئيس الأميركي طالب المسؤولين العراقيين بإجراء انتخابات نزيهة تتمتع بصدقية ويقبلها العالم. وأضاف «أوضح (بايدن) أن الأميركيين يريدون انتخابات شفافة نزيهة تتمتع بصدقية بالنسبة الى العراقيين والعالم. لكن «كيف ستفعلون ذلك يبقى شأناً خاصاً بكم»». وكان الناطق باسم الحكومة علي الدباغ ذكر ان بايدن أبلغ المالكي «انها (المساءلة والعدالة) مسألة عراقية، وهو غير مستعد للتدخل في هذه القضية القانونية والدستورية». وذكر الدباغ ان بايدن قال «نحن ندعمكم لتطبيق المادة السابعة من الدستور كما اننا نعارض دخول حزب البعث العملية ونؤيد اصلاح حزب البعث». وأضاف الدباغ أن «المساءلة والعدالة قضية عراقية يحكمها الدستور والقانون»، وتابع انه «ليس هناك أي دور أو تأثير لأي طرف خارجي في هذه العملية، فهي شأن داخلي عراقي». وزاد «نحن العراقيين لا نريد اي دور للغير في هذه المسألة ولا نرحب به». ودعا «كل الأطراف أن تحترم وتسمح للآليات القانونية بممارسة دورها من دون أي تأثيرات أو رغبات شخصية، وأن تستوفي كل المعايير والشروط المتفق عليها من دون تمييز أو استثناء». وأكد ان الحكومة تركز جهودها على «حسن تطبيق قانون المساءلة والعدالة بعيداً من أي تسييس أو إثارات سياسية تؤثر في مسار الانتخابات المقبلة، وأنه لا بد من إجراء محاسبة ومساءلة عادلة وحرص كامل على تحصين السلطة التشريعية القادمة من أي اختراق غير قانوني أو مخالفة للوائح والشروط الانتخابية المتفق عليها». الى ذلك، أعلن طالباني بعد اجتماع عقده مجلس الرئاسة مساء الجمعة ان «المجلس قرر الدعوة الى اجتماع للرئاسات الأربع، الجمهورية والوزراء والبرلمان ومجلس القضاء الأعلى « للعمل المشترك من اجل ايجاد حل وفق القانون والدستور، بما يضمن تطبيق القانون على الجميع». وأضاف انه «تم البحث ايضاً في ضرورة العمل على اجراء الانتخابات في موعدها المقرر، وإذا كانت هنالك اسباب قانونية تقتضي مدة للتدقيق، نرجو تأجيل القضايا الى ما بعد الانتخابات، وهذا هو جوهر الموضوع». وعلمت «الحياة» انه يجرى البحث في اقتراحات عدة لحل الأزمة، بينها تطوير اقتراح اقرار «وثيقة البراءة من البعث» الذي تقدم به بايدن قبل ايام. وأقر البرلمان تشكيل «هيئة تمييز» تتولى النظر بقرارات «المساءلة والعدالة»، مكونة من سبعة قضاة رشحهم المجلس الأعلى للقضاء.