بعد يومين على إبرام إيران والدول الست المعنية بملفها النووي اتفاقاً نهائياً، التقى وزير الخارجية الأميركي جون كيري نظيره السعودي عادل الجبير لأكثر من ساعة في واشنطن، وأكدا ثبات العلاقة بين الجانبين وطابعها التاريخي، والعمل لتعميق تعاونهما الأمني والاستراتيجي. وحض الجبير إيران على استخدام الفوائد الاقتصادية التي ستجنيها من الاتفاق، لتحسين وضعها الاقتصادي والوضع المعيشي لشعبها، لا «القيام بمغامرات في المنطقة». وأضاف بعد لقائه كيري: «إذا حاولت إيران التسبّب بأذى في المنطقة، فإننا ملتزمون مواجهتها بحزم». وشدد على الحاجة إلى عمليات تفتيش للتحقق من التزام طهران الاتفاق، وإعادة العقوبات إذا انتهكته. وأعلن كيري انه سيزور الخليج في 3 آب (أغسطس) المقبل، وزاد: «سألتقي جميع (قادة) دول مجلس التعاون الخليجي وأطلعهم بالكامل (على الاتفاق) وأجيب عن أي أسئلة لديهم». وأشار الجبير إلى أن اللقاء سيُنظم في الدوحة. وجاء لقاء كيري - الجبير قبل أيام من توجّه وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر إلى الرياض، لمناقشة التعاون الأمني بين الحليفين و «التصدي لزعزعة إيران الاستقرار الإقليمي». وقال مسؤول أميركي ل»الحياة»: «العلاقات السعودية - الأميركية قوية وتاريخية، ونعمل في شكل وثيق ومشترك في شأن أزمات إقليمية، بينها الأزمة في اليمن ومكافحة التطرف وتسوية الأزمة السياسية والإنسانية في سورية». وأضاف أن «واشنطنوالرياض تبحثان دوماً في تعزيز التعاون، ليكون أكثر فاعلية في مواجهة التحديات الإقليمية». وتشهد واشنطن نذر «حرب» بين إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما والكونغرس، اذ أعلن الرئيس الجمهوري لمجلس النواب جون باينر أن «معظم أعضاء» الكونغرس يعارض الاتفاق النووي الذي أُبرِم في فيينا. لكن نانسي بيلوسي، زعيمة الديموقراطيين في مجلس النواب، وصفت الاتفاق بأنه «أفضل خيار ممكن»، مشيرة إلى أنها ستضغط على زملائها لكي يصوتوا لمصلحته. ويمثل الوزير كيري، إلى جانب وزيرَي الخزانة جاكوب ليو والطاقة إرنست مونيز، الخميس المقبل أمام مجلس الشيوخ، لمناقشة الاتفاق النووي. في نيويورك، يستعد مجلس الأمن الاثنين أو الثلثاء المقبلين، للتصويت على مشروع قرار أعدّته الدول الخمس الدائمة العضوية، للمصادقة على الاتفاق، يُطبّق بعد 90 يوماً، أي بعد انتهاء الكونغرس من مراجعته. ويتعهد المجلس في القرار إلغاء قرارات تبنّاها بموجب الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة، تشمل العقوبات المفروضة على إيران والقيود على صادراتها العسكرية. كما يفصّل آليات معقدة لإعادة فرض العقوبات، لكنه يتعهد إلغاء بنود هذا القرار والقرارات السبعة التي سبقته، تلقائياً بعد 10 سنين على تبنّي القرار، منهياً درس الملف النووي لإيران، فور تلقي مجلس الأمن تقريراً من الوكالة الدولية للطاقة الذرية يفيد بأن طهران نفذت التزاماتها. ولكن إذا رفض الكونغرس المصادقة على الاتفاق النووي، يُرجّح أن يمضي مجلس الأمن في تطبيق القرار، ما يعني رفع العقوبات الدولية المفروضة على طهران، لا الأميركية. وأفادت وكالة «فرانس برس» بأن الدول الست وجّهت رسالة إلى الأممالمتحدة تلتزم تمديد آلية لإعادة العقوبات، لخمس سنوات إضافية، «في حال لم تلتزم إيران في شكل ملحوظ التزاماتها» الواردة في اتفاق فيينا. وبعد فترة السنين العشر، يتعهد الأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الامن العمل لإصدار «قرار جديد في المجلس يعيد هذه الآلية طيلة خمس سنوات إضافية». وشهدت القدسالمحتلة سجالاً علنياً بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ووزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند حول الاتفاق النووي. وأعرب نتانياهو قبل لقائه الوزير عن «حيرة» لأن الاتفاق لا يتطرّق إلى تهديد إيران بالقضاء على إسرائيل. وأعلن معارضته رفعاً تدريجياً للعقوبات المفروضة على طهران. ودافع هاموند عن الاتفاق قائلاً: «لم نكن لنوافق عليه، من دون التأكد من أن هناك تدابير متينة تتيح إشرافاً فاعلاً على البرنامج النووي الإيراني. تركيزنا الآن سينصب على التنفيذ السريع والكامل للاتفاق، لضمان أن يبقى السلاح النووي بعيداً من متناول إيران». وأشار إلى انه يتفهم مخاوف نتانياهو، مستدركاً: «كنا دوماً واضحين بأن هذه الصفقة تتمحور حول الملف النووي.» ولفت إلى «وجوب التعامل مع السلوك الإقليمي» لإيران، «في الأشهر والسنوات المقبلة»، وقال مخاطباً رئيس الوزراء الإسرائيلي: «لسنا سذجاً في هذا الصدد».